الحمد لله الرحمن الرحيم مالك يوم الدين الملك العدل الذى دعى الناس جميعا الى عبوديته وتوحيد الوهيته والاقرار بفردانيته على وجه الاختيار فمنهم من آمن و اطاع بطواعيته ومنهم من كفر وعصى بعنده فعاقبه بقهريته ودق أعناقهم فخضعت له رقابهم ساجدت لجبروتيته ذليلة فى رق كبريائه وعظمته طيلت عيشهم على أرضه ثم اذل بالموت رقاب الجبابره وانهى بالموت آمال القياصره وابطل بالموت مكر الاباطره فنقلهم بعظمة الموت من القصور الى القبور ومن التمعن فى الطعام والشراب الى التمرغ فى الوحل والتراب ثم بعثهم بعد الموت الى لقاءه خاشعة ابصارهم ترهقهم ذله لما بعثوا رعبوا وهلعوا وخافوا وقالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون كل واحد منهم منشغل بشأنه يقرأ كتابه وينتظر حسابه شعثا غبرا عراتا روى الامام مسلم فى صحيحه عن عائشه رضى الله عنها قالت سمعت رسول الله يقول ( يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراه غرلا فقلت يا رسول الله الرجال و النساء جميعا ينظر بعضهم الى بعض ؟ قال يا عائشه الامر اشد من ان ينظر بعضهم الى بعض يا عائشه لكل أمرأ منهم يومئذ شأن يغنيه ) فالموقف صعب لابد لكل انسان ان يستعد له وينشغل بعمله الحسن فى الدنيا قبل انشغاله به فى الاخره فيندم وهيهات هيهات لابد لكل انسان ان يعود الى الله ويكثر من الاعمال الحسنه وهو فى النور قبل الظلمه فانه يحشر الناس يوم القيامة فى ظلمه وتطوى السماء وتتناثر النجوم و يذهب نور الشمس والقمر وتكون الدنيا حلكاء مظلمه يوم تبدل الارض غير الارض والسماوات وبرزوا لله الواحد القهار يومئذ يتبعون الداعى لاعوج له ويحشر الناس على ما عملوا وجمعوا واكتسبوا لكل أمرأ منهم يومئذ شأن يغنيه ولا يبقى للانسان غير عمله الذى قام به هو زاده فعليه ان يجمع اكثر زاد ممكن من العمل الطيب حتى يجده غضا طريا بريا فانه يحشر الناس يوم القيامه أجوع ما كانوا قط وأظمأ ما كانوا قط وأعرى ما كانوا قط وأنصب ما كانوا فمن اطعم لله اطعمه ومن سقا لله سقاه ومن كسا لله كساه ومن عمل لله كفاه وهم جميعا فى ظلمه لا يكاد ان يرى الانسان من شدتها عضوه ولكن اين النور لا ترى النور ابدا فى ذالك اليوم و تجد الناس جميعا لكل أمرأ منهم يومئذ شأن يغنيه ولكن هناك نور ظهر ما هذا النور فانظر فانك ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين ايديهم وبايمانهم بشراكم اليوم جنات تجرى من تحتها الانهار خالدين فيها ذالك هو الفوذ العظيم يوم يقول المنافقين والمنافقات للذين ءامنوا أنظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا ورآئكم فالتمسوا نورا فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمه وظاهره من قبله العذاب ينادون ألم نكن معكم قالوا بلى ولكنكم فتنتم أنفسكم وتربصتم وارتبتم وغرتكم الامانى حتى جاء أمر الله وغركم بالله الغرور فاليوم لا يؤخذ منكم فديه ولا من الذين كفروا مأواكم النار هى مولاكم وبئس المصير ولو ترى اذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بايات ربنا ونكون من المؤمنين وكلما دخلت امتة لعنت اختها حتى اذ اداركوا فيها جميعا قالت اخراهم لأولاهم ربنا هؤلاء ءاضلونا فئاتهم عذابا ضعفا من النار قال لكل ضعفا ولكن لا تعلمون وتراهم جميعا فى النار لكل أمرأ منهم يومئذ شأن يغنيه ينادون اهل الجنه ان أفيضوا علينا من الماء او مما رزقكم الله فينادونهم اهل الجنه رادين عليهم فيقولوا ان الله حرمهما على الكافرين ثم يقولوا لهم انا قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا فلما يئس اهل النار من اهل الجنه نادوا يا مالك ليقضى علينا ربك فنستريح من العذاب فيرد عليهم مالك خازن النار ويقول لهم انكم ماكثون باقون خالدون وتنظر اليهم تجد انهم لكل أمرأ منهم يومئذ شأن يغنيه ثم يقولون لخزنة جهنم ادعوا ربكم يخفف علينا يوما من العذاب فيقول خزنة جهنم لهم اولم تأتيكم رسلكم بالبينات قالوا بلى قالوا فادعوا وما دعاء الكافرين الا فى ضلال وتراهم يومئذ لكل أمرأ منهم يومئذ شأن يغنيه فينادى اهل النار الله تعالى فيقولون ربنا اخرجنا منها فان عدنا فانا ظالمون فماذا قال الله لهم قال أخسئوا فيها ولا تكلمون ثم يأمر الله تعالى فيؤتى بكبش أملح فينادى يا أهل الجنه فيشرئبون وينظرون يا اهل النار فيشرئبون وينظرون فيقول اتدرون من هذا فيقولوا لا الله اعلم به فيقول الله تعالى هذا الموت ثم يؤمر به فيذبح على ظهر جهنم فوق الصراط ثم يقول الله تعالى يا أهل الجنه خلود بلا موت ويا أهل النار خلود بلا موت فالامر عظيم وخطره جسيم ولابد وان نستعد له قبل الندم والحصره استغفر الله ولا تصر على الذنوب وتجد الناس جميعا يومئذ لكل أمرأ منهم يومئذ شأن يغنيه
فمثل لنفسك ايها المغرور ... يوم القيامة والسماء تمور
اذ كورت شمس النهار وأدنيت ... حتى على رأس العباد تسير
واذا النجوم تساقطت وتناثرت ... وتبدلت بعد الضياء كدور
واذا البحار تفجرت من خوفها ... ورأيتها مثل الجحيم تفور
واذا الجبال تقلعت بأصولها ... فرأيتها مثل السحاب تسير
واذا العشار تعطلت وتخربت ... خلت الديار فما بها معمور
واذا الوحوش لدى القيامة أحشرت ... و تقول للأملاك اين نسير
واذا تقاة المسلمين تزوجت ... من حور عين زانهن شعور
واذا الموءودة سئلت عن شأنها ... وبأى ذنب قتلها ميسور
واذا الجليل طوى السما بيمينه ... طى السجل كتابه المنشور
واذا الصحائف نشرت فتطايرت ... وتهتكت للمؤمنين ستور
واذا السماء تكشطت عن اهلها ... ورأيت أفلاك السماء تدور
واذا الجحيم تسعرت نيرانها ... فلها على أهل الذنوب زفير
واذا الجنان تزخرفت وتطيبت ... لفتى على طول البلاء صبور
واذا الجنين بأمه متعلق ... يخشى القصاص وقلبه مذعور
فان كان هذا بلا ذنب يخاف جناية ... فكيف بالمصر على الذنوب دهور
فلابد وان نعود جميعا الى الله ولابد وان نتوب من قبل ان ياتى يوم ترى الناس جميعا فيه لكل أمرأ منهم يومئذ شأن يغنيه