سعة رحمة الله ومغفرته
كلمة الشيخ محمد الشنقيطي :بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي بسط يده
للتائبين، وعمَّ برحمته ذنوب المسيئين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إله
الأولين والآخرين، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله المبعوث رحمةً
للعالمين، صلى الله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين، وجميع من سار على نهجهم
إلى يوم الدين، كلما رقت قلوب المنيبين وكلما دمعت عيون المسرفين. أما بعد:
فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته:أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يجزي أخي
الفاضل الشيخ: خالد كل خير على هذا المجمع المبارك، وأن يجزيكم جميعاً خير
الجزاء وأجزله على هذا المجلس، وأن يكتب لنا ولكم الخُطى، وأن يوجب لنا ولكم بها
الحب والرضا. ثم إنه لمن توفيق الله جل وعلا أن تُختار هذه الآيات الكريمة، وهذه
المقاطع الجليلة العظيمة التي كان بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقول:
(إن أرجى آية في كتاب الله هي هذه الآية: http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifقُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا
تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[الزمر:53]) أرجى آية في كتاب الله تجبر كسر المكسورين،
وتحدث السلوان للمصابين: http://audio.islamweb.net/audio/sQoos.gifقُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ
رَحْمَةِ اللَّهِ http://audio.islamweb.net/audio/eQoos.gif[الزمر:53].هذه الآية الكريمة التي نظر الله عز وجل فيها إلى أمم غرقت
في ذنوبها .. وقلوب أسرفت في غيها وفجورها.. وإلى أمم تعيش في الظلمات..
وقلوب حائرة في السقاطات والجهالات.. إلى تلك الجموع التي هوت وضلت عن
سبيل الله وغوت.. إلى قلوب طالما فرت عن ربها وأفئدة طالت غربتها عن خالقها،
نظر الله إليها نظر الرحمة؛ لكي يناديها بهذا النداء، فنسبها إليه جل وعلا: (قُلْ يَا
عِبَادِي) ومن لهم غيره؟! ومن لهم سواه؟! ومن يرجون عداه؟! حينما عظم من النفس
إساءتها، وجل منها خطيئتها ووزرها، نظرت إلى اليمين والشمال ومن فوقها ومن
تحتها ومن أمامها وخلفها، فعلمت عندها أن لا مفر من الله إلا إليه.عندها أقبلت على
الله جل وعلا، والقلوب محترقة بالحزن والألم، والنفوس متوهجة من شديد العتب
والندم، تحس أنه ما كان ينبغي ما فات وسودت به الصحائف، تحس أنه لا غنى لها
عن ربها، وأنها قد أسرفت في فجورها وغيها، وأنه إذا لم تصب برحمة من فاطرها
فالويل ثم الويل لها، فعندها أحست من صميم القلب والفؤاد أن النجاة هناك، وأن
المفر إلى هناك، إلى الله وجلَّ الله. إلى من إذا دمعت بين يديه دمعة غسلت الذنوب ..