بقلم رضا صمدي حوار مع ديمقراطي !
إسلامي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
ديمقراطي : أهلا ... إزيك .
إسلامي : لماذا لا ترد التحية بمثلها أو أحسن منها ؟
ديمقراطي : ليس هناك فرق !
إسلامي : ما رأيك في العرس الديمقراطي الذي حصل في مصر ؟
ديمقراطي : بل كان ميتما !
إسلامي : لماذا ؟
ديمقراطي : لأن الديمقراطية تم التلاعب بها والالتفاف على النسبة الحقيقية للشعب ؟
إسلامي : ماذا تقصد ؟ هل حصل تزوير ؟
ديمقراطي : لأ ...
إسلامي : طيب ، هل حصل غش ؟
ديمقراطي : لآ ...
إسلامي : لماذا كان ميتما ؟
ديمقراطي : لأن الذين كسبوا في هذه الانتخابات غير مؤمنين بالديمقراطية أصلا .
إسلامي : تقصد الإسلاميين ؟
ديمقراطي : نعم ... سينقلبون على كل قيم الديمقراطية بعد تولي الحكم .
إسلامي : أليست الديمقراطية هي حكم الشعب بالشعب ؟
ديمقراطي : نعم ..
إسلامي : لو الشعب اختار إسقاط الديمقراطية ( بالأغلبية ) أليست هذه هي الديمقراطية ؟
ديمقراطي : لأ ... الشعب يعمل أي حاجة إلا إسقاط الديمقراطية ، لأنها قضية وجود وعدم وصمام أمان للشعب نفسه .
إسلامي : طيب ، الإسلام ... لو اختار الشعب إسقاط الإسلام ؟ هل نسقط الإسلام ؟
ديمقراطي : طبعا ... هذا اختيار الشعب .
إسلامي : لكن ، أليس الإسلام قضية وجود وعدم وصمام أمان للشعب نفسه أيضا ؟
ديمقراطي : لأ ... الإسلام قضية بينك وبين الله ، ليس للناس علاقة بها ، الدين لله والوطن للجميع .
إسلامي : ولماذا لا تكون الديمقراطية قضية بينك وبين الفلسفة التي جاءت منها فكرة الديمقراطية
وتكون الديمقراطية للفلسفة والوطن للجميع ...
ديمقراطي : قصدك إيه ؟
إسلامي : قصدي أن الشعب لو اختار إسقاط الديمقراطية مثل ما اختار إسقاط الإسلام ، أهو اختار
والسلام ، والإيمان بالديمقراطية يقتضي منها أن ترضى باختيار الشعب ! وهذا مقتضى إيمانك بالديمقراطية .
ديمقراطي : أنا مؤمن بالديمقراطية ، ولستُ مؤمنا بالشعب . ولو اختار الشعب إسقاط الديمقراطية
فسأحارب من أجهلها ، ومن آمن بشيء مات من أجله .
إسلامي : وأنا مؤمن بالإسلام ولستُ مؤمنا بالشعب . فلو اختار الشعب الديمقراطية فلن أوافقه
وساحاربه ، ومن آمن بشيء مات من أجله .
ديمقراطي : ما أنت كده تبقى إرهابي ؟
إسلامي : وأنت ؟ ألا تكون إرهابيا أيضا ؟
ديمقراطي : لأ ... لأنني أنافح من أجل الديمقراطية ... وأنت تنافح من أجل إسقاطها .
إسلامي : إذا تعريف الإرهاب هو إسقاط الديمقراطية !
ديمقراطي : لأ ...
إسلامي : إذا ما تعريف الإرهاب عندك ؟
ديمقراطي : هو الإكراه على شيء بالقوة .
إسلامي : وأنت تريد أن تفرض عليها الديمقراطية بالقوة .
ديمقراطي : وهل عندك بديل عن الديمقراطية ؟
إسلامي : طبعا .. الإسلام ...
ديمقراطي : أنا مؤمن بالإسلام ... ولكن في علاقتك مع ربك فقط ، أما السياسة فأفضل نظام هو الديمقراطية ...
إسلامي : من الذي قال ذلك ؟ أن الديمقراطية أفضل ؟
ديمقراطي : العالم كله .
إسلامي : طيب ... لنفترض ذلك ، فأنا أقول إن الديمقراطية أفضل، ولكنني سأعمل على إسقاط الديمقراطية وإحلال الإسلام محلها .
ديمقراطي : إذا ، أنت لستَ ديمقراطيا .
إسلامي : لماذا ؟
ديمقراطي : لأنه ليس عندك ولاء للديمقراطية ولا براء مما عداها! ولهذا السبب فالانتخابات الأخيرة في مصر كانت ميتما ، لأنكم أيها الإسلاميون انتصرتم فيها وستعملون على إسقاط
الديمقراطية ! فأنت تمارسون الديمقراطية وأنتم غير مؤمنين بها !
إسلامي : إذا أنت لستَ بمسلم .
ديمقراطي : كيف تكفرني .. أنا أصلي وأصوم وأحج !
إسلامي : أنت تمارس الإسلام ولكنك غير مؤمن به أيضا !
ديمقراطي : بل أنا مؤمن بالإسلام .
إسلامي : لو كان تنحيتك للإسلام عن ميدان السياسة إيمانا ، فتنحيتي للديمقراطية لا تتنافى مع
الديمقراطية إذا .
ديمقراطي : أنت تتلاعب بالألفاظ .
إسلامي : وأنت تتلاعب بالمعاني ، وهو أشد .
ديمقراطي : كيف ؟
إسلامي : أنت تريد أن تحرف معنى الإسلام ، وتجعلها موافقا لهواك ، والواقع أن ما تنقمه عليّ بالنسبة للديمقراطية أنت تفعله مع الإسلام ...
ديمقراطي : ما هو لو اعتبرتني كافرا بالإسلام يبقى أنت كافر بالديمقراطية .
إسلامي : ليكن ... فكفري بالديمقراطية ليس مجرّما في عرف الديمقراطية ، لأن الديمقراطية لا تمنع
أحدا من ارتكاب شيء لا يخالف القانون ، وليس هناك قانون يجرم الجاحد والكافر والمنكر للديمقراطية .
لكن إذا كفرت أنت بأن في الإسلام سياسة ، أو أنه يجب أن نحكم بالإسلام فهذا جرم في القانون الإسلامي وعليه
عقوبة في الدنيا والآخرة .
ديمقراطي : لأجل هذا ، فالديمقراطية أفضل من الإسلام ... فأنت في رحابها حر ، تفعل ما تشاء ، أما
في سجن الإسلام لا تستطيع أن تنكر أو تجحد شيئا .
إسلامي : الواقع ليس كذلك ... فالكون نصفه تقريبا جاحد ومنكر للإسلام .. ومع ذلك يتركهم الله
الذي ارتضى الإسلام دينا ، أحرارا ، ويرزقهم ويدبر أمورهم ويصرفها ...
وفي المقابل ، من يكفر بالديمقراطية ، فإنه يُحارب حتى يؤمن بها.
فلم يقم في تاريخ الإسلام والمسلمين حرب لإكراه الناس على الإسلام ، ولكن كم أقمتم من الحروب لأجل
إسقاط حكومات وشعوب لا تؤمن بالديمقراطية ؟
ديمقراطي : كفاية كده .. أنا زهقت . السلام عليكو ..
إسلامي : براحتك .
ديمقراطي : لماذا لم ترد التحية بمثلها ؟
إسلامي : ليس هناك فرق !
ديمقراطي : لأ ، في فرق .
إسلامي : ما فيش فرق . في مطلع لقائنا ، ألقيتُ عليك السلام كاملا ، فرددتَ علي : أهلا
وقلتَ : لا فرق .
أنا اعتبرتك مسلما ، فلما استمر بنا الحوار ظهر أنك تفضل الديمقراطية على الإسلام وهذا وكفر
بالإسلام ، فأنت لا تستحق تحية الإسلام ، وظهر أنك مستعد لتحارب من يكفر بالديمقراطية فأنت
لا تستحق السلام !
ديمقراطي : طيب ... نبدأ ثاني ... إذا الديمقراطية لا تعجبك لماذا تمارسها ؟
إسلامي : أنا ليس عندي خيار ... أنا أمارس الديمقراطية كما آكل لحم الخنزير عند الضرورة .
