بسم الله الذى تواضع لكرم جودة كل منفق و لا اله الا الله منه اكتسب الاغنياء ما وهبهم من بحر جوده فاصبحوا منه فى رضا فمنهم من فاز بالقرب منه فدفع المال ينفق منه ليلا نهار حتى امسى فى كنف الرحمن و منهم ظالم لنفسه امسك يده خشيه الانفاق فغلة يده الى عنقه فهو منكوس على عاتقه فالجود منه و لا جواد غيره تعالى فاولى ثم اولى بالفقراء ان يعودوا الى الله يهجعون اليه ليجود عليهم بجوده و طوبى لهم ان صبروا و اولى بالاغنياء ان يظفروا بالقرب منه حتى ينالوا رضاه لانه من وصل الى جود الله و بخل سعر له السعير لانه صاروكيل مؤتمن و لذلك قال الله تعالى فى احديث القدسى ( الاغنياء وكلائى و الفقراء عيالى فاذا بخل وكلائى على عيالى ادخلتهم نارى و لا ابالى ) و من لم ينل من الجود ازلفت له الجنه لانه صبر فان المتفضل هو الله و لقد قال تعالى مخاطبا الاغنياء الذين نالوا قطرة من بحر جوده فقال ( يا ايها الانسان ما غرك بربك الكريم ) و معناها غره حلمه و كرمه فبخل بالمال و منعته شح نفسه ان ينفقه فى سبيل الله و لذالك ما من ليله اختلط ظلامها و ارخى سربال سترها على الناس الا نادى الجواد الجليل جل جلاله من بطنان عرشه ( انا الجـــــواد و من مثلى يجود على الخلائق و هم عاصون و انا لهم مراقب اكلؤهم فى مضاجعهم كانهم لم يعصوا و اتولى حفظهم كانهم لم يذنبوا فيما بينى و بينهم اجـــــود على العاصين و اتفضل على المسيئين من ذا الذى دعانى فلم استجب له ؟ من ذا الذى سالنى فلم اعطه ؟ من ذا الذى اناخ ببابى فطرته ؟ انا المتفضل و منى الفضل و انا الجواد و منى الجود و انا الكريم و منى الكرم ) ايها السائل الكريم و ايها الاخ الفاضل ان بحر جود الله نقطة منه تملا الارض ريا و نظرة من عين رضاه تجعل الكافر و ليا عليكم جميعا بطرق باب جود الاعلى تعالى فلن ترجعوا خائبين و تعلموا من اخبار السابقين و الامم الغابرين فقد روى ايها الساده الاحباب و الاخوة الارياب ان نبى من الانبياء راى فى منامه قائلا يقول له اذا اصبحت فاول شىء يستقبلك فكله و الثانى اكتمه و الثالث اقبله و الرابع لا تياسه و الخامس اهرب منه فلما اصبح اول شىء استقبله جبل اسود فتعجب منه و قال كيف اكله ثم عزم على امتثال الامر فكلما دنا منه لياكله صغر حتى كان كاللقمه الواحده فاكله فوجده كالعسل ثم وجد طشتا من ذهب فدفنه فى الارض فقذفته الارض ثانيا فدفنه فقذفته ثالثا ثم تركه و مضى ثم استقبله طير خلفه باز فقال الطير اغثنى يا نبى الله فجعله فى كمه فقال الباز يا نبى الله لا تمنعنى من رزقى فقطع له قطعه من فخذه و اطعمه حتى شبع ثم ارسل الطائر ومضى فراى جيفه فهرب منها ثم قال يارب فسر لى هذا فاوحى الله اليه ان الجبل الذى اكلته هو الغضب يكون فى اوله كالجبل و فى اخره اذا صبر و كظم غيظه فانه يصغر و يحلو كالعسل و الطشت هو الحسنات كلما اخفيتها ظهرت و اما الطائر فمن اتمنك فلا تخنه و اما الباز اذا سئلك طالب حاجه فاجتهد فى قضائها و اما الجيفه فهى الغيبه و النميمه فاهرب منها هكذا ايها الاخوة تبدوا الدنيا لمن عرفها و تبصر بها فلابد ان يكون الانسان جوادا ليكتسب من اسماء الله صفه و ليتخذ من صفات الله اسماء فيكتمل عندك من صفات الله الله تعالى و اسمائه ما يؤهلك لان تكون عبدا ربانيا تمشى على الارض ملائكيا لا يرومك عدو بسوء الا قسمه الله فالكرم ان تكون بمالك متبرعا و عن مال غيرك متورعا و كان عبدالرحمن بن عوف رضى الله عنه يطوف حول الكعبه و يقول اللهم قنى شح نفسى فسئل عن ذالك فقال ( و من يوق شح نفسه فاولئك هم المفلحون ) فالرضا بالنسبه للفقراء بما اراده الله لهم يعتبر فخرا ووساما على صدورهم لانه ارتضوا الجنه بدلا و من يرفض ان يقايض على نعيم مقيم بنعيم زائل الا المتقين الصابرين المحتسبين قال بعض العارفين رايت كان القيامه قد قامت و الناس يذهبون الى الجنه زمرا زمرا فنظرة الى طائفه هم احسن الناس وجها فذهبت لاكون معهم فحالت الملائكه بينى و بينهم فقلت لهم و لما قالوا هؤلاء هم السابقون الصابرون لا يكون معهم فى الدنيا يمتلكونه الا قميص واحد و انت كان لك فيها قميصان و من كل شىء اثنان فاستيقظ مرعوب فصار لا يمتلك الا واحد من كل شىء بقيت حياته و قال الجنيد رضