اخى الفاضل
أحيك على الموضوع بارك الله فيك وفى والديك
الأسباط في القرآن
يعد الوحي دليلا أساسيا من دلائل النبوة ، ولو نظرنا في آيات القرآن الكريم لوجدنا عدد (56) تكرارا لكلمة "أُنزل" بمشتقاتها . . . بينما نجد (11) تكرارا فقط لكلمة "أوحى" بمشتقاتها . . . أما كلمة الأسباط (موضوع هذا البحث) فقد جاءت لفظة "الأسباط" (4) مرات كالتالي :
( أ ) آيات الأسباط :
1.
قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ {136} البقرة .
2.
أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطَ كَانُواْ هُوداً أَوْ نَصَارَى قُلْ أَأَنتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللّهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَتَمَ شَهَادَةً عِندَهُ مِنَ اللّهِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ {140} القرة .
3.
قُلْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ {84} آل عمران .
4.
إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً {163} النساء .
أما كلمة "أسباطا" فقد جاءت مرة واحدة في قوله تعالى : (وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطاً أُمَماً وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَـكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ {160} الأعراف .
وبالنظر في الآيات الأربع السابقة نجد أن الأسباط في الآية الأولى قد أنزل إليهم . . . يفهم ذلك من سياق الآية أولا ومن واو العطف ثانيا حيث أن الأسباط معطوفة على من قبلها من الأنبياء الذين أنزل إليهم ، كذلك في الآية الثانية نجد أن كلمة الأسباط معطوفة على من قبلها من الأنبياء إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ونجد في الآية الثالثة ذكر الأسباط معطوفة على الأنبياء ويوصينا الله تعالى بالإيمان بالله ويخبرنا بالإنزال إلى هؤلاء الأنبياء وبعدم التفريق بين أحد منهم ، وفي الآية الرابعة يخبرنا الله تعالى بالوحي إلى الرسول والأنبياء وكذلك الأسباط . . ومن ذلك نستنتج أن الأسباط من الأنبياء الذين أوحي إليهم ويجب أن يدخلوا في ترتيب الأنبياء حيث أننا لم نجد لهم ترتيبا في شجرة الأنبياء المعروفة وذلك ينافي قوله تعالى (قُلْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ {84} آل عمران .
(ب) الدليل الرياضي على إضافة الأسباط إلى شجرة الأنبياء
إذا نظرنا إلى شجرة الأنبياء المعروفة سابقا (قبل هذه الدراسة) - جدول (1) - نلاحظ الآتي :
1.
أنه لم يرد ذكر الأسباط في هذا الجدول الخاص بشجرة الأنبياء المعروفة . . وبذلك يكون عيسى عليه السلام هو النبي رقم 24 .
2.
أما بإضافة الأسباط جدول (2) نلاحظ أن عدد الأنبياء الذين ذكرت أسمائهم في القرآن الكريم يصبح 26 نبي ، فإذا كان آدم هو النبي رقم 1 فإن عيسى عليه السلام هو رقم 25 . . ، وكما سبق أن لاحظنا (في رابط آخر) أن ءادم وعيسى عليهما السلام ذُكر كل منهما 25 مرة ، ومن هنا ندرك سرّ المثلية في الرقم 25 بالنسبة لعيسى عليه السلام وذلك لأن ترتيبه بين الأنبياء إذا بدأنا من ءادم عليه السلام يكون هو الترتيب رقم 25 ولن يكون ذلك إلا بإضافة الأسباط إلى الأنبياء ، وأما سرّ المثلية في الرقم 25 بالنسبة لآدم عليه السلام فإنه إذا بدأنا في الترتيب من الأحدث تاريخيا ، فيصبح النبي عيسى عليه السلام رقم 1 ويكون النبي ءادم عليه السلام هو رقم 25 .
جدول رقم (1) : الأنبياء الذين جاء ذكرهم بالقرآن الكريم (قبل إضافة الأسباط)
الترتيب الزمني اسم الرسول الترتيب الزمني اسم الرسول الترتيب الزمني اسم الرسول
1 ءادم 10 يعقوب 19 إلياس
2 إدريس 11 يوسف 20 اليسع
3 نوح 12 شعيب 21 يونس
4 هود 13 أيوب 22 زكريا
5 صالح 14 ذو الكفل 23 يحيى
6 إبراهيم 15 موسى 24 عيسى
7 لوط 16 هارون 25 محمد
8 إسماعيل 17 داود
9 إسحاق 18 سليمان
جدول رقم (2) : الأنبياء الذين جاء ذكرهم بالقرآن الكريم (بعد إضافة الأسباط)
الترتيب الزمني اسم الرسول الترتيب الزمني اسم الرسول الترتيب الزمني اسم الرسول
1 ءادم 10 يعقوب 20 إلياس
2 إدريس 11 الأسباط 21 اليسع
3 نوح 12 يوسف 22 يونس
4 هود 13 شعيب 23 زكريا
5 صالح 14 أيوب 24 يحيى
6 إبراهيم 15 ذو الكفل 25 عيسى
7 لوط 16 إسحاق 26 محمد
8 إسماعيل 17 هارون
9 إسحاق 18 داود
19 سليمان
3 - كما جاء في قوله تعالى في سورة يوسف : (إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ {4} يوسف .
