ان الانسان حين يريد ان يظهر قدر احد يحبه يناديه باحب الاسماء الى قلبه ليظهره فى عيون كل الناس انه ذو مكانه و ذو رفعه و ذو قدر فيعرف الناس له ذالك القدر فيوقروة و يحبوه لعرفانهم بما يوجب ذالك له و هو المقدار العظيم عند من يعظموه لذالك نجد ان الله تعالى و هو رب العزة تعالى عرفنا مكانه رسوله حين نادى جميع الرسل فى القران باسمائهم فقال تعالى ( يا ادم اسكن انت وزوجك الجنه ) و قال ( يا ابراهيم اعرض عن هذا ) و قال ( يا نوح اهبط بسلام منا ) و قال ( و ما تلك بيمينك يا موسى ) الى اخر تلك النداءات القرانيه الصادره عن الذات الالهه للرسل بلفظ قرانى نورانى شريف و لكنه تعالى حين نادى اشرفهم و خاتمهم ناداه بوصف الرساله المشرفه و ناداه بوصف النبوة الخالده فقال ( يا ايها الرسول بلغ ما انزل اليك من ربك و ان لم تفعل فما بلغت رسالته و الله يعصمك من الناس ) و قال تعالى ( يا ايها النبى انا ارسلناك شاهدا و مبشرا و نذيرا و داعيا الى الله باذنه و سراجا منيرا ) و لم يكتفى الله تعالى ببيان قدر النبى العالى و رفعته الساميه بل و علمنا الادب مع النبى و حسن الخلق معه فقال تعالى ( يا ايها الذين امنوا لا تقدموا بين يدى الله و رسوله ) و قال تعالى ( لا ترفعوا اصواتكم فوق صوت النبى و لا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض ) بل وزكى كل من تعلم الادب مع النبى و عامل رسوله المصطفى و نبيه المجتبى بالاخلاق الساميه فقال تعالى ( ان الذين يغضون اصواتهم عن رسول الله اولائك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوا لهم مغفره و اجر عظيم ) بل و لم يكتفى الله تعالى بذالك كله و لكنه سجل تعالى ثناءة على نبيه المصطفى بنفسه تعالى المطهره الزكيه الجامعه لكل الكمال حسبه ان رب العزة بنفسه سجل ثناءه عليه قرانا خالدا حين قال ( و انك لعلى خلق عظيم )
يا مصطفى من قبل نشاة ادم ... و الكون لم يفتح له اغلاق
ايروم مخلوق ثناءك بعدما .... اثنى على اخلاقك الخلاق
و ما كان من قبيل الصدفه ان يفد هذا النبى العظيم المصطفى الكريم الى الحياه و ابوة توفى و هو فى بطن امه كذالك و لم يمهل القدر امه كثيرا فماتت و هو فى مقتبل حياته و كذالك جده عبدالمطلب الذى كفله يتيما يموت هو الاخر و لم يبقى له سوى عمه الذى لم يدخل فى الاسلام لم يكن ذالك كله من قبيل الصدفه و انما الاراده الالهيه العاليه سدت المنافذ امام سماسرة الغزو الفكرى الذين يتبجحون و يشغبون على مقام اطهر نبى مشى على الارض كذالك هذه الاراده الربانيه سدت المنافذ امام اباطرة الغرب الكافر الذين كانوا يسعون فى الارض فسادا وقتها و كذالك سدت المنافذ امام زنادقه قريش و قياسرة الرومان و جحالفه الحبشه بجيوشهم الجراره حين القى عليه طيرا ابابيل ترميهم بحجارة من سجيل فجعلهم كعصف ماكول لم يكن وجود النبى وحده منفردا فى هذا الظلام الدامس وحيدا فريدا بغير اب و لا ام و انما كان ذالك تسجيلا لمقدار هذا النبى العظيم الخاتم و ما كان ذالك كذالك على سبيل الصدفه ان ياتى النبى اميا لا يقرا و لا يكتب و ياتى بكلام يعجز عنه البلغاء و تخر له جباه الفصحاء و يوجب به التحدى للثقلين الانس و الجن معا ان ياتوا بمثله و لو كان بعضهم لبعض ظهيرا
اغر عليه النبوة سيد
عليه من الله تلوح و تشهد
و ضم الاله اسم النبى الى اسمه
اذا قال فى الخمس المؤذن اشهد
و شق له من اسمه ليعزه
فذو العرش محمود و انت محمد
اذا الله خص نبيه محمد دون سائر الرسل بهذه المكانه السامقه و خصه دون غيره من الانبياء بهذه النداءات القرانيه لانه صاحب الرساله الباقيه الخالده الى نهايه العالم لانه هو الذى سيتحمل العلماء رسالته ليكونوا ورثته اذا لماذا و هو صاحب هذه المكانه العاليه الوضائه يتطاول عليه السفهاء و ينال منه الجهلاء و يضطهده اهله ليخرج الى الطائف فى عنجهيه فاجره نعم كانت هناك حكمه الهيه كان الله تعالى فى وسعه و هو على كل شىء قدير ان يرد الاساءه عن رسوله ان يرد الذين تطاولوا على مقامه كان فى وسع الله هذا و لكن الله تعالى اراد ان يقول لعلماء الاسلام الذين هم و رثه نبيه اراد ان يقول للدعاه فى كل الارض اراد يقول لهم بكلمات ظاهره لمن دقق النظر فيها و هى كنجمات حائرات فى ليل غامى يقول لهم
( ايها العلماء ايها الدعاه ان لكم فى النبوة ارثا فتحملوا و الله مع الصابرين )
ابا الزهراء قد جاوزت قدرى بمدحك بيد ان لى انتسابا
فما عرف البلاغه ذو بيان اذا لم يتخذك له كتابا