إحمني يا أبتي
إحمني يا أبتي فانيِّ خائفٌ
فرائحة الموت ِ
مني تقترب
لستُ أدري ،يا أبتي ما السبب
قلبي قد أصابه الوهن و الهلعُ
و جسدي من رصاص الغدر
يا أبتي ارتعب
دمعي المنهمرُ على وجنتيَّ يخبرني
يا بنيَّ،الموت عليك قد كتب
لا أريد الموتَ فأنا ما زلت طفلٌ....
و أحلامي فتية...
فبأي حق،هذه الأحلام مني تغتصب
إحمني و أعدني يا أبتي سريعاً
لحضن أمي
فهي تبكي،لا بل تنتحب
وداعاً يا أبتي،فإني أرى ما لا تراهُ
و أسمع ما لا تسمعُ...
فمماتي اليوم يا أبتي حياةٌ
فاصبر
و عند الله فاحتسب
هاهي جنان الله قد شُرِّعت و استبشرت
و أراني يا أبتي أقترب....
..........................
يا بنيَّ التمس منك السماحَ
فأنا يا قرةَ عيني ، كما تراني أعزل
لم أستطع ردع العصاةِ و لم أزل
أدافع عنك و ارتجي و أستبسل
لاحول لدي و لا قوةٌ ترتجى
في ظلِّ رصاص الغدر المسترسل
بنيَّ ، سامحني ، فلا معتصمٌ هنا فأنادي
فبربك قلي ماذا تراني أفعلُ؟
فشرفُ الشهادة لا محالة قادمٌ
و هاهو العدو قد أصاب منكَ المقتلُ
أين مني ضمائرٌ كنت أحسبها تعاني
أتراها الآن يا بني تخجلُ؟
هاهي العوراتُ انكشفت و لاحت
فلا استحياءَ في هذا الزمان الأخبلُ
........................
عُذراً أبا محمد ، فالنفس كئيبة
و الأمر مخجلٌ قاسٍ حزين
تركناك وحدك أعزلٌ...
وَجلُ الفؤاد بلا معين...
قست القلوبُ،و أصبحنا حيارى
أنشجُبُ الأن أم ندين؟
طفلٌ يصيحُ من خوفٍ و من رعبٍ
و نحن جلوسٌ
ننظر الأمر المُمهين....
ما الذي تغير فينا لست أدري؟
فكأن على مشاعرنا القيد الدفين
نقول الحق على استحياءٍ و خوفٍ
نعم يا سيدي أمرٌ مشين
كم شهيدٌ سقت دمائه الأرض سُقيا
و نحن ننظر الموتَ...
و نسمعُ يا سيدي ذات الأنين
فلا و ربكَ ما اختلفت أمورٌ
فنحن ،كما ترى
على الكلام لقادرين
عذراً يا سيدي و ألف عذرٍ
فقلوبنا قد ماتت..من سنين...
غسان عدنان كتبي