عشتُ لأعيش، وتشكلت تقاسيمي لتكون كذلك، كـُـتبت أقداري قبل خلقي، حياتي، مماتي، راحتي، سعادتي، تعاستي، وازدان خلقي لتكريمي، وأُودعت سجايا ،وحرمت أخرى، وولدت باكياً فكان ذلك سلامي علي الدنيا ومقتبلي عليها وكفاك به استقبالاً.
أنظر بدهشة لمن حولي وهم كذلك لا أدري إن كانوا يبادرونني شعور الغربة أم الغبطة أم سواهما، أحاول الرد عليهم لكن ومع الأسف فقد كان عمري أصغر بكثير من العمر الذي يخولني لتعلم درس المجاملة بعد.
لكنني لم أكن أقل نخوةً إن كانت كذلك.. فقد رددتُ عليهم بمفرداتيَ الخاصة المتعددة المطالب والتي لا أملك غيرها تحمل بين حروفها المتناهية الصغر معانٍ عـدّة.. صُراخ، وبكاء، ورفض، وإباء، وأحاول إفهامهم ولعلي أنجح في ذلك.
أحاول لفت الأنظار لآلامي الشديدة وأني أتضور جوعاًُ وأضمأ عطشاً وأن جراحي قد فُـتحت علي مصراعيها وبدأت تكتب حبراً علي جسدي المترهلُ الذي أحاول به لفت الأنظارِ وناطحات السحاب، وأن أُيقض أصحاب الموائد المستديرة وعشّاق السوبريين ذوي بطولات العار، وأن أصرخ بأعلى صوتي.. بأني يتيمُ الأب في العراق .. وأقطع الأم في فلسطين .. ووحيد الأخوة في السودان ، ودانت نهايتي في أرض كنعان .. دون ذنب إلا لأنني إنسان...