الحمد لله وكفي
وسلام علي عباده الذين اصطفي
ذكر العلماء أن لـ لا إله إلا الله سبعة شروط، وقيل: ثمانية،
الشرط الأول العلم دليله قول الله تعالى: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ
فالذي يقول لا إله إلا الله ولكنه لا يعلم معناها ولا يدري ما مدلولها قد يقع في الشرك، قد يجعل مع الله آلهة أخرى فيفسد عليه عبادته ويفسد عليه توحيده
فتستدعي كلمة لا إله إلا الله صرف جميع أنواع العبادة لله وحده، والعبادة هي التعبد لله تعالى والتقرب إليه بكل أنواع القربات، هذا حقيقة العبادة واشتقاقها من التعبد الذي هو التذلل،
هذا حق الله، واجتنبوا الطاغوت أي: اتركوا كل ما يعبد من دون الله فإنه يسمى طاغوتا، والطواغيت الأصنام ونحوها ويقول تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ
أي اجعل إلاهيتك كلها لله ولا تجعل منها شيئا لغير الله فتكون من المعذبين،
وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ هذا حقيقة الدعاء.
الدعاء هو: سؤال الله وحده، والطلب منه، والصد بالقلب عن غيره، كما في قول الله تعالى: فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ هذا هو حقيقة هذا الشرط الذي هو العلم بمعنى لا إله إلا الله
والشرط الثاني: اليقين، وذلك لأن هناك من يقول لا إله إلا الله ولكنه شاك في صحة ما تدل عليه، فمثل هؤلاء أيضا ما صدقوا ولا تنفعهم مع الشك، الذي يشك معنى أنه يتردد، هل معناها صحيح هل الإلهية كلها لله أم هناك من يصلح أن يدعى وأن يصلح له شيء من العبادة؟
فإذا كان شاكًّا فإنه لا تنفعه لا إله إلا الله قال الله تعالى: فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِمَّا يَعْبُدُ هَؤُلَاءِ أي أيقن بأن عباداتهم ضالة ويقول تعالى عن المنافقين فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ ريبهم يعني شكهم؛ لأنهم شكوا في حقيقة التوحيد، في حقيقة معنى لا إله إلا الله فقد يقولونها، ولكن لا يجزمون بصحة ما تدل عليه،
الشرط الثالث الإخلاص أي: إخلاص العبادة لله، فالذين يقولون لا إله إلا الله ويعلمون ما تدل عليه ويستيقنون بأنها صحيحة وأن الإلهية حق الله ولا تصح لغير الله ولكنهم مع ذلك لا يخلصون الدين لله فهؤلاء مشركون،
الخوف حق الله، قال تعالى: فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ الرجاء لله قال الله تعالى: وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا التوكل حق الله قال تعالى: وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ أي: لا تتوكلوا إلا عليه، الخشوع لله قال تعالى: وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ الرغبة والرهبة لله قال تعالى: وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ وقال تعالى: وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ أي: لا ترهبوا إلا من الله كذلك الخشية قال تعالى: فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ .
الإخلاص عزيز ولذلك جعل من شروط لا إله إلا الله دليله قول النبي صلى الله عليه وسلم: من قال لا إله إلا الله مخلصًا أو خالصًا من قلبه .
كذلك من شروط لا إله إلا الله الصدق،
علامة المصدق أن تراه مصدقًا يعمل بلا إله إلا الله ويحققها ويصدق في العمل بها، وعلامة المكذب أنك تجده مترددًا أو تجده غير محقق للعبادة، من شروط لا إله إلا الله المحبة، محبة الله لأنه إله العالمين:
يعني يحب الله تعالى بكل قلبه، ويحب النبي- صلى الله عليه وسلم- ويقدم محبة الله ومحبة نبيه على محبة كل مخلوق.
ولذلك قال الله تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ .
يقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب دل هذا على أنهم يحبون الله حبًّا شديدًا يعني يحبون أندادهم كحب الله يعني كحبهم لله، حب الله وحب الأنداد في قلوبهم على حد سواء، ولا شك أن المؤمنين أقوى محبة؛ لأن هؤلاء جعلوا محبتهم قسمين قسمًا للآلهة وقسمًا لله، وأما المؤمنون فإن القسمين كلها جعلوها لله
فالذين يعصون الله محبتهم ناقصة قاصرة؛ لأن من يحب الله يطيعه،
من شروط لا إله إلا الله الانقياد لأوامر الله تعالى، ذكرنا المثل الذي يقول: مثل المؤمن كمثل الجمل الأنف، إن قيد انقاد وإن أنيخ ولو على صخرة استناخ، يعني الانقياد هو الطواعية فالذي يقول لا إله إلا الله ينقاد لها فإذا قيل من حقوق لا إله إلا الله أن تحب الله، من حقوق لا إله إلا الله أن تحب أولياء الله، من حقوق لا إله إلا الله أن تصلي، من حقوق لا إله إلا الله أن تزكي، من حقوق لا إله إلا الله صيامك وصدقتك ودعوتك إلى الله وجهادك في سبيل الله، من حقوق لا إله إلا الله أن تترك الفواحش ما ظهر منها وما بطن، إذا قيل له ذلك فإنه يستسلم وينقاد ويقول أهلًا وسهلًا بأمر ربي، لا أعصي الله تعالى ولا أتكبر
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)