الحمد لله احمده حمدا ارغم به انف من جحده و ابا و ابلغ من فضله الواسع اربا فقد قص من الظالمين و ارانا من غريب اياته فيهم عجبا و افادنا بتوفيقه ارشادا و ادبا و ارسل فينا رسولا كريما اطلعه على الحقائق و عرض عليه الجبال ذهبا فاعرض عنها و نأ و خصنا بشريعته القويمه فضلا منه و قربنا اليه و حبا فامنا و صدقنا فله الفضل علينا وجبا لانه ادخر ذالك فى خزائن الغيب وخبا فاشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له شهاده تكون للنجاه سببا و اشهد ان سيدنا محمدا عبده و رسوله المصطفى اشرف البريه حسبا و اطهرهم نسبا و رضى الله على اله و اصحابه الذين سادوا الخليقة عربا و عجما ثم اما بعد
يقول الله تعالى ( ان الله يامر بالعدل و الاحسان ) فانى مع الظلم الذى ساد العالم و طبقه جبابرته ممكن حكموا العالم اردت ان اتحدث فى هذا الموضوع عن العدل و اجتناب الظلم ليكون القسطاس المستقيم قائما على ارض الله حتى يرث الله الارض و من عليها فالعدل هو الانصاف و رد الاساءه احسانا و كرما و الظلم هو التطاول على الغير على سبيل البغى و العدوان يقول رسول الله ( قال ربكم و عزتى و جلالى لانتقمن من الظالم فى عاجله و اجله و لانتقمن ممن راى مظلوما يقدر ان ينصرة ؟) رواه الطبرانى و الحاكم و لان الظلم حرام فى الاسلام قبحه القران و عول اليه خير الانام فقال الظلم ظلمات يوم القيامه و كذالك بشعه ائمه الدين و علماء الائمه بالقول و الفعل فلقد مر ابو حنيفة فى بعض الطرقات فاصاب بقدمه قدم صبى فقال الصبى يا ابى حنيفه اما تخشى القصاص يوم القيامه ؟ فوقع الامام مخشيا عليه من شدة خوفه لله و كذالك قيل لابى سليمان الدارانى بعد موته و قد راه احد فى المنام فسئله ما فعل الله بك يا بى سليمان قال اخذت عودا من حمل شيخ بباب الصغير فانا فى حسابه و كذالك كان فى بنى اسرائيل ثلاث قضاه فاراد الله ان يمتحنهم فارسل الله اليهم ملكين احدهما على فرس و معها ولدها و الاخر على بقره فدعا صاحب البقرة المهره فتبعته فقال له صاحب الفرس هى بنت فرسى و قال صاحب البقره هى بنت بقرتى فتخاصما الى قاضى منهما فدفع له صاحب البقره الرشوة فحكم بانها بنت البقره ثم ذهب الى القاضى الثانى فحكم كذالك ثم ذهبا الى الثالث فقال انى حائض فقال الرجل يحيض ؟ فقال كيف تلد البقرة فرسا ؟ فهذان قاضيان فى النار و قاضى فى الجنه فالظلم هو افة الايمان و ان المداخل التى ياتى الشيطان من قبلها ثلاثه الشهوة و الغضب و الهوى فبالشهوة يصير الانسان ظالما لنفسه و بالغضب يصير الانسان ظالما لغيره و بالهوى قد يتعدى ظلمه الى حضرة جلال الله تعالى بما ينطوى عليه من كبائر فلهذا قال النبى ( الظلم ثلاثه ظلم لا يغفر و ظلم لا يترك و ظلم عسى الله ان يتركه ) فالظلم الذى لا يغفر هو الشرك و الظلم الذى لا يترك هو ظلم العباد و الظلم الذى عسى الله ان يتركه هو ظلم الانسان لنفسه فمنشأ الظلم الذى لا يغفر هو الهوى و منشأ الظلم الذى لا يترك هو الغضب و منشأ الظلم الذى عسى الله ان يتركه هو الشهوة ثم لهذه الثلاثه ايضا نتائج فالبخل و الحرص نتيجة الشهوة و العجب والكبر نتيجة الغضب و الكفر و البدعه نتيجة الهوى فاذا اجتمعت هذه السته فى بنى ادم تولد له منها سابعه و هى الحسد فلهذا ختم الله مجامع الشرور الانسانيه بالحسد فقال تعالى ؟