لا تبكي على الكأس المكسوره واللبن المهدور
كانت تجلس على الاريكة , قامت وانتصبت , وقع بصرهاعلى كأس اللبن الذي كان على الطاولة المجاورة للأريكة , بخطوات ثابتة وبيد مرتجفة تناولت الكأس , نظرت, صفاء اللبن وبياضه جعلا يجذبان عينيها فترة طويلة الى التحديق بهما والاستمتاع بمنظرهما , وفي نفسها تمتمات " ياه ما اجمل النقاء".
كلمات خرجت بعد تنهيدة عميقة مرت من فوق جراحات قديمة تاركة ورائها ألما وحسرة , بين يديها كانت كأس اللبن تشهد على تلك القطرات من الدمع التي فاضت من عينيها معلنة عن شئ ما يجثم فوق صدرها تتذوق مرارة ألمة في كل حين , بنفس الخطوات الثابتة تقدمت الى الشرفة أزاحت الستارة , خيوط الشمس الذهبية جعلتها تغمض عينيها قليلا ثم ما لبثت ان فتحت عينيها , نظرت في الاسفل , رباه .....رباه .........رباه ما هذا السحر , جمال المنظر جعلها تنطق بتلك الحروف , كأنها ترى المنظر لأول مرة , حديقة الزهور التي طالما كانت تتسخ ثيابها من تربة ارضها , حديقة الزهور التي كانت تعلق رائحتها الطيبة بثيابها , منذ زمن بعيد لم تتكحل عينيها برؤية بتلات زهورها وخضرة اوراقها, لم تنجح في حبس دموعها عن السقوط , أعادت النظر الى حديقتها المنسية , وقع بصرها على فراشة وقعت على احدى الزهرات , حدقت في ذلك المنظر , نظرت الى تلك الفراشة , وبصوت يرتجف قالت " ملعونة انتي" , هل اذنبت الفراشة ام انها ذكرتها بشئ ما؟ , ما راته كان قد فتح جرحها , الفراشة كانت تنتقل من زهرة لاخرى ولكنها لم تكن تترك زهرة الا وقد امتصت رحيقها ولم تكن تعد لها ثانية بعد ان امتصت جميع رحيقها , منظر عادي لأي شخص يراه, ولكنها لم تكن اي شخص ولم يكن ذلك منظرا عاديا بالنسبة لها, هذا المشهد ايقض جراحها وجدد آلامها , ارتجفت يدها ووقعت كأس اللبن من بين يديها , انكسرت الكأس وانسكب اللبن على الارض ليتلوث بحطام الزجاج , وضعت رأسها بين كفيها وابتدأت بالبكاء , اختلطت دموعها باللبن المهدور , هل تستطيع ان تعيد هذا اللبن الى الكأس بعد ان تلوث ؟ بل هل تستطيع ان تعيد الكأس المكسور الى ما كان عليه أم انه سيبقى كأسا مكسورا في نظرها وفي نظر الاخرين؟ تلك الزهرة هل ستعود اليها الفراشة مرة اخرى بعد ان امتصت رحيقها أم ماذا ؟
اسئلة مرت امام عينيها الواحد تلو الاخر .. بعض الاخطاء لا يمكن تصحيحها بالرغم من تفاهة سببها , فلو انها امسكت جيدا بالكأس لما انكسرت وتحطمت ولما انسكب اللبن على الارض وتلوث بياضه ونقائة , ولو انها صانت وحفظت نفسها من ان تكون لعبة بين ايدي العابثين لما بكت ,,,,,, كذلك الفتاة ,,,,,, فلا تبكي على الكأس المكسور واللبن المهدور.
منقوووووووول