رحله مع صحف ابراهيم و موسى
ينادى الله تعالى يا بن ادم لا تكن كالمصباح يحرق نفسه ليضىء على الناس و اخرج حب الدنيا من نفسك وقلبك فانى لا اجمع بين حبى و حب الدنيا فى قلب واحدا و ترقق فى جمع الرزق فان الرزق مقسوم و الحرص جرم و النعم لا تدوم و الاجل محتوم و الحق معلوم و خير الحكمه خشية الله و خير الغنى القناعه و خير الزاد التقوى و خير ما اعطيتكم العافيه و شر احاديثكم الكذب و شر افعالكم النميمه و ما ربك بظلام للعبيد هذا كلام الله تعالى فيما ورد فى الصحف الاولى صحف ابراهيم و موسى المليئة بالهدى و النور و العظه و التقوى فيها يعلم الله البشر كيفيه التعبد و المعيشة و التعامل فى ظل نظم تعاليم الشريعه على منهج وضعه الله تعالى فيها يفرق كل امر حكيم و يبرم و يستبان الحق من الباطل و يفرق الخير من الشر حيث يعلمنا دروس تضىء لنا دروب الحياه كمشكاه تنير للمتخبطين سبل الرشاد ليبدأ بنبذ الادعاءات الباطله و قول الزور و الافك ليخدم الانسان عن طريق ذالك الاجرام غيره و ينسى ان الله تعالى سوف يعاقبه فشبه بالمصباح الذى يضىء لغيره و يحرق نفسه ذالك الانسان المجرم الذى يشهد الزور و يقول الافك يخدم غيره على حساب نفسه ثم يضرب اروع الامثلة على نبذ حب الدنيا و تبشيع صور التهافت عليها عن طريق الترغيب فى رضاه و الجنه و الترهيب فى سخطه و النار فان القلب لا يحمل ابدا حب الله تعالى و حب الدنيا ليجمع بين الاثنين معا فى وقت و احد فمن الحق ان الله تعالى حين يتجلى فى قلب العبد يملئه و يغنيه عن حب غيره و هذا هو مطلب كل تقى عاقل و هذا هو ما كان يتنافس فى الوصول اليه الاتقياء السابقين و الاولياء الصالحين فهذه سيده نساء الزمن رابعه العدويه تقول فى حاله هيامها فى حب ربها
ليت الذى بينى و بينك عامر ... و ما بينى و بين العالمين خراب
ان صح منك الحب فالكل هين ... و كل الذى فوق التراب تراب
ثم يعلمنا الله تعالى ان الرزق من اقسامه فلا حيلة فى الرزق و لا بد من الرفق فى طلبه لان الرزق بيد الله هو صاحب البسط و القبض فيه و هو الجواد على عباده و ما دام الانسان بروحه حيا يدب على الارض برجليه و انفاسه معدوده فهو فى رزق الله و جوده و لابد من وصول رزقه اليه لا يخطئه لان الله هو الرزاق ذو القوة المتين و هذا قاطع طريق لص يجد غرابا يحمل فى فمه رغيف من العيش فقال لنفسه اين يذهب هذا الغراب بهذا الرغيف فتتبعه فاذا بالغراب يدخل الكهف فى الجبل فدخل اللص خلفه فوجد الغراب يدع الرغيف فى يد رجل اعمى راقد فى الكهف فقال هذا اللص للاعمى من انت هل انت نبى ام رسول ام ولى فقال الاعمى لست نبيا و لا رسولا و ولى ولكنى انسان عادى مثلك و لكنى كنت مسافر الى بيت الله الحرام لاداء فريضه الحج و لما عسكرت القافله قريب هذا الكهف دخلت لاقضى حاجتى فى مكان لا يرانى فيه الناس فغدوت الى هذا الكهف فلما عدت الى مكان القافله لم اسمع احدا فعلمت انهم قد تركونى نسيا و رحلوا فعدت ادعوا الله فى الكهف و انا على يقين ان الله لن ينسانى و من يومها و الله يرزقنى يبعث اليا هذا الغراب برزقى فقال اللص ان الذى يرزقك فى هذا الكهف من غير حول منك و لا قوة لهو