بارك الله فيك وفى انتظار المزيد
جامع عمرو بن العاص فى سطور
إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر و أقام الصلاة و آتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين[ سورة التوبة : الآية 18]
صورة لجامع عمرو بن العاص بعد صلاة الجمعة
بعد الفتح الإسلامي لمصر في غرة المحرم سنة 20 هجرية الموافق 8 نوفمبر 641 ميلادية أسس الفاتح الكبير "عمرو بن العاص" مدينة الفسطاط لتكون أول عاصمة إسلامية لمصر، وعندما أرسل له الخليفة "عمر بن الخطاب" - رضى الله عنه - ليبني مسجداً لإقامة شعائر صلاة الجمعة بني "عمرو بن العاص" هذا المسجد الذي سمي باسمه حتى الآن، وكان يعرف أيضاً بمسجد النصر ... والمسجد العتيق ... وتاج الجوامع، فكان بذلك أول مسجد في مصر وإفريقيا والرابع في الإسلام بعد مساجد المدينة (بناه الرسول - صلى الله عليه وسلَّم - في العام الهجري الأول) والبصرة (بناه عقبة بن غزوان - رضى الله عنه - عام 14هـ / 635م) والكوفة (بناه سعد بن أبي وقاص - رضى الله عنه عام 17هـ / 638م)
أشرف علي بنائه أربعة من الصحابة هم:
أبو ذر الغفاري أبو بصرة محمية بن جزء الزبيدي نبيه بن صواب البصريوقام بتحديد القبلة فيه جمهور من الصحابة – رضوان الله عليهم – مـنهم:
ربيعة بن شرحبيل عمر بن علقمة القرشى الزبير بن العوام المقداد بن الأسود عبادة بن الصامت رافع بن مالك أبو الدرداء فضالة بن عبيد الله عقبة بن عامروغيرهم من أجلاء الصحابة الفاتحين، وافتتح بأول صلاة جمعة مباشرة فكان بذلك أول مسجد جامع في مصر والقارة الإفريقية ليخرج منه نور الإسلام والإيمان إلي باقي البلدان.
أنشئ هذا المسجد عام 21هـ / 642م علي أرض كانت حديقة تبرع بها "قيسبة بن كلثوم" وكان يشرف علي النيل، ومساحته وقت إنشائه 50 ذراعاً فى 30 ذراعاً وله ستة أبواب، وظل كذلك حتى عام 53هـ / 672م حيث توالت التوسعات فزاد من مساحته "مسلمة بن مخلد الأنصاري" والي مصر من قبل "معاوية بن أبي سيفان" وأقام فيه أربع مآذن، وتوالت الإصلاحات والتوسعات بعد ذلك علي يد من حكموا مصر حتى وصلت مساحته بعد عمليات التوسيع المستمرة نحو أربعة وعشرين ألف ذراع معماري، وهو الآن120 فى 110أمتار ( أي حوالي 13200 متر ) ويعتبر أقدم أثر إسلامي باق حتى الآن في مصر والقارة الإفريقية.
شهد المسجد أحداثاً جساماً، كما شهد إهمالاً علي مدي تاريخه الطويل أهمها:
الحريق الأول الذي شب عام 275هـ / 888م وقام "خماروية بن أحمد بن طولون" بتجديده وتعميره. الحريق الثاني وكان عام 564هـ / 1168م في عهد "شاور" وزير الخليفة الفاطمي "العاضد" وبعد ذلك بحوالي أربع سنوات أصلحه "صلاح الدين الأيوبي" الزلزال المدمر الذي حدث عام 702هـ / 1302م وقد الحق بالمسجد ضرراً بالغاً فقام بإصلاحه "الناصر محمد بن قلاوون". الزلزال المدمر الثاني الذي هز مصر كلها الاثنين 15 ربيع الثاني 1413هـ / 12 أكتوبر 1992م وأصيبت بعض أعمدته وحوائطه بشروخ وتصدعات وقامت هيئة الآثار المصرية بترميمه. إنهيار خمسين متراً من سور حرم الجامع ليلة الجمعة 13 شوال 1414هـ / 25 مارس 1994م وقامت هيئة الآثار بإقامة سور خرساني بارتفاع ستة أمتار حول الجامع ومرافقه. في يوم الأحد الموافق 5 ذو القعدة 1416هـ / 24 مارس 1996م إنهار 150 متراً من سقف المسجد في الجزء الجنوبي الشرقي بإيوان القبلة، وقد أمر "الرئيس محمد حسني مبارك" بفك إيوان القبلة وإعادة البناء وتصويب الأخطاء المعمارية التي نتجت عن تجديدات "مراد بك" بعد ما عرض عليه الدكتور "عبد الرحيم شحاتة" محافظ القاهرة الحالة السيئة لهذا الإيوان.ويشاع أن القبة الموجودة بالركن البحري الشرقي بالجامع بها قبر الصحابي "عبد الله بن عمرو بن العاص" - رضى الله عنه - وهذا غير موثوق به لأن المؤرخين اختلفوا في مكان دفنه، بل وفي سنة وفاته، ولم يرد ذكر القبر في أقوال المؤرخين والرحالة في العصرين المملوكي و العثماني.
لم يقتصر نشاط المسجد علي أداء الفرائض الدينية منذ إنشاءه .. بل كانت فيه محكمة لفض المنازعات الدينية، وكان به بيت المال.