( و من شر حاسد اذا حسد ) كما ختم تعالى مجامع الخبائث الشيطانيه بالوسوسه فقال ( و من شر الوسواس الخناس الذى يوسوس فى صدور الناس من الجنه و الناس ) فليس فى بنى ادم اشر من الحسد بل قيل ان الحاسد اشر من ابليس اعذانا الله فاصول هذه القبائح الثلاثه و نتائجها السبعه مقيسا على الفاتحه هى سبع ايات لتكون فى مقابلتها و اصل الفاتحه البسمله و هى ثلاثه اسماء لتكون فى مقابله اصول القبائح الثلاثه فمن واظب على قراءتها دفع الله عنه هذه الافات القبيحه ببركتها و هى من الفوائد العظيمه التى انفحكم بها فى طيات موضوعى هذا فالظلم هو الافه التى تنتج عنها كل المهلكات و لذالك سمى الله تعالى ذاته المقدسه فى اسمائه الحسنى بالعدل ليشين و يقبح الظلم فى نفوس كل الناس بل و بشعه بان نفاه عن ذاته المقدسة بقوله ( و ما الله يريد ظلما للعالمين ) فقد قالت المعتزله و هى من احدى الفرق الدينيه المشهوره الذين يقولون فى مذهبهم على المشهور بان الله لو عذب الطائع يكون ظالما تعالى الله عن ذالك علوا كبيرا و انما اردت انا ان اذكر لكم كلامهم عن تفسير هذه الايه فى موضوعى هذا اتماما للفائده فانا لا ابخل عليكم يقولون عند تفسيرهم لهذه الايه اما ان الله لا يريد ان يظلم احدا او يريد ان لا يظلم احد من العباد احدا و ارد عليهم فاقول ان كان الله لا يريد ان لا يظلم احدا على قولكم فلا يستقيم على مذهبكم هذا القول لان الله لو عذب الطائع لم يكن ظلم منه لانه المتصرف فى ملك الغير و هو سبحانه يتصرف فى ملكه و ان كان الله يريد ان لا يظلم احد احدا فباطل ايضا على قولكم لان الكل بقضائه و قدره فلا يبقى للايه معنى على مذهبكم فان قالوا انه تعالى تمدح بنفى الظلم فيكون محالا غليه فاجيب برد اقول انه تعالى مدح ذاته بنفى السنه و النوم و هما محالان عليه و كذالك لو عذب الطائع كان له ذالك لانه تصرف فى ملكه لكنه لا يفعله و لو فعله لم يكن ظالما فى نفسه فهو العدل تعالى فى اتم حكمه فالعدل هو المقصد لكل مؤمن و الظلم هو ملاذ كل اثم و لذالك كان الائمه ينأون بانفسهم عن الوقوع فى زرة ظلم و يتحرون العدل فى القول و العمل فقد دخل شقيق البلخى على هارون الرشيد فقال عظنى فقال ان الله تعالى اقامك مقام الصديق فيريد منك الصدق و اقامك مقام عمر الفاروق فيريد منك ان تفرق بين الحق و الباطل و اقامك مقام عثمان فيريد منك الحياء و اقامك مقام على فيريد منك العلم و العدل قال زدنى قال ان لله تعالى دارا يقال لها جهنم و جعلك بوابا لها تدفع الناس عنها و اعانك بالمال و السوط والسيف و قال لك ايها العبد المامور دافع الخلق عن هذه الدار بهذه الثلاث فمن جاءك فقيرا فاعطه من المال و من لم يطع فادبه بالسوط و من قتل بغير حق فاقتص منه بالسيف قال زدنى قال انت البحر و هم الانهار فان صفوت صفوا و ان تكدرت تكدروا
لا تظلمنا اذا ما كنت مقتدرا ** فالظلم ترجع عقباه بالندم
تنام عينيك و المظلوم منتبه ** يدعوا عليك و عين الله لن تنم
ايها الاخوت و الاخوات زملائى الكرام انى احبكم فى الله فاجعلوا العدل طريقكم نحو تحديد طموحاتكم فى مستقبل افضل من الواقع المريب و بشعوا الظلم و اركلوه بما اتيتم من مقارع المعرفه و التقوى حتى تكون دعاه خير يسترشد بكم كل من سلك طريقكم لنحقق معا يدا واحده جيلا تقيا يحقق العدل و يقمع الظلما لنبنى مستقبلا اشعلنا فيه مواقيد الخير و التقوى ليرى الحائر سبل الطرق و اوضحها جيلا بعد جيل فى ظل شريعتنا الاسلاميه السمحاء لننال بذالك خيرى الدنيا و الاخره احبكم فى الله و انا اقدم اعتزارى على اطالتى السمجه فى الموضوع فانا قليل الكلام صامت الى حد الرهبه يعرفنى كل قريب و هذه طباعى و لكنى لافادتكم حريص احبكم فى الله