السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
http://img524.imageshack.us/img524/7941/palprophets.jpg
لم يرتبط اسم فلسطين بالأنبياء الذين سبقوا سيدنا إبراهيم عليه السلام، باستثناء بعض الأخبار التي تذكر بأن آدم عليه السلام هو أول من صلى فوق الصخرة التي بنيت فوقها قبة الصخرة ببيت المقدس، وأخرى تذكر انه هو من بنى المسجد الأقصى.
وبهذا نبدأ حديثنا من قصة إبراهيم عليه السلام الذي ولد ونشأ بمدينة أور بابل الواقعة في القسم الجنوبي من العراق، وقام سيدنا إبراهيم بدعوة أبيه وقومه الذين نشأ وسطهم إلى عبادة الله تعالى الواحد الأحد، وإلى توحيد الخالق وترك عبادة الأصنام والأوثان والآلهة المتعددة التي كانوا يعبدونها، قال تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَاماً آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ﴾ (الأنعام: الآية 74). وعندما ضاق أبو سيدنا إبراهيم عليه السلام بدعوة ابنه له وعجز عن رده إلى عبادة الأصنام قال له: ﴿أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيّاً) (مريم:46). وبعدما تآمر قومه على إحراقه نجاه الله سبحانه وتعالى من كيد القوم المجرمين وأمره بالهجرة إلى أرض أخرى، قال تعالى: ﴿ وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ﴾. (الأنبياء: الآيات من51ـ71). ورد في تفسير هذه الآية عن ابن كثير والطبري والقرطبي وغيرهم: قالوا: عن الأرض التي بارك الله فيها للعالمين هي بلاد الشام. وما من ماء عذب إلا يهبط من السماء إلى الصخرة التي ببيت المقدس، ثم يتفرّق في الأرض، وقيل لها مباركة لكثرة خصبها وثمارها وأنهارها؛ والبركة ثبوت الخير، وكان يُقال للشام عماد دار الهجرة، وما نقص من الأرض زيد في بلاد الشام، وما نقص من الشام زيد في فلسطين، وكان يقال هي أرض المحشر والمنشر، وقيل: بيت المقدس؛ لأن منها بعث الله أكثر الأنبياء لذلك قيل أنها معادن الأنبياء، وهي أيضاً كثيرة الخصب والنموّ، عذبة الماء، وبها مـجمع الناس، وبها ينزل عيسى ابن مريـم، وبها يهلك الله شيخ الضلالة الكذّاب الدجال.
وقد هاجر سيدنا إبراهيم عليه السلام وزوجه (سارة) وابن أخيه (لوط) والعدد القليل الذي آمن معه من سواد العراق إلى فلسطين والشام ابتغاء إظهار الدين والتمكن من نشره. وساروا مع طريق القوافل حتى وصلوا حران وهي مدينة في شمال الهلال الخصيب تقع على إحدى أفرع الفرات وإلى القرب من تل الخلف، وهي مدينة تجارية واقعة على طريق القوافل بين بابل وسواحل البحر المتوسط. وقد مكث في حران فترة من الزمن ثم تركها ومن معه مهاجراً إلى فلسطين، وبعد عبور نهر الأردن واصل سيدنا إبراهيم سيره إلى فلسطين حتى نزل مدينة شكيم نابلس. ثم رحل عنها متنقلاً في أرض فلسطين حيث انتقل إلى جهات رام الله والقدس ومر بالخليل إلى أن استقر به المقام في مدينة بئر السبع.
وقد أقام إبراهيم عليه السلام وسط أبناء عمومته من القبائل العربية من سكان بئر السبع وفلسطين داعياً إلى الله تعالى. وقد قامت علاقة طيبة بينه وبين سكان البلاد الذين أحسنوا وفادته وضيافته لما رأوا من حسن خلقه وصلاحه وكرمه. واستمرت إقامته إلى أن حلت المجاعة بأرض فلسطين فارتحل إبراهيم إلى مصر، ولم يطل به المقام هناك لِما أخبرتنا به كتب السير مما حدث بينه وبين فرعون مصر، فخرج منها عائداً إلى فلسطين بعد أن زوده فرعون مصر بالمال والماشية وجارية ـ قيل أنها أميرة من أميرات القصر أو أنها من الأسرة الحاكمة ولم تكن خادمة كما قال البعض، وقد تكون صفة الجارية نقلها الكتاب عن التوراة ـ وهبها لزوجه (سارة) واسمها (هاجر). فمر بجوار غزة حيث التقى أبا مالك أمير غزة، ثم تجول بين بئر السبع والخليل، ثم صعد إلى القدس، أما ابن أخيه لوط عليه السلام فانتقل إلى جنوب البحر الميت حيث أرسل لأهل تلك المنطقة، بينما مكث إبراهيم عليه السلام في جبال القدس والخليل.
يتبع