ويعتبر المسجد أول جامعة إسلامية في مصر وإفريقيا تأسست علي يد الصحابي الكبير "عبد الله بن عمرو بن العاص" - رضى الله عنه - فقد ألقي فيه الإمام الشافعي دروسه عند قدومه لمصر، وبلغ عدد الدارسين فيه أكثر من ألفي طالب في عشر حلقات في النصف الثاني من القرن الرابع الهجري، وكذلك السيدة نفيسة رضي الله عنها .
وقد ذكر "السيوطي" أنه بلغ حسب تقدير بعض المؤرخين أن أكثر من مائة وأربعين صحابياً كانوا أساس "مدرسة مصر الدينية" وهي المدرسة التي كان مركزها "جامع عمرو بن العاص".
وذكر "المقريزي" نقلاً عن "شمس الدين بن الصائغ الحنفي" أنه أدرك بجامع عمرو بن العاص بمصر قبل الوباء في عام 749هـ بعضاً و أربعين حلقة لإقراء العلم لا تكاد تبرح مكانه.
ومن أبرز تلاميذ جامعة وجامع عمرو بن العاص الذين تخرجوا فيه "الليث بن سعد" الذي أصبح بعد ذلك أستاذاً وفقيهاً به ثم صار إماماً .. بل كاد أن يكون صاحب مذهب خامس في الإسلام إلا أن أهله ضيعوه وضاعت مؤلفاته وفتاواه وتفسيره للقرآن الكريم، حيث قال فيه الإمام "الشافعي":
الليث أفقه من مالك إلا أن قومه أضاعوه، وتلاميذه لم يقوموا به
صورة لجامع عمرو بن العاص بعد صلاة الجمعة
وامتداداً لهذا الدور الثقافي والتعليمي للجامع توجد فصول تقوية مجانية ومكتبة بها العديد من أمهات الكتب والمراجع الدينية هذا بخلاف دروس العلماء الأجلاء الدكتور إسماعيل الدفتار خطيب الجامع والشيخ صابر سليمان إمام المسجد والشيخ عبد الحفيظ غزال والشيخ أحمد حسن والشيخ مصطفي اللاهوني والشيخ أحمد تميم والشيخ محمد أبو رواش والشيخ محمد مصطفي كما تعقد الأستاذة سميرة عمار للسيدات درساً في يومي الجمعة والثلاثاء أسبوعياً.
الجمعة الأخيرة من شهر رمضان
نشأ هذا التقليد أيام الدولة الفاطمية .. فقد كان الخليفة الفاطمي يسير بركبه للاحتفال برؤية هلال شهر رمضان ثم يستريح أول جمعة منه، والجمعة الثانية يؤديها في جامع الحاكم، والجمعة الثالثة في الجامع الأزهر، أما الجمعة الرابعة ففي جامع عمرو بن العاص، وظل هذا التقليد متبعاً حتى الآن، حيث يزدحم المسلمون في المسجد بالآلاف، ومنهم من يأتي من مختلف البلدان الأفريقية والآسيوية .
صفات جامع عمرو
عرف الجامع بعدة مسميات منها أهل الراية الأعظم، مسجد الفتح، وجامع عمرو، والجامع العتيق، وجامع مصر، وتاج الجوامع.
كما وصفه ابن دقماق قائلا : "إنه إمام المساجد، ومقدم المعابد .. وقطب سماء الجوامع .. ومطلع الأنوار اللوامع .. ومنزل قلادة البنيان .. وعقيلة بيوت الملك الديان .. وموطن أولياء الله وحزبه .. ومنزل أشياع الدين وصحبه .. طوبى لمن يحافظ على الصلوات فيه، وواظب على القيام بنواحيه، وتقرب منه إلى صدر المحراب، وخر لديه راكعاً وأناب، ومال إليه كل الميل، وجنح إلى حضرته في جنح الليل، وصرف همته لاجتناء ثمرة خيره، وأدرك فضيلة جامعته التي لا تحصل أبدا في غيره".
قالوا عن جامع عمرو بن العاص
"كان يجب أن يكون جامعة أهلية، لأنه "أول مسجد جامع" بنى في مصر، و درسا فيه الشافعي والليث، وكان يجب أن يكون جامعة أهلية على الطريقة الإسلامية .. ولو مبسطة مثل الأزهر القديم.
الشيخ محمد الغزالي
الداعية الإسلامي
***
"كان جامع عمرو بن العاص مركز الإشعاع الوحيد في مصر الذي ينشر العلم ويدعو إلى الإسلام حتى أننا لا نكون مغالين إذا قلنا: إن إسلام الشعب المصري تحقق في ساحة المسجد العظيم – مسجد عمرو بن العاص – فهو لم يكن مجرد مكان لأداء الصلوات .. بل كان أشبه بخلية نحل تعمل داخله كل عناصر الدعوة وتبذل طاقاتها من أجل إسلام أهل مصر واستقرار النصر الذي تحقق بفتح مصر على أرضها، فدخل الناس من بوابة الجامع العتيق في دين الله أفواجاً .. وجاهد الآئمة والدعاة لنشر الإسلام وتعريب لسان أهل مصر تأكيداً للرسالة الحضارية التي حملها الفاتحون المسلمون إلى كل بلد فتحوه، أو بتعبير أدق: أدخلوه في دين الله .. فهو أزهر قبل الأزهر".
الشيخ الدكتور عبد الصبور شاهين
الداعية الإسلامي
***
"إن مسجد عمرو بن العاص مسجد عريق يصل حاضر مصر بماضيها، ومنارة إسلامية، لها أعظم الذكريات وأمجد الآثار الإسلامية والفكرية للدعوة الإسلامية".
