اعفنى من اربع و قل بعدها ما شئت
اسمحولى اولا ان اذكر لمحه وجيزة عن صاحب هذه المقوله ( اعفنى من اربع ) الذى نحن بصدد التحدث فيه و فى رحابه الان حتى يكتمل الحديث
هو عبدالملك بن مروان بن الحكم بن ابى العاص بن اميه بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصى بن كلاب بن ابو الوليد
ولد سنه سته و عشرين و بويع بعهد من ابيه فى خلافة بن الزبير فلم تصح خلافته و بقى متغلبا على حكم مصر و الشام ثم غلب على حكم العراق و ما والاها الى ان قتل بن الزبير سنه ثلاثه و سبعون فصحت خلافته من يومئذ و استوثق له الامر و فى هذا العام هدم الحجاج بن يوسف الثقفى الكعبه و اعادها على ما هى عليه الان
و فى سنه خمسه و اربعون حج عبد الملك بن مروان بالناس و سار الحجاج اميرا على العراق
و فى سنه سبعه و سبعين فتحت هرقله و هدم عبدالعزيز بن مروان جامع مصر و زيد فيه من الاربع جهات
و فى سنه اثنتين و ثمانين فتح حصن سنان من ناحيه المصيصه و كانت غزوة ارمينيه و صنهاجه بالمغرب
و فى سنه اربعه و ثمانون بنيت مدينه واسط و فتحت المصيصه و اوديه من المغرب
و فى سنه خمسه و ثمانون بنيه مدينه اردبيل و مدينه برذعه
و فى سنه سته و ثمانون فتح حصن بولق و حصن الاخرم و فيها كان طاعون الفتيات و سمى بذالك لان الطاعون بدا فيها بالنساء قبل الرجال و فيها مات الخليفه عبدالملك بن مروان فى شوال و ترك سبعه عشر ولدا من اولاده خلفوه
قال بن سعد ولد عبدالملك بن مروان وهو بن سته اشهر و لم يكمل التسعه اشهر كغيره و كان زاهدا عابدا ناسكا بالمدينه قبل الخلافه
و قال نافع لقد رايت المدينه و ما رايت فيها شابا اشد تشميرا للعباده و لا افقه و لا انسك و لا اقرا لكتاب الله
من عبد الملك بن مروان
و قال بن عمر ولد الناس ابناء وولد عبد الملك بن مروان ابا
و قال مالك اول من صلى فى المسجد ما بين الظهر و العصر عبدالملك بن مروان كان اذا صلى الامام الظهر قام و معه فتيه فصلوا الى العصر
قال مصعب بن عبدالله اول من سمى فى الاسلم عبد الملك بهذا الاسم عبدالملك بن المروان
لم يسمى احد من قبله بهذا الاسم
قال يحيى بن بكير اول من ضرب الدنانير و كتب عليه القران هو عبدالملك بن مروان
كان يكتب على وجه الدنانير قل هو الله احد و على الوجه الاخر لا اله الا الله و طوقها بطوق فضه
و كتب على الطوق محمد رسول الله ارسله بالهدى و دين الحق
و كان عبد الملك بن مروان اول من نهى عن الكلام فى حضرة الخلفاء
قال العسكرى اول من نقل الديوان من الفارسيه الى العربيه و اول من رفع يديه على المنبر هو عبد الملك بن مروان
قال بن جريج اول من كسا الكعبه بالديباج عبدالملك بن المروان
قال الاصمعى قلت لعبدالملك بن مراون يا امير المؤمنين عجل اليك الشيب فقال و كيف لا
و انا اعرض عقلى على الناس كل جمعه
قال محمد بن حرب قيل لعبدالملك بن مروان من افضل الناس فقال
من تواضع عن رفعه و زهد عن قدره و انصف عن قوة
عن الحكاه الاقدمون من اثق بقولهم و ءاخذ من اخباره و هم الثقات المتقون قالوا
كان عبدالملك بن مروان اذا دخل عليه رجل من افق من الافاق قال له
( اعفنى من اربع و قل بعدها ما شئت ) لا تكذبنى فان الكذوب لا رأى له
و لا تجبنى فيما لا اسالك فان فيما اسالك عنه شغلا
و لا تطرنى فانى اعلم بنفسى منك
و لا تحملنى على الرعيه فانى الى الرفق بهم احوج
و لما ايقن عبد الملك بن مروان بالموت قال و الله لوددت انى كنت منذ ولدت الى يومى هذا حمالا ثم اوصى بنيه بتقوى الله و نهاهم عن الفرقة و الاختلاف و قال لهم كونوا بنى ام برره و كونوا فى الحرب احرارا و للمعروف منارا فان الحرب لم تدن منيه قبل وقتها و ان المعروف يبقى اجره و ذكره و احلوا فى مراره و لينوا فى شده و كونوا كما قال بن الاعلى الشيبانى
ان القداح اذا اجتمعن فرامها ... بالكسر ذو حنق و بطش باليد
عزت فلم تكسر و ان هى بددت ... فالكسر و التوهين للمتبدد
رحم الله عبد الملك بن مروان كان من الاعلام و لم تكن له مساوىء الا توليته الحجاج بن يوسف الثقفى على المسلمين فى العراق فما سمعت غير هذا عن عبدالملك فهو منه برىء و قال قبل موته
لعمرى لقد عمرت فى الدهر برهة ... و دانت لى الدنيا بوقع البواتر
فاضحى الذى قد كان مما يسرنى ... كلمح مضى فى المزمنات الغوابر
فيا ليتنى لم اعن بالملك ساعه ... و لم اله لى الذات عيش نواضر
و كنت كذى طمرين عاش ببلغه ... من الدهر حتى زار ضنك المقابر
رحم الله عبد الملك بن مروان كان يقول ولدت فى رمضان و فطمت فى رمضان و ختمت القران فى رمضان و بلغت الحلم فى رمضان ووليت الخلافة فى رمضان و اخشى ان اموت فى رمضان فلما مضى شهر رمضان امن من الموت فلما امن جائته سكرة الموت بالحق فى شهر شوال
هذا ما قلته فستعلمون ما اقول لكم و افوض امرى الى الله ان الله بصير بالعباد