جاء في هذه الآية الكريمة ذكر ما يأتي :
* يوسف
* أبيه
* أحد عشر كوكبا
* الشمس
* القمر . . . ومجموعهم يصير 15 . . . وعدد كلمات الآية بالرسم العثماني = 15 كلمة . . . (فقط ملاحظة عابرة) . . . والأحد عشر كوكبا هم : 11 سبطا + سبط يوسف = 12 سبطا .
4 - وقد أكد ذلك قوله تعالى : (وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطاً أُمَماً وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَـكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ {160} الأعراف .
5 - من روعة النسق القرآني ندرك أن يوسف عليه السلام رأى أحد عشر كوكبا وهو عدد إخوته والشمس والقمر وهما أبيه وزوج أبيه وبذلك فهو في الترتيب بين الأنبياء يأتي في رقم 12 كما هو موضح بالجدول (2) وكذلك ترتيبه بعد إخوته الاحد عشر يكون هو رقم 12 أيضا ، لذلك فإن سورة يوسف هي السورة رقم 12 أيضا في ترتيب القرآن الكريم ، وبالنسبة للأسباط فقد كانوا أحد عشر سبطا دون سبط يوسف ، ولذلك نجدهم في الترتيب رقم 11 بين الأنبياء كما في جدول رقم (2) وهو رقما يطابق عددهم . . . ، إنه ال‘جاز المبهر ، والذي تقف أمامه العقول عاجزة ولا تملك الألسنة إلا أن تردد الله أكبر ولله الحمد . . . ، ولقد جمع يعقوب عليه السلام أبناءه الاثني عشر والذين تكون منهم الأسباط الاثني عشر وأوصاهم بعبادة الله وحده ، وهم :
1. رأوبين
2. شمعون
3. لاوى
4. يهوذا
5. زوبلون
6. يساكر
7. دان
8. جاد
9. أشير
10. نفتالي
11. بنيامين
12. يوسف
وهؤلاء هم الأسباط الاثني عشر . . .
ومن وجهة أخرى
في أجواء قصة النبي يعقوب(ع)، نتحدّث عن معنى الأسباط، الذين قيل إنهم ذرية يعقوب(ع) الذين أوصاهم بالالتزام بخط التوحيد الذي سار فيه إدريس وإسماعيل(ع).
معنى (الأسباط):
فلقد تكرر ذكر كلمة الأسباط في القرآن ملحقةً بذكر يعقوب، واختلف المفسرون في معنى الكلمة ومضمونها اللغوي ومصداقها الخارجي وموقع أشخاصها من حيث القداسة الرسالية.
وربما يكون سبب ذكر هؤلاء بعد ذكر يعقوب وآبائه، أن لهم صلة انتساب وقرابة له، كما أن ذكرهم مع الأنبياء قد يدفع إلى اعتبارهم أنبياء، ولكن هناك من نفى أن يكونوا أولاد يعقوب، وهذا ما نحاول الحديث عنه. فقد أخرج ابن جرير عن ابن عباس، أن الأسباط بنو يعقوب اثنا عشر رجلاً، وكل واحد منهم ولد أمَّةً من الناس.
وجاء في التفسير الكبير للفخر الرازي المجلد الثاني: "قال الخليل: السبط في بني إسرائيل كالقبيلة من العرب". وقال صاحب الكشاف: "والسبط الحافد ـ الحفيد ـ وكان الحسن والحسين سبطي رسول الله، والأسباط حفدة يعقوب وذراري أبنائه الإثني عشر". ويدل ذلك على أن المقصود بكلمة الأسباط هو الامتداد النسبي لأولاد يعقوب الذين يمثلون مجتمعاً متعدداً بتعدد الآباء، ولكن ذلك لا ينطبق على يعقوب الذي هو الأب لهم وليس فرعاً.