الأستاذ الدكتور أحمد عمر هاشم
رئيس جامعة الأزهر الشريف
***
"أعتقد أن هذا المسجد – مسجد عمرو – لم يأخذ حتى الآن حظه من الرعاية كالتي يجب أن يحظى بها وصلاً بحاضره مع ماضيه، وربطاً بدعوة الإسلام الأولى التي نهض بها هذا المسجد عند مشرق الإسلام في مصر، وهذا يدفعنا ألي أن نرحب بأي جهد يبذل في إعادة المسجد إلى مكانته اللائقة التي يعتز بها كل مسلم حينما يرى في هذا المسجد المنارة الشامخة للدعوة والطاعة".
الشيخ محمد عبد الواحد أحمد
وكيل أول وزارة الأوقاف السابق
***
"جامع عمرو بن العاص هو ذلك الأثر الذي يدلنا على فضل الله علينا بأولئك الأقوام من صحابة رسول الله الذين حملوا إلينا الإسلام وكانوا سبباً في نعمة الله علينا بالإسلام .. ثم إن الجامع هو بقعة مؤكدة الزيارة في البركات، لأنها كانت موطئاً لسجدات الصحابة المجاهدين كما كانت موطئاً لمجالسهم، وموطئاً لأقدامهم رضى الله عنهم ورضوا عنه".
الدكتور إسماعيل الدفتار
رئيس قسم الحديث بكلية أصول الدين
وخطيب الجامع
***
"جامع عمرو بن العاص رضى الله عنه قامت فيه جامعة إسلامية منذ بنائه فهو أقدم جامعة إسلامية في العالم".
الدكتور مصطفي الشكعة
الداعية الإسلامي
***
إن الفترة التي قضيتها في جامع عمرو بن العاص كان فيها الجامع كابن لي.
الشيخ عبد الحميد رضوان
خطيب مسجد الإمام الحسين السابق
***
"جامع عمرو بن العاص تاريخ مجيد يذكرنا بالماضي العريق .. ودار عبادة تطوف بها أرواح سلف صالح عظيم، وانطلاقة يمكن أن تؤثر وتوجه وينفعنا الله تعالي بها".
الدكتور عبد الله عبد الشكور
وكيل أول وزارة الأوقاف السابق
***
"اعتبر جامع عمرو مدرسة لأنه أول مسجد بُني في مصر والنافذة التي أطل منها الإسلام علي إفريقيا، والمكان الذي وحد قلوب المصريين، وجمع بينهم وبين أهل إفريقيا جميعاً، لأن الرواد الذين شيدوه أخلصوا لله في أعمالهم، وأدوا واجبهم حق الأداء".
الشيخ منصور الرفاعى عبيد
وكيل وزارة الأوقاف السابق
***
"جامع عمرو بن العاص أول مسجد أنشئ في إفريقيا .. ويعتبر الإطلالة الدينية التي نقلت الإسلام بكل ما فيه من تألق وحضارة إنسانية إلي إفريقيا كما يعتبر بمثابة مركز إشعاع الذي شَعَّ الإسلامُ من أروقته علي مصر بصفة خاصة .. وكل إفريقيا بصفة عامة.
وكان مسجد عمرو بن العاص بكل ما تجمع بأروقته من خيار الصحابة الذين رافقوا عمرو بن العاص وكان بمثابة المدرسة العالية التي نشرت علوم الإسلام في هذه المنطقة".
الدكتور عبد الرشيد سالم
وكيل أول وزارة الأوقاف السابق
***
"وحالياً يعتبر مسجد عمرو قلعة للثقافة والدعوة والإعلام بالإسلام معرفة وعملاً من خلال الأنشطة المتعددة في ساحته سواء علي أعواد منبره أو كرسي الدروس فيه، أو من خلال الأنشطة الاجتماعية المتصلة مباشرة بالحي الذي يحيط به خلال المقرأة ولجنة الزكاة وفصول التقوية وغير ذلك مما يدعم صلة المجتمع المسلم بهذا المسجد العريق".
الشيخ محمود حبيب
وكيل أول وزارة الأوقاف
***
"مسجد عمرو بن العاص هو جامعة إسلامية خَرَّجَتْ الكثير من مفكرى الإسلام علي مدي الحقب الماضية، وما زالت إلي يومنا هذا تبث الفكر الإسلامي الرشيد، وأرى أن تعتبره الدولة المسجد الرسمي لمصر لأنه يليق بهذه المكانة من حيث تاريخه العظيم، ومساحته الرحبة، وعمارته الهندسية التي تشبه إلي حد كبير الحرمين الشريفين، وحسبه أنه أول مسجد بُني في مصر بل في إفريقيا كلها، وأنه رابع مسجد جامع في الإسلام".
الشيخ محمد عبد الفتاح عفيفي
خطيب مسجد النور بالعباسية
جامع أحمد بن طولون
جامع أحمد بن طولون أو جامع الميدان، ثالث جامع أنشئ بمدينة مصر بعد جامع عمرو بن العاص، وجامع العسكر، وأكبرها مساحة.. شيّده الأمير أحمد بن طولون مؤسس الدولة الطولونية الذي ولد في بغداد عام 220 هـ- 835م ونشأ في مدينة "سامراء" بالعراق.
