انطلق في هذا اليوم لا يدرى أين سيذهب ولكنه قطع العديد من الشوارع , وسار كثيرا , حتى إنه لم يشعر بالوقت الذي إنقضى , فقد إنقضى وقت كثير , كذلك لم يلاحظ هذه الحجر الذي سقط من أعلى ليسقط على رأسه ليسقط مغشيا عليه .
التف حوله مجموعة من المارة محاولين افاقته , فقد أحضر أحدهم زجاجة ماء وسكبها عليه ........ ليقوم من مكانه ويتلفت حوله في ذهول ......... ويتركه المارة بعد أن اطمئنوا عليه ونبهوه ( ابقى خلي بالك يا حج بعد كده) .
لم يستمع إلى ما قاله المارة فقد كان مشغولا بشئ آخر ......... ماذا حدث ؟ , أين هو ؟ .............. بل إنه صرخ قائلا ........( أنا مين ؟! ).......... سار ببطأ لأحد المقاعد الموجودة أمامه وجلس بعد أن وضع رأسه في يديه , وأخذ يتذكر ما حدث , لكنه لم يتذكر شئ .......... كيف ؟ ....... ومتى ؟ ........ ولما ؟ ........ علامات استفهام كثيرة تطايرت أمامه , ولم يلقى لها أي اجابة ..... انقضى وقت كثير وهو في صراع مع هذه الذاكرة الهزيلة ....... يسألها فلا يجد منها إلا التجاهل ........ استشاط غضبا ورفع يده وهوى بها على رأسه عدة مرات قائلا ( ايه ؟ ....... انتي فضيتي كد ليه مفيش أي حاجة؟ , طب حتى قوليلي أول حرف من اسمي وأنا أكمل علطول ......... طب اسم حد من العيال ؟ ........ طب أنا ساكن فين ؟ ) .
وكان مشهدا مثيرا للشفقة فقد كان يضرب رأسه ويكلم نفسه , , فينظر إليه المارة ويضربون كفا على كف ......... لكنه لم يستمر كثيرا في هذا الهراء , فقام من مجلسه , واتجه إلي أحد المارين أمامه سائلا إياه ( بقولك ايه يا محترم ؟....... هو انت مشفتنيش قبل كده ؟ ..........نظر إليه في تعجب وأكمل طريقه متجاهلا إياه بعد أن اشار لصديقه بعلامة تفيد بأن هذا الراجل شكله مجنون ) .
لم ييأس بعد , فلم يترك أيا من المارين أمامه إلا ويسأله : أنا مين ؟ , حد شافني قبل كده ؟ ................. فلا يتلقى منهم إلا اجابات تسخر منه , فها هم مجموعة من الشباب يضحكون من سؤاله ويتخذون سؤاله مادة للسخرية .
- آه أنا شفتك في الشارع إلى ورا ده , هو انت فاتح فرع هناك ههههههه .
- لا يا عم ده مش هو , التاني كان لابس هدوم مقطعة , ده شكله راجل محترم ......... آه افتكرت مش انت إلي بتيجي على برنامج العاشرة مساءا ههههههههه.
- تؤ .. تؤ.....عيب كده يا أحمد , إلى بييجي على العاشرة مساءا واحده ست ...... هو ممكن يكون بتاع 90 دقيقة هههههههههههه .
انطلق بعيدا عن هؤلاء الشباب الذين لفتو انتباه جميع المارة إليه ....... وأخذ يسير بسرعة حتى ابتعد عنهم , وكان ورائه أحد الرجال الذى انطلق خلفه ليسأله عن قصته العجيبة .
أوقفه الرجل متسائلا إياه : ايه يا حج حكايتك أنا متابعك وانت عمال تسأل الناس , أنا مين ؟ ............ هو انت بجد مش عارف انت مين ؟
سكت الحج قليلا , ثم قال : مش عارف هتصدقني ولا لأ , أنا فعلا مش فاكر أنا مين ولا فاكر أنا ساكن فين ؟
رد الرجل : بص إنت تيجي تعد عندي كده كم يوم لغاية ما نشوفلك حل لمشكلتك , انت شكلك راجل طيب , وأنا عاوز أكسب فيك ثواب .
- بس , أنا .........
- الرجل مقاطعا : ما تخفش , أنا آعد لوحدي في البيت , مراتي متوفية , وعيالى كلهم متجوزين ............ وأنا عالمعاش ومورييش أي شغلانة ........ يلا بينا .
شعر الحج بارتياح كبير لهذا الرجل الذى يريد أن يساعده فسار معه في هدوء , ولم يلبث بعد أن دخل المنزل حتى قفز على أحد الأسره وغط في نوم عميق .........
رأى في منامه رجل يقترب منه ويلقى عليه كلمة واحدة ( تحت السبعة ) ...... حاول أن يسأله ما معني هذه الكلمة لكنه تركه وانطلق .
إستنو الجزء التاني .....