إسلام تايم - أحمد عبد العليم 19/5/2008
لفظ المقاومة لم يُذكر في القرآن صراحة، وإنما أتى بمعنى الجهاد، حيث تستمد مشروعيتها من الجهاد لتكون بذلك واجباً شرعياً يندرج تحت فرض الكفاية، إذا استطاع أهل المكان الزود عنه ضد أعدائهم من المشركين، ويُصبح فرض عين في حالة بقاء العدو في أرض المسلمين.
جاء هذا في سياق الكلمة التي ألقاها فضيلة الدكتور رضا الطيب (الأمين العام للجمعيات الشرعية في مصر) في ندوة بعنوان "فقه المقاومة من المنظور الإسلامي" والتي نظمتها مجلة التبيان مساء (الأحد) 18/05/2008 بالمقر الرئيسي للجمعية الشرعية بالقاهرة.
حيث أكد على أنّ المقاومة تعني أن يكون هناك جيش نظامي في مواجهة قلة مستضعفة، فالناظر إلى حال العراق على سبيل المثال يرى أنّ الجيش العراقي النظامي لم يصمد كثيرا أمام الجيش الأمريكي؛ نظرا لاختلاف موازين القوة بين الجيشين، إلى أن خرجت عصارة المجتمع الذين يحملون قضية الزود عن بلادهم ويبذلون الغالي والنفيس؛ من أجل قضيتهم فتحولت الدفة على الجيش الأمريكي .
أنواع المقاومة
وأضاف الطيب أنّ المقاومة لا تتوقف على الجانب العسكري، وإنما هناك المقاومة الفكرية المتمثلة في رفض الخبائث، التي تصدر لنا ليل نهار، وتجد من يروج لها من بني جلدتنا، مشيرا إلى قانون الطفل الجديد الذي يعد كارثة على الأسرة المسلمة، ووجوب مقاومته بكافة الأشكال المشروعة، كذلك المقاومة الاقتصادية المتمثلة في مقاطعة سلع وبضائع الدول المعادية للمسلمين، وضرب لأثر ذلك مثالا بشركة فيليبس الهولندية، والتي كانت قد تعاقدت مع الجمعية الشرعية في مصر على تزويدها بجهاز أشعة، إلا أنّ الجمعية فسخت العقد بعد فيلم "الفتنة" الهولندي، مما اضطر الشركة لرفع دعوى أمام القضاء الهولندي ضد المتطرف فيلدرز منتج الفيلم .
وأكد الطيب أنّ المقاومة السياسية لها إطار محدد إذا خرجت عنه تصبح استسلاما، فينبغي أن تكون المقاومة السياسية ترجمة لصراع مسلح على الأرض، لأنّ التفاوض بين طرفين أحدهما يفتقد لأدنى مقومات القوة ستكون نتيجته الحتمية الاستسلام للطرف الأقوى.
واستنكر الطيب على الذين يهونون من شأن المقاومة، مؤكدا أنّ المقاومة لا يمكن أن تهزم جيشا نظاميا، وإنما تهزم الدولة مشيرا إلى خروج "إسرائيل" من قطاع غزة وجنوب لبنان قبل سنوات، فلا نستطيع القول: إنّ المقاومة هزمت الجيش الصهيوني ولكنها هزمت دولة الصهاينة؛ لأنها تضطر السياسيين في أية دولة لاتخاذ مواقف ضد.
وأضاف: أن بقاء القضية في حد ذاته مرتبط ببقاء المقاومة ولا يُنظر للمقاومة بمدى الخسائر المادية التي توقعها صواريخها البدائية، وإنما بنظرة شمولية لكمّ الرعب والهلع الذي تنشره في قلوب أعداء الإسلام.
وأشار الطيب، إلى أنّ العدو الصهيوأمريكي نظر إلى المقاومة بتلك النظرة الشمولية وليست العسكرية فحسب، حيث يعمل الاحتلال على تدمير عقيدة المقاومين مثل ما يسمى بـ"تدويل القدس"، كذلك محاولة التيئيس من قوة العدو واضمحلال المقاومة أمامه.
واختتم الطيب حديثة بعبارة أحد القادة العسكريين لـ"إسرائيل" بعد اجتياح مخيم جنين حيث قال: "إن الطريقة التي حارب بها محمود طوالبه ورفاقه في جنين جديرة بأن تُدرّس في الأكاديميات العسكرية".
وقد افتتح الندوة أ.د/ عبد الحليم عويس- رئيس تحرير مجلة التبيان- مؤكدا أنّ الشعب الفلسطيني يضرب أروع الأمثلة في المقاومة، فمنذ أكثر من ستين سنة وهو يقاوم ذلك الاحتلال البربري الغاشم .
ستينية الصمود
وأشار عويس إلى أنّ هناك من يحاول الترويج لبعض المفاهيم التي تسيء للمقاومة وتخدم مصلحة العدو، مؤكدا أنّ روح المقاومة لا تقبل المساومات ولا تعترف بالصفقات، مهما كانت إغراءات أو تهديدات العدو؛ لأنها تستمد قوتها من خالقها.
وتحدث خلال اللقاء فضيلة الأستاذ الدكتور محمد المختار المهدي- الرئيس العام للجمعيات الشرعية- حيث أكد على أنّ المقاومة هي المناعة التي تحصن الإنسان من أي أضرار وتدفع عنه المهالك، مؤكدا في الوقت نفسه على الهدف من وراء تلك المقاومة، وذكر حديث النبي " من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا دخل الجنة" واستنكر في الوقت ذاته على الذين يحاولون التشكيك في العمليات الاستشهادية أو وصفها بأنها لعب أطفال؛ نظرا لما تحققه من خسائر مادية، مؤكدا أنها من صميم المقاومة، فبالإضافة إلى أنهم يبرءون إلى ربهم بهذا العمل فإنهم يدخلون الرعب في قلوب المحتلين ويتسببوا في تقريب نصر الله، مؤكدا على أن من يُفجر نفسه انتصارا لدين الله يستوي مع من يجاهد واقفا في ميدان المعركة، فالرعب الذي تدخله مثل هذه العمليات في قلوب العدو، يعد من أسلحة المسلم في نصرة دينه "فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وقذف في قلوبهم الرعب".
وردا على من يدعون أنّ العمليات الاستشهادية هي التهلكة المذكورة في الآية " ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة..." قال: إن التهلكة المذكورة في الآية هي البخل بالنفس أو المال على عكس ما يردد هؤلاء تماما لذلك جاءت آخر الآية " وأحسنوا إن الله يحب المحسنين".
وأكد المهدي أنّ النصر له مواعيد مقدرة من عند الله لحكمة يعلمها وحده، فالمسلم يجب أن يبذل ما في وسعه ولا ينتظر النتائج؛ لأنها مقدرة بيد الله، كذلك المقاوم لابد أن يبذل ما يستطيع في نصرة دينه ودحض أعداءه إلى أن يأذن الله له بالنصر.
http://www.islamtime.net/details.php?id=1045&cat_id=5&sub_cat_id=20&image=k adaya