أوفده الخليفة العباسي على رأس جيش إلى مصر لتوطيد أوضاعها، ودخل مصر عام 254هـ- 868م وعمره 34 عاماً، وبعد خمس سنوات من دخوله مصر عهد إليه الخليفة المعتمد بأمر الخراج على مصر والولاية على الثغور الشامية، فاستقل بمصر وأعلن قيام الدولة الطولونية وأنشأ مدينة "القطائع" شمال الفسطاط، وأقام في المدينة قصراً وميداناً للرياضة، وملعباً للصولجان، ومسجداً سميّ باسمه، أشهر ما تبقى من الدولة الطولونية.
أنشأ "ابن طولون" مسجده ليكون مسجداً جامعاً للاجتماع بالمسلمين، وقد تأثر بالأساليب المعمارية العراقية ونقلها إلى مصر، وظهرت تلك المؤثرات من ناحية التصميم والتخطيط والزخرفة، ويوجد بالرواق الشرقي جزء من لوحة رخامية تضمنت اسم المنشئ وتاريخ إنشاء المسجد مكتوبة بالخط الكوفي.
يتكون المسجد من صحن مربع في الوسط، تحيط به أربعة أروقة أكبرها رواق القبلة، ويحيط بالمسجد من الخارج زيادات من ثلاث جهات عدا حائط القبلة، وقد شُيّد المسجد بالطوب الأحمر وتغطيه طبقة سميكة من الملاط، تعلوها طبقة أخرى بيضاء من الجص بها زخارف جميلة محفورة، وتوجد في المسجد زخارف تماثل نظيراتها في مدينة سامراء موطن أحمد بن طولون الأصلي، والنوافذ ذات فتحات معقودة وبها زخارف هندسية ونباتية محفورة على الجص، ومحراب يكتنفه عمودان على شكل تجويف نصف دائري في حائط القبلة، وتوجد على جدرانه قطع رخامية ملونة يعلوها شريط من الزخارف الزجاجية عليه كتابات بخط النسخ.
أما المئذنة فهي متأثرة إلى حد كبير بمئذنة مسجد سامراء المعروفة (بالملوية) ويبلغ ارتفاع المئذنة عن سطح الأرض 40.44 متراً، وتربطها بحائط المسجد الشمالي الغربي قنطرة على عقدين من نوع حدوة الفرس، أما واجهة المسجد الخارجية فهي مأخوذة من تصميم واجهة جامع عمرو بن العاص.
والجدير بالذكر أن هذا المسجد كان يدرّس فيه علوم الطب والفلك والفقه، وعلوم اللغة العربية، وسائر علوم الدين الأخرى.
جامع الأزهر
جامع الأزهر هو من أهم المساجد الإسلامية الكبري في مصر و العالم الإسلامي على الإطلاق. أقامه جوهر الصقلي قائد الخليفة المعز لدين الله الفاطمي ليكون جامعا ومدرسة لتخريج الدعاة الفاطميين, ليروجوا للمذهب الإسماعيلي الشيعي (الشيعة السبعية) الذي كان مذهب الفاطميين. وكان بناؤه في اعقاب فتح جوهر لمصر في 11 شعبان سنة 358 هـ /يوليو 969م. حيث وضع أساس مدينة القاهرة في 17 شعبان سنة 358 هـ لتكون العاصمة ومدينة الجند غربي جبل المقطم . ووضع أساس قصر الخليفة المعز لدين اللَّه وحجر آساس الجامع الأزهر في 14 شعبان سنة 359هـ / 970م.
عمارته
وكان الأزهر أول مسجد جامع أنشئ في مدينة القاهرة, لهذا كان يطلق عليه جامع القاهرة. وكان عبارة عن صحن تطل عليه ثلاثة أروقة، أكبرها رواق القبلة. وكانت مساحته وقت إنشائه تقترب من نصف مساحته الآن. ثم أضيفت له مجموعة من الأروقة ومدارس ومحاريب ومآذن، غيرت من معالمه, عما كان عليه من قبل. و أول عمارة له قام بها الخليفة الفاطمي الحافظ لدين الله. عندما زاد في مساحة الأروقة, وأقام قبة جصية منقوشة نقشا بارزا. وفي العصر المملوكي عنى السلاطين المماليك به, بعدما كان مغلقا في العصر الأيوبي. بعده قام الأمير عز الدين أيدمر بتجديد الأجزاء التي تصدعت منه. وضم ما اغتصبه الأهالي من ساحته. واحتفل فيه بإقامة صلاة الجمعة في يوم (18 ربيع الأول سنة 665هـ/19 من نوفمبر 1266م). و في عهد السلطان المملوكي الناصر محمد بن قلاوون, أنشأ الأمير علاء الدين طيبرس أمير الجيوش المدرسة الطيبرسية سنة (709هـ - 1309م)، وألحقها بالجامع الأزهر. وأنشأ الأمير علاء الدين آقبغا من أمراء السلطان الناصر محمد بن قلاوون سنة (740هـ/1340م) المدرسة الأقبغاوية على يسار باب المزينين (الباب الرئيسي للجامع )وبها محراب بديع، و منارة رشيقة. أقام الأمير جوهر القنقبائي خازندار السلطان المملوكي الأشرف برسباي المدرسة الجوهرية في الطرف الشرقي من الجامع. وتضم أربعة إيوانات. أكبرها الإيوان الشرقي وبه محراب دقيق الصنع، وتعلو المدرسة قبة منقوشة. و قام السلطانالمملوكي قايتباي المحمودي في عهد المماليك الجراكسة بهدم الباب بالجهة الشمالية الغربية للجامع. وأقام على يمينه سنة (873هـ/1468م) مئذنة رشيقة من أجمل مآذن القاهرة، ثم قام السلطان المملوكي قانصوه الغوري ببناء المئذنة ذات الرأسين، وهي أعلى مآذن الأزهر. و تعتبر طرازا فريدا من المآذن بالعمارة المملوكية.
