الحسد نار

**ابو سيف مصطفى عطاالله** · 2 - 1 - 2013, 09:59 PM

لا تشغلنكم دنياكم عن اخرتكم و لا تؤثروا اهواءكم على طاعة ربكم و لا تجعلوا ايمانكم ذريعه الى معاصيكم و حاسبوا انفسكم قبل ان تحاسبوا و مهدوا لها قبل ان تعذبوا و تزودوا للرحيل قبل ان تزعجوا فانما هو موقف عدل و اقتضاء حق و سؤال عن واجب و لقد ابلغ فى الاعذار من تقدم فى الانذار فمن اقتنع استغنى و من ترك الحسد استراح فان الدنيا دار من لا دار له و بها يفرح من لا عقل له فمن حسد غيره على نعمه منقطعه و شهوه فانيه فقد ظلم نفسه و عصى ربه و نسى اخرته و غرته دنياه و ليعلم كل حاسد ان الحسد حرام و هو داء لا دواء له فهو من امراض القلوب الواهيه التى تجره الى امه الهاويه و ليعلم الحاسد ان حسده لا يضر المحسود دنيا و لا دينا اذ لا تزول نعمه ارادها الله تعالى من الانسان بحسد قط و لكن على الحاسد ان يتحسر فهيهات هيهات فان المحسود منتفع بحسد الحاسد لانه مظلوم من جهته لان ابرز حسده له يكون بالغيبه و هتك الستر و تمنى زوال النعمه منه و غيرها من انواع الايذاء و بذالك يكون الحاسد يهدى الى من حسده هدايا عظيمه و لعل اعظمها هى ان الحاسد يعطى من حسده حسنات كثيره لا حد لها و لا حسر فيلقى الحاسد ربه يوم القيامه مفلسا فقد نفذت حسناته و ما بقى معه الا سيئاته محروما من النعم و مستحقا للنقم فقد قال رسول الله فيما رواه الترمذى ( اخاف عليكم داء الامم قبلكم الحسد و البغضاء و هى الحالقه اى التى تحلق الحسنات لا حالقه الشعر ) و قال ( الغل و الحسد ياكلان الحسنات كما تاكل النار الحطب ) و قال ( ليس منى ذو حسد و لا نميمه و لا كهانه و لا انا منه ) فلابد علينا جميعا ان نردع بالترهيب كل حاسد و لابد علينا ان نعظم اجر كل شاكر حامد فالحسد قد يقود الانسان الى فعل الكبائر فضلا عن الصغائر فان الذى حمل ابن ادم على قتل اخاه لا شىء الا انه حسده قال تعالى ( و اتل عليهم نبأ ابنى ادم اذ قربا قربانا فتقبل من احدهما و لم يتقبل من الاخر قال لاقتلنك قال انما يتقبل الله من المتقين ) و سبب ذالك ان حواء كانت تلد فى كل بطن اثنان فكان ادم يزوج انثى كل بطن لذكر بطن اخرى فلما راى قابيل ان زوجة اخيه هابيل اجمل من زوجته حسده عليها فقتله و ليعلم الحاسد انه لا ينال من المجالس الا مذمه و ذلا و لا ينال من الملائكه الا لعنه و بغضا و لا ينال من الخلق الا جزعا و غما و لا ينال عند نزع روحه الا شده و هولا و لا ينال يوم الحشر الا فضيحه و نكالا و كان النبى زكريا عليه السلام يقول قال لى االله تعالى الحاسد عدو لنعمتى متسخط لقضائى غير راضى بقسمتى بين عبادى

الا قل لمن بات لى حاسدا ** أتدرى على من أسأت الادب
أسأت على الله فى فعله ** اذا انت لم ترضى لى ما وهب
فجزاك منه بان زادنى ** و سد عليك وجوه الطلب

و ليعلم انه قد كان رجل من الصالحين يجلس بجانب ملك ينصحه و يعظه فحسده بعض الجهلاء على قربه من الملك و عمل له حيله فاخذ يقول للملك ان الرجل يزعم انك ابخر و الدليل على ذالك انك كلما اقتربت منه يضع ذالك الرجل يده على انفه لئلا يشم رائحه البخر فقال له انصرف فخرج ثم دعا الرجل و اطعمه طعاما به ثوم و بصل فخرج الرجل من عنده و جاء الى الملك مثل عادته فقال له الملك اقترب منى فاقترب منه فوضع الرجل يده على فمه مخافة منه ان يشم الملك رائحه الثوم و البصل منه فقال الملك ما ارى الا صدق ما قاله لى فلان و كان الملك لا يكتب بخط يده الا جائزه او مكافأه فكتب الملك بخط يده لبعض جنوده اذا اتاك حامل كتابى هذا فاذبحه و اسلخه و احشى جلده تبنا و ابعث به لى ثم اعطى الكتاب للرجل فاخذه و خرج فقابله الحاسد فلان فقال ما هذا الكتاب فقال الرجل لقد خط الملك لى بخط يده مكافأه فقال الحاسد اعمل معروف هبه لى فقال الرجل خذه هو لك يا اخى هديه منى فاخذ الحاسد الكتاب و مضى به الى احد الجند فلما قراه الجندى نظر اليه و قال مكتوب فى الكتاب انى اذبحك و اسلخك فقال الحاسد ان هذا الكتاب ليس لى و حلف له ايمانا كثيره فقال الجندى ليس لكتاب الملك مراجعه فذبحه و سلخه و حشا جلده تبنا و بعث به ثم عاد الرجل فى اليوم الثانى الى الملك كعادته و لم يحدث به شىء فتعجب الملك و قال له ما فعلت بالكتاب فقال الرجل لقينى فلان الحاسد فطلبه منى فاعطيته له هديه منى فقال الملك ان فلان هذا قد زكرى انك قولت انى ابخر فقال الرجل كذب ما قلت ذالك فقال الملك فلما تضع يدك على انفك كلما اقتربت منى فقال الرجل ان فلان هذا اطعمنى ثوم و بصل فلما قربت منك كرهت ان تشمه فوضعت يدى على فمى و انفى فقال الملك صدقت ايها الرجل ارجع الى مكانك عندى فانت وزيرى

فتأمل رحمك الله شؤم الحسد فلا تظهر الشماته باخيك فيرحمه الله و يبتليك