وجاء في روح المعاني للألوسي، (ج:1، ص:363)، أن "الأسباط جمع سبط، كأحمال وحمل، وهم أولاد إسرائيل ـ وهو اسم يعقوب ـ وقيل: هم أولاد إسحاق كالقبائل في أولاد إسماعيل، مأخوذ من السبط، وهو شجرة كثيرة الأغصان، فكأنهم سُمّوا بذلك لكثرتهم. وقيل: من السبوطة، وهي الاسترسال، وقيل إنه مقلوب البسط، وقيل الحسنين سبطا رسول الله(ص) لانتشار ذريتهم، وقيل لكل ابن بنت سبط ـ وهذا هو المشهور في الاستعمال العرفي ـ وكذا قيل له حفيد أيضاً".
وقد جاء في المفردات للراغب الأصبهاني: "والسبط ولد الولد، كأنه امتداد لفروع، قال: ويعقوب والأسباط، أي قبائل كل قبيلة من نسل رجلٍ أسباطاً أمماً".
ونتابع مع الألولسي: "واختلف الناس في الأسباط أولاد يعقوب، هل كانوا كلهم أنبياء أم لا؟ والذي صحّ عندي هو الثاني، وهو المروي عن جعفر الصادق(ع)، وإليه ذهب السيوطي وألّف فيه، لأن ما وقع منهم مع يوسف(ع) ينافي النبوة قطعاً، وكونه قبل البلوغ غير مسلّم به، لأن فيه أفعالاً لا يقدر عليها إلا البالغون، وعلى تقدير التسليم لا يجدي نفعاً على ما هو القول الصحيح في شأن الأنبياء، وكم كبيرة تضمَّن ذلك الفعل، وليس في القرآن ما يدل على نبوّتهم، والآية قد علمت ما ذكرنا فيها، فاحفظ ذلك هُديت".
وجاء في مجمع البيان للطبرسي، ج:1، ص:278، "قال قتادة: هم يوسف وأخوته بنو يعقوب، ولد كل واحدٍ منهم أمةً من الناس، فسُمّوا الأسباط، وبه قال السدي والربيع ومحمد بن إسحاق، وذكروا أسماء الإثني عشر: يوسف وبنيامين وزبالون وروبيل ويهوذا وشمعون ولاوي ودان وقباب ويشجر ونفتالي وجاد، وأشرفهم ولد يعقوب لا خلاف بين المفسرين فيه. وقال كثير من المفسرين إنهم كانوا أنبياء. والذي يقتضيه مذهبنا، أنهم لم يكونوا أنبياء بأجمعهم، لأن ما وقع منهم من المعصية فيما فعلوه بيوسف لا خفاء به، والنبي عندنا معصوم من القبائح، صغيرها وكبيرها، وليس في ظاهر القرآن ما يدل على أنهم كانوا أنبياء، وقوله: {وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِمْ} لا يدل على أنهم كانوا أنبياء، لأن الإنزال يجوز أنه كان على بعضهم ممن كان نبياً، ولم يقع منه ما ذكرناه من الأفعال القبيحة.
ويحتمل أن يكون مثل قوله: {وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا}، وأنّ المنـزل على النبي خاصةً، لكن المسلمين لما كانوا مأمورين بما فيه، أضيف الإنزال إليهم. وقد روى العياشي في تفسيره عن حنان بن سدير عن أبيه عن أبي جعفر الباقر(ع) قال: قلت له: أكان ولد يعقوب أنبياء؟ قال: لا، ولكنهم كانوا أسباطاً أولاد الأنبياء، ولم يكونوا فارقوا الدنيا إلا سعداء، تابوا وتذكروا ما صنعوا".
وجاء في تفسير الميزان للعلامة الطباطبائي رحمه الله (ج:1، ص:312): "الأسباط في بني إسرائيل كالقبائل في بني إسماعيل، والسبط كالقبيلة، الجماعة يجتمعون على أب واحد، وقد كانوا اثنتي عشرة أسباطاً أمماً، وكل واحدة منهم تنتمي إلى واحدٍ من أولاد يعقوب، وكانوا اثني عشر، فخلف كل واحدٍ منهم أمّةً من الناس، فإن كان المراد بالأسباط الأمم والأقوام، فنسبة الإنزال إليهم لاشتمالهم على أنبياء من سبطهم، وإن كان المراد بالأسباط الأشخاص، كانوا أنبياء أنزل إليهم، وليسوا بأخوة يوسف لعدم كونهم أنبياء.
المصدر: سلسلة (موسوعة معجزة القرآن الكريم الرياضية) .
أحتك فى الله....منى رشدى