وكان عبد الرحمن كتخدا قد أضاف سنة (1167هـ/1753م) مقصورة جديدة لرواق القبلة يفصل بينها وبين المقصورة الأصلية قوائم من الحجر ترتفع عنها ثلاث درجات، وبها ثلاثة محاريب. وفي الواجهة الشمالية الغربية التي تطل حاليا على ميدان الأزهر أقام كتخدا بابا يتكون من بابين متجاورين، عرف أحدهما بباب المزينين لأن المزينين (الحلاقين) كانوا يجلسون أمامه. والثاني أطلق عليه باب الصعايدة و بجوارهما مئذنة لا تزال قائمة حاليا. ويؤدي البابان إلى رواق الصعايدة أشهر أروقة الأزهر. وسمي بالصعايدة, لأن الطلاب الصعايدة كانوا يقطنون بالرواق.
وفي عهد الخديوي عباس حلمي الثاني, جددت المدرسة الطيبرسية في (شوال 1315 هـ /1897م). وأنشأ رواقًا جديدًا يسمي بالرواق العباسي نسبة إليه، وهو أكبر الأروقة. وجدد الجامع تماما بعد حادث الزلزال
تاريخ الأزهر
استغرق بناء الجامع عامين. وأقيمت فيه أول صلاة جمعة في 7 رمضان 361 هـ/972م. وقد سمي بالجامع الأزهر نسبة إلى السيدة فاطمة الزهراء التي ينتسب إليها الفاطميون. وفي سنة 378هـ/988م جعله الخليفة العزيز بالله جامعة يدرس فيها العلوم الياطنية الإسماعيلية للدارسين من أفريقيا وآسيا. وكانت الدراسة بالمجان. وأوقف الفاطميون عليه الأحباس للإنفاق منها على فرشه وإنارته وتنظيفه وإمداده بالماء، و رواتب الخطباء والمشرفين والأئمة والمدرسين والطلاب. وبعدما تولي صلاح الدين سلطنة مصر منع إقامة صلاة الجمعة به وجعله جامعا سنيا. وأوقفت عليه الأوقاف وفتح لكل الدارسين من شتي أقطار العالم الإسلامي. وكان ينفق عليهم ويقدم لهم السكن والجراية من ريع أوقافه. وكانت الدراسة والإقامة به بالمجان. وللأزهر فضل كبير في الحفاظ علي التراث العربي بعد سقوط الخلافة العباسية في بغداد وعلى اللغة العربية من التتريك واللغة التركية أيام الإحتلال العثماني لمصر سنة 1517م وأيام محمد علي باشا سنة 1805. وكان للأزهر مواقفه المشهودة في التصدي لظلم الحكام والسلاطين المماليك لأن علماءه كانوا أهل الحل والعقد أيام المماليك. ففي سنة 1209هـ/1795م، يروي الجبرتي في يومياته بأن أمراء مماليك إعتدوا على بعض فلاحي مدينة بلبيس فحضر وفد منهم إلى الشيخ عبد الله الشرقاوي وكان شيخا للأزهر وقتها. وقدموا شكواهم له ليرفع عنهم الظلم. فغضب وتوجه إلى الأزهر, وجمع المشايخ. وأغلقوا أبواب الجامع. وأمروا الناس بترك الأسواق والمتاجر. واحتشدت الجموع الغاضبة من الشعب. فأرسل إبراهيم بك شيخ البلد لهم أيوب بك الدفتردار، فسألهم عن أمرهم. فقالوا: نريد العدل ورفع الظلم والجور وإقامة الشرع وإبطال الحوادث والمكوسات (الضرائب)، وخشي زعيم الأمراء مغبة الثورة فأرسل إلى علماء الأزهر يبرىء نفسه من تبعة الظلم، ويلقيها على كاهل شريكه مراد بك. وأرسل في الوقت نفسه إلى مراد يحذره عاقبة الثورة. فاستسلم مراد بك ورد ما اغتصبه من أموال، وأرضى نفوس المظلومين. لكن العلماء طالبوا بوضع نظام يمنع الظلم ويرد العدوان. و اجتمع الأمراء مع العلماء. وكان من بينهم الشيخ السادات والسيد عمر مكرم والشيخ الشرقاوي والشيخ البكري والشيخ الأمير. و أعلن الظالمون أنهم تابوا والتزموا بما اشترطه عليهم العلماء. وأعلنوا أنهم سيبطلون المظالم والضرائب والكف عن سلب أموال الناس والإلتزام بإرسال صرة مال أوقاف الحرمين الشريفين والعوائد المقررة إليهم وكانوا ينهبونها. وكان قاضي القضاة حاضراً. فكتب على الأمراء وثيقة أمضاها الوالي العثماني وإبراهيم بك ومراد بك شيخا البلد.