ديمقراطي : وما هي الضرورة ؟
إسلامي : الحياة والموت ، بدون أن أشارك في هذه الديمقراطية سيتم تهيمش ديني ، وتهميشي أنا
في الحياة ، وسيتم سحلي ، وسحل مطالبي وحقوقي ، فلا بد أن أنافسكم لأجل الحصول على حقوقي
وبشروطكم .
ديمقراطي : حتى إذا حصلت على كرسي الحكم سحلتنا وسلبتنا حقوقنا وأقمت حكومة ثيوقراطية !
إسلامي : أبدا ... تحت حكم الإسلام ستحصلون على ديمقراطية أفضل .
ديمقراطي : كيف بقى ؟ تكفر بالديمقراطية وتسعى في إسقاطها لنحصل على ديمقراطية أفضل .
إسلامي : المشكلة كلها في الأسماء ، أنت متمسك بشيء معين في دماغك مصر على تسميته
بالديمقراطية .... وتجعل الديمقراطية أعلى قيمة في الوجود ، بحيث من رفضها فهو ناقص .
ديمقراطي : هذا صحيح ... الذي يحترم الديمقراطية لا بد أن يعظّم قيمها .
إسلامي : هل الأوروبيون الديمقراطيون يحترمون الديمقراطية ؟
ديمقراطي : طبعا ...
إسلامي : فلماذا يتركون الفاتيكان يمرح ويلعب في وسطهم دون أدنى زجر أو نصح ؟
ديمقراطي : الفاتيكان حكم ثيوقراطي قديم .
إسلامي : أليس هناك شعب في الفاتيكان ؟
ديمقراطي : نعم .
إسلامي : أليس هناك قانون ؟
ديمقراطي : نعم .
إسلامي : أليس هناك أرض ؟
ديمقراطي : نعم .
إسلامي : إذا ، لماذا يسمحون بإقامة نظام ثيوقراطي في الغرب ويرفضون إقامته في الشرق ( هذا لو كان
النظام الإسلامي ثيوقراطيا أصلا ) ؟
ديمقراطي : على الأقل الفاتيكان لا يعارض الديمقراطية ، لكن الإسلام يعارضها .
إسلامي : قلتُ لك : حاول أن تتخلص من الأسماء ...
مثلا : الفاتيكان يحرم أن يكون البابا ( رئيس الدولة ) امرأة .. فهل هذا يناقض الديمقراطية ؟
ديمقراطي : نعم ، لكن هذه دولة دينية .
إسلامي : يعني أنت تقبل بوجود دولة دينية ؟
ديمقراطي : !!!
إسلامي : مثال آخر : الديمقراطية هي حرية الشعب في انتخاب حكامه ، والإسلام يتيح هذا الحق وهذه القيمة بأجمل صورة . كما يفوض للشعوب الآليات التي تتناسب مع زمانهم وبيئتهم في
اختيار الحكام .. فما الفرق بين الإسلام والديمقراطية في هذه الجزئية ؟
ديمقراطي : !!!
إسلامي : الإسلام يتيح للشعب بعد اختيار حاكمه أن يراقبه ، ثم يعزله من منصبه إذا أخل بواجباته
ومسئولياته ، فما الفرق بين الإسلام والديمقراطية حينئذ في هذه الجزئية ؟
ديمقراطي : !!! إذا كان ليس هناك فرق بين الديمقراطية والإسلام ، فلماذا تصرون على إسقاط الديمقراطية ؟
إسلامي : أنت ربطت الديمقراطية بأشياء معينة ، ثم قرأت لبعض الإسلاميين أشياء معينة فاعتبرت هناك تناقضا بين الفكرتين وعلى أساس ذلك تعادي الإسلام ، وهو ظلم واضح ، مثلا :هل تتصور أن الإسلاميين إذا استولوا على الحكم لن تكون هناك انتخابات ؟
ديمقراطي : أكيد ، ألستم تريدون إسقاط الديقراطية ...
إسلامي : هذه هي مشكلة الربط بين أسماء معينة ومسميات معينة والتعصب لهذا الربط .
عندما نستولي على الحكم ستكون هناك أحزاب وستكون هناك انتخابات .
ديمقراطي : كيف ذلك ؟
إسلامي : هذا سأحكيه لك في حوار آخر ... إلى اللقاء .مع تحياتي
مــــحــــمد