ما هو سرّ عدائنا للبيئة (ولانفسنا)؟!
صباح اليوم وجدت نفسي أتمنىّ أمرًا غريبًا، وهو ألاّ يفرغ عاملو النظافة حاويات النفاية التي تكاد "تتفجر" بما فيها وبما حولها من زبالة ومخلفات آسنة ،أمام منزلي ومنازل الحيّ، والبلد عمومًا.. ذلك أن عمليّة إفراغ الحاويات، بما فيها من زبالة متعفنة ومتخمرة، تؤدي إلى انتشار روائح اشد كراهية من الروائح المنبعثة من الحاويات "الهاجعة". وأينما سرت في الشوارع
تبقى هذه الروائح تزكم الانوف وتسدّ المنافس طيلة ساعات
وامنيتي الغريبة تضعني في موقف شبيه بموقف ذلك الجندي المحاصر من اعدائه من كل الجهات، فيدرك انه ميت لا محالة، ويفكر في اختيار واحد من أمرين: إما ان يموت برصاص جنود العدو، أو ان يفجّر نفسه بقنبلة يدوية! فالموت هو الموت هو الموت، مثلما ان الروائح الكريهة كريهة كريهة، أكثر من الموت!
ولنفترض جدلاً ان هذه "المكرهة" تشتد وتحتدّ بسبب تباطؤ مقاول اخلاء النفاية، احتجاجًا على عدم وفاء السلطة المحلية بدفع مستحقاته لكن الظاهرة العفنة حاصلة أصلاً حتى بدون التباطؤ، في كل بلداتنا، حتى لو اخليت النفايات كل يوم...
وأصرخ صرختي هذه لانني اعرف ان المجتمعات المتقدمة المتحضرة تعرف كيف تتغلب على هذا الأمر، ليس فقط بواسطة استعمال وسائل مانعة لانتشار الروائح الكريهة، او مضادة لها، لكن يبدو ان المسؤولين في سلطاتنا المحلية، ومقاولي اخلاء النفايات – لا يكلفون انفسهم عناء المواجهة والمكافحة، بل اصبح مجرّد اخلاء النفايات.. انجازًا ما بعده انجاز!
وهنا لا بدّ من الالتفات والتساؤل حول المبادرة الذاتية في مجتمعنا، من كل شخص وكل بيت وكل أسرة: صحيح ان المسؤولية الاكبر تقع على السلطة المحلية الملزمة بتقديم خدمات النظافة مقابل ما ندفعه من ضرائب ، لكن في حال اضراب او تباطؤ او أي طارىء – هل يجب ان نكوم ونراكم الزبالة والنفايات هكذا عشوائيًا، حتى تتعفن وتتخمر وتنبعث روائحها المدوخة؟
أرى أمام الكثير من المنازل حتى فتات الطعام، مكبوبًا من الاكياس المفتوحة، فيما يمكن بسهولة ربط الاكياس وايثاقها، بل ان بعض ربات البيوت يسكبن مياه الشطف والمسح الى داخل الحاويات!
أليس من واجبنا أخذ زمام المبادرة والاحتياط والوقاية في اوقات الطوارىء والشدّة؟
هل نحن عاجزون حقًا عن الحفاظ على بيئة نظيفة ، ولو نسبيًا؟
:-/