الأزهر والاحتلال الفرنسي لمصر
عندما غزا الفرنسيون مصر بقيادة نابوليون بونابارت عام 1798م أشعل علماء الأزهر الثورة ضدهم من داخل الأزهر الشريف والتي عرفت بثورتي القاهرة الأولى والثانية بعدما دخلت قواته بالخيول صحن الأزهر. وألقت بالمصاحف وعاثت فيه إفسادا. وضرب الجامع بالمدافع من فوق القلعة. وكانت هذه الواقعة قد عجلت بإنسحاب الفرنسيين من مصر. وفي عام 1805م استطاع علماء الأزهر أن يفرضوا على الخليفة العثماني الوالي محمد على باشا ليكون واليا علي إيالة مصر العثمانية, بعد أن أخذوا عليه المواثيق والعهود بأن يقيم العدل بين الرعية.
جامع الأزهرشهد الأزهر أول حلقة درس تعليمي عندما جلس قاضي القضاة أبو الحسن علي بن النعمان في (صفر 365 هـ/أكتوبر [[]]975م) ليقرأ مختصر أبيه في فقه آل البيت. ثم قام الوزير يعقوب بن كلس الفاطمي بتعيين جماعة من الفقهاء للتدريس و أجري عليهم رواتب مجزية، وأ قام لهم دوراً للسكن بجوار المسجد. وكان يطلق عليهم المجاورون وبهذا اكتسب الأزهر لأول مرة صفته العلمية بإعتباره معهداً للدراسة المنظمة. وظل الأزهر علي هذا المنوال من تدريس الفقه الشيعي وتعليم وتأهيل دعاة مذهب الفاطميين. حتي توقفت الدراسة به تماما في العصر الأيوبي لأن الأيوبيين كانوا يعملون على إلغاء المذهب الشيعي، وتقوية المذهب السني بإنشاء مدارس لتدريس الحديث والفقه كما كان متبعا في جامع عمرو بالفسطاط أيام الفاطميين. و قل الإقبال على الأزهر. لكنه استرد مكانته في العصر المملوكي بعدما أصبح تدرس فيه الفقه والمذاهب السنية فقط. فشهد إقبالا وازدحم بالعلماء والدارسين، وبحلقات العلم التي كانت تضم العلوم الشرعية واللغوية من فقه وحديث وآداب وتوحيد ومنطق وعلم الكلام. وعلم الهيئة والفلك والرياضيات كالحساب والجبر والهندسة. وكان الطالب يلتحق بالأزهر بعد أن يتعلم القراءة والكتابة ومبادئ الحساب وحفظ القرآن دون التزام بسن معينة ليتردد على حلقات العلماء ويختار ما يريد من العلماء القائمين على التدريس. وكان الطالب غير ملتزم بالانتظام في الدراسة؛ فقد ينقطع عنها لفترة ثم يعاودها. ولم تكن هناك لوائح تنظميمية تنظم سير العمل أو تحدد المناهج والفرق الدراسية وسنوات الدراسة. والطالب لو أصبح مؤهلا للتدريس والجلوس موقع الشيوخ استأذنهم وقعد للدرس. فإذا لم يجد فيه الطلاب ما يرغبون من علم، انفضوا عنه وتركوا حلقته، أما إذا التفوا حوله، ولزموا درسه، ووثقوا فيه، فتلك شهادة بصلاحيته للتدريس. بعدها يجيزه شيخ الأزهر. فيحصل علي شهادة الإجازة في التدريس. وظل هذا النظام متبعا حتى الخديوي إسماعيل عندما أصدر أول قانون للأزهر سنة (1288 هـ/1872م) لتنظيم حصول الطلاب على الشهادة العالمية، وحدد المواد التي ييمتحن فيها الطالب بإحدى عشرة مادة دراسية شملت الفقه والأصول والحديث والتفسير والتوحيد والنحو والصرف والمعاني والبيان والبديع والمنطق. و طريقة الامتحان بأن يقوم الطالب بالجلوس فوق أريكة المدرس، والممتحنون أعضاء اللجنة يتحلقون حوله في وضع الطلبة. فيلقي الطالب درسه. ويقوم الشيوخ بمناقشته في مختلف فروع العلم. وقد يستمر الامتحان لساعات طويلة لا تقطعها اللجنة إلا لتناول طعام أو لأداء الصلاة. حتى إذا اطمأنت من تمكن وتاهيل وحفظ الطالب أجازته وأعطته درجات لتحديد مستواه. فالدرجة الأولى تمنح للطالب الذي يجتاز جميع المواد أو معظمها، والدرجة الثانية للذي يقل مستواه العلمي عن صاحب الدرجة الأولى، ولا يسمح له إلا بتدريس الكتب المتوسطة، أما الدرجة الثالثة فحاملها لا يُسمح له إلا تدريس الكتب الصغيرة للمبتدئين. ومن كان يرسب في الامتحان فكان يمكنه إعادة الإمتحان مرة أخرى أو أكثر دون التزام بعدد من المحاولات. ويحق لمن حصل على الدرجة الثانية أو الثالثة أن يتقدم مرة أخرى للحصول على الدرجة الأعلى. وفي عهد الخديوي عباس حلمي الثاني صدر قانون سنة (1314 هـ/1896م) لتطوير الأزهر. وقد حدد القانون سن قبول التلاميذ بخمسة عشر عاما مع ضرورة معرفة القراءة والكتابة، وحفظ القرآن وحدد المقررات التي تُدرس بالأزهر مع إضافة طائفة جديدة من المواد تشمل الأخلاق ومصطلح الحديث والحساب والجبر والعروض والقافية والتاريخ الإسلامي والإنشاء ومتن اللغة ومبادئ الهندسة وتقويم البلدان. وأنشأ هذا القانون شهادة تسمى "الأهلية" يتقدم إليها من قضى بالأزهر ثماني سنوات ويحق لحاملها شغل وظائف الإمامة والخطابة بالمساجد، وشهادة أخرى تسمى "العالمية"، ويتقدم إليها من قضى بالأزهر اثني عشر عاماً على الأقل، ويكون من حق الحاصلين عليها التدريس بالأزهر.