قادر على ان يرزقنى اشهد ايها الرجل انى قد تبت اللى الله ثم يقول تعالى و الحرص جرم نعم الحرص و حب الدنيا من الجرائم التى يرتكبها الانسان فى حق نفسه فهو يجمع المال من حلال و حرام و لا يشغل عقله ليل نهار ثم يبخل بها على نفسه و لا يؤدى فريضه زكاته و لا يتصدق ثم يموت و يتركها فتكون ويل عليه و ثبور فان النعم لا تدوم و من الخزى ان يمتلك الانسان النعم و يكون حريص عليها ثم يتركها و يحاسب عليها لان الاجل محتوم فهو كالسهم يطلق مع ولادت الانسان فى وقت واحد فى اى وقت اصابك لا يظلمك و لا يخيبك فانت انت و هو هو لا يتعدالك الى غيرك و لا تتعداه يعرفك تماما كما تعرف انت حقيقته و هو صورتك فلا مهرب منه و لا شفاعة فيه ثم ان الحق معلوم لمن اراده و هو ظاهر لمن بغاه و هو قاسم لمن عداه لانه صفه الله و خير الحكمه خشية الله و اتقى الله و يحزركم الله نفسه فالجبار قهار صاحب الملك و الملكوت صاحب العزة و الجبروت اذا عرفته رحيم فلابد و ان تتعرف عليه جبار فاذا ازلك الشيطان فى معصيه و انت عليم برحمة ربك فامال قلبك على ان يفعله فيقرع سمعك جبروتيته فتزهق نفسك عن محارمه فهو طوق النجاة يومها و خير الغنى القناعه بما اعطاك الله فان يكن حرمك فقد رحمك لانه خبير بك فلابد و ان تحمده لانه تعالى عوض فقرك بجنة عرضها السماوات و الارض فاقنع و ازهد و ارضى و اخدع وحاول ان تتقيه فان خير الزاد التقوى لان الدنيا بحر امواجه كأود غادره عاهره و التقوى سفينتك الى بر النجاه و الجنه و مكارم الاخلاق فيها كنز لا يفنى و مقربه و علو و رتبه فى الاخره فبمثل هذا فليتنافس المتنافسين
ان المكارم اخلاق مطهرة .... فالدين اولها و العقل ثانيها
العلم ثالثها و الحلم رابعها .... و الجود خامسها و الفضل ساديها
و البر سابعها و الصبر ثامنها ... و الشكر تاسعها و اللين باقيها
و النفس تعلم انى لا اصدقها .... و لست ارشد الا حين اعصيها
و خير ما اعطيتكم العافيه لان المرض ذل و هوان و قلة حاجه و احتياج فالعافيه هى نعمة الله تعالى المعينه على قضاء المعيشه و الاستمراريه فى الحياه و لكن من دوام هذه العافيه لابد من الصدق فى القول و العمل حتى تؤتى ثمارها المرجوة فالكذب شر احاديث بنى ادم لما فيه من التضليل و الفجور و الجور و الوقوع فى الهاويه و النفور و لا يزال الرجل يكذب و يتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا فالصدق نجاه و أمنه من كل خوف و الوشايه و النميمه من شرار الافعال ايحب احدكم ان ياكل لحم اخيه مية فكرهتموه و الغيبه من كبار المحرمات و المهلكات و صاحبى القبر يعذبان و ما يعذبان فى كبيره اما احدهم فكان لا يتبرا من بوله و اما الاخر فكان يمشى بين الناس بالغيبه و النميمه فالنميمه نار تاكل كل ما جمعه الانسان طيله حياته من حسنات و بر ليقف اما الله تعالى عار من كل فضل فاذا كان جزائه جهنم فلا يلومنا الا نفسه من جراء افعاله و ما الله بظلام للعبيد
اللهى انت ذو فضل و منن ... و انى ذو خطايا فاعف عنى
و ظنى فيك يا ربى جميل ... فحقق يا الهى حسن ظنى
استغفر الله من كل ظنى هذا ما قولته و لست عليكم بحفيظ لكل نبا مستقر و سوف تعلمون