وصدر المرسوم الملكي رقم 26 لسنة 1936م بشأن إعادة تنظيم الأزهر والهيئات التي يشملها للقيام على حفظ الشريعة الإسلامية وأصولها وفروعها واللغة العربية وعلى نشرها, وتخريج علماء يوكل إليهم تعليم علوم الدين واللغة بالمعاهد والمدارس. وحدد المرسوم اختصاص هيئة كبار العلماء وقصر كليات الأزهر على ثلاث هي: كلية الشريعة و كلية أصول الدين و كلية اللغة العربية. كما حدد دور المعاهد الأزهرية في تزويد الطلاب بثقافة عامة في الدين واللغة، وإعدادهم لدخول كليات الأزهر دون غيرها.
وفي عام 1956م قام الرئيس جمال عبد الناصر فوق منبر الأزهر ليعلن القتال ضد العدوان الثلاثي ( بريطانيا وفرنسا وإسرائيل). وصدر القانون رقم 103 لسنة 1961م بشأن إعادة تنظيم الأزهر والهيئات التابعة له. فنص: الأزهر هو الهيئة العلمية الإسلامية الكبرى التي تقوم على حفظ التراث الإسلامي ودراسته وتجليته ونشره، وتحمل أمانة الرسالة الإسلامية إلى كل الشعوب، وتعمل على إظهار حقيقة الإسلام وآثره في تقدم البشر ورقي الحضارة، وكفالة الأمن والطمأنينة وراحة النفس لكل الناس في الدنيا والآخرة. كما تهتم ببعث الحضارة العربية والتراث العلمي والفكري للأمة العربية وإظهار أثر العرب في تطور الإنسانية وتقدمها، وتعمل على رقي الآداب وتقدم العلوم والفنون وخدمة المجتمع والأهداف القومية والإنسانية والقيم الروحية، وتزويد العالم الإسلامي والوطن العربي بالمختصين وأصحاب الرأي فيما يتصل بالشريعة الإسلامية والثقافية الدينية والعربية ولغة القرآن. وتخريج علماء عاملين متفقهين في الدين، يجمعون إلى الإيمان بالله والثقة بالنفس وقوة الروح، كفاية علمية وعملية ومهنية لتأكيد الصلة بين الدين والحياة، والربط بين العقيدة والسلوك. وتأهيل عالم الدين للمشاركة في كل أسباب النشاط والإنتاج والريادة والقدوة الطيبة، وعالم الدنيا للمشاركة في الدعوة إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة. كما تهتم بتوثيق الروابط الثقافية والعلمية مع الجامعات والهيئات الإسلامية والعربية والأجنبية. ومقره القاهرة، ويتبع رياسة الجمهورية". و أوضحت المادة الثانية من القانون رقم 103 لسنة 1961م ملامح الأزهر الجديد، وأنه يعيش بالإسلام في واقع المجتمع، وينفث روح الدين في شتى مجالات العمل في الدنيا، ويأخذ مكانه في العالم من خلال هذا الدور الذي يربط علوم الدين بالدنيا، و نصت على: يرأس الأزهر الشريف الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر. وقد وضع القانون المشار إليه اختصاصات شيخ الأزهر فنصت المادة (4) على الآتي: شيخ الأزهر الإمام الأكبر وصاحب الرأي في كل ما يتصل بالشؤون الدينية والمشتغلين بالقرآن وعلوم الإسلام، وله الرياسة والتوجيه في كل ما يتصل بالدراسات الإسلامية في الأزهر وهيئاته، ويرأس المجلس الأعلى للأزهر".
وحاليا جامع الأزهر كمسجد يتبع وزارة الأوقاف ولا يتبع مشيخة الأزهر.
مسجد سليمان أغا السلحدار
مسجد سليمان أغا السلحدار 1253-1255 هجرية = 1837-1839م. يقع هذا المسجد بشارع المعز لدين الله على يسار السائر به إلى باب الفتوح، أنشأه الأمير سليمان أغا السلحدار فى عهد المغفور له محمد على باشا الكبير، شرع فى إنشائه سنة 1253 هجرية = 1837م وأتمه فى سنة 1255 هجرية = 1839م وهو مبنى على الطراز العثمانى البحت وملحق به مدرسة وسبيل. والوجهة الرئيسة المشرفة على شارع المعز لدين الله تشتمل على وجهات المسجد والمدرسة والسبيل، ويتوصل بها عند نهايتها القبلية بوابة مقامة على مدخل حارة برجوان، وجميعها مبنية بالحجر وتنتهى من أعلى برفرف خشبى محلى بزخارف بارزة. ويكسو وجهة السبيل رخام أبيض مدقوق به زخارف وكتابات ولنوافذه شبابيك من البرنز المصبوب بزخارف مفرغة، والمنارة كسائر المنارات العثمانية أسطوانية الشكل ولها دورة واحدة وتنتهى بمسلة مخروطية. ويؤدى المدخل إلى طرقة يصعد الإنسان منها ببضع درجات إلى الصحن مسقوف بوسطه شخشيخة تكتنفه أربعة أروقة عقودها محمولة على أعمدة رخامية، وبوسط الجنب الشرقى منه باب يؤدى إلى المسجد، وهو عبارة عن حيز مربع محمول سقفه على صفين من العقود يتكون كل منهما من ثلاثة عقود محمولة على عمودين من الرخام، وبصدر حائط القبلة محراب من الرخام الأبيض إلى جواره منبر خشبى بسيط وعلى امتداد الحائط المقابل لحائط القبلة تقوم دكة المبلغ وتتألف من شرفة خشبية.
مسجد الرفاعى 1329 هجرية = 1911م
يقع هذا المسجد فى مواجهة مسجد السلطان حسن على يسار الطالع إلى القلعة، فى مكان كانت تشغل جزءا منه زاوية الرفاعى، وفى سنة 1286 هجرية = 1869م أمرت المغفور لها الأميرة خوشيار والدة الخديو إسماعيل بهدم هذه الزاوية والأبنية المجاورة لها بعد أن اشترتها لإقامة مسجد كبير مكانها يلحق به مدفن لها ولسلالتها وضريحان للشيخ على أبى شباك الرفاعى والشيخ عبد الله الأنصارى ممن كانوا مدفونين بالزاوية المذكورة، فقام حسين باشا فهمى المعمار وكيل ديوان الأوقاف فى ذلك الوقت بوضع تصميم المسجد، وأشرف على التنفيذ خليل أغا، واستمر العمل حتى ارتفع البناء نحو مترين عن سطح الأرض ثم أوقفت عندما رؤى إدخال بعض تعديلات على التصميم. وفى سنة 1885م توفيت الأميرة خوشيار ودفنت فى ضريحها الواقع بالجزء البحرى للمسجد، وعندما توفى الخديو إسماعيل دفن مع والدته. وفى سنة 1905 عهد المغفور له الخديو عباس الثانى إلى هرتس باشا باشمهندس لجنة حفظ الآثار العربية وقتئذ بتكملة المسجد فاتبع تصميم حسين باشا المعمار على قدر المستطاع وأبقى على فكرته الأصلية وهى إنشاء بناء ضخم يتناسب مع ضخامة مسجد السلطان حسن، أما أعمال الزخرفة فقام بتصميمها هرتس باشا واستمر العمل فيه إلى أن تم فى آخر سنة 1911م. ووجهات المسجد شاهقة مرتفعة تحليها صفف عقودها محمولة على أعمدة وتتوجها شرفات مورقة وبهذه الصفف من أسفل شبابيك من النحاس الجميل التصميم تعلوها شبابيك من الجص المفرغ. وقد روعى فى تصميم الوجهات التماثل التام على عكس المساجد المملوكية التى كان أغلبها يبنى بدون أن يقيم مهندسوها وزنا للتماثل بين أجزاء وجهاتها. ولهذا المسجد ثلاثة مداخل أحدها الواقع فى منتصف الوجهة الغربية - الباب الملكى- وهو مدخل مرتفع تكتنفه أعمدة وتغطية قبة ذات مقرنصات جميلة ويكسو جوانبه وأعتابه رخام مختلف الألوان. والمدخلان الآخران يقعان فى الوجهة القبلية ويكتنفها برجان أقيم عليهما مئذنتان بنيتا على طراز المآذن المملوكية. وقد بنى هذا المسجد على رقعة مستطيلة من الأرض خصص الجزء الأوسط منها تقريبا للصلاة وخصص باقى المساحة للمداخل والمدافن وملحقاتها. والقسم المخصص للصلاة عبارة عن مربع تغطيه قبة ذات مقرنصات جميلة محمولة على أربعة عقود مرتكزة على أربعة أكتاف بأركان كل منها أربعة أعمدة رخامية تيجانها منقوشة ومذهبة، ويحيط بهذه القبة ويغطى باقى مسطح المسجد أسقف خشبية حليت بنقوش مذهبة جميلة كما حليت بواطن العقود بزخارف منوعة. وكسيت الحوائط والأكتاف بالألبستر والرخام المختلف الألوان المحلى بزخارف عربية بديعة، وبوسط الجدار الشرقى محراب كبير كسى بالرخام الملون الدقيق، وإلى جانبه منبر خشبى دقيق الصنع طعمت حشواته بالسن والأبنوس، ونقشت مقرنصات بابه وخوذته بالنقوش المذهبة. ويضاء المسجد بالثريات المصنوعة من النحاس المفرغ بزخارف جميلة وبالمشكاوات الزجاجية المشغولة بالمينا والتى صنعت خصيصا له. وعلى العموم فهذا المسجد من الداخل يعتبر من أغنى المساجد زخرفة ونقشا فقد عنى مهندسه بتجميله وزخرفته عناية فائقة بحيث أصبح بالصورة التى نشاهدها الآن. ومدفون به عدا الشيخين الآنفى الذكر، المغفور لها الأميرة خوشيار مؤسسة المسجد والمغفور لهم الخديو إسماعيل والسلطان حسين كامل والملك فؤاد وغيرهم من أزواج الخديو إسماعيل وأولاده. ويعلو المقابر مجموعة رائعة من التراكيب الرخامية الجميلة التى صنعت من أفخر أنواع الرخام، وبلغت فيها دقة الصناعات شأوا رفيعا.
بجد موضوع رائع جدا يا وليد
ومجهود اروع
سلمت وسلمت يداك يا رب
لك اطيب تحياتى وامنياتى
ومتابع معاك....
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 2 (0 من الأعضاء و 2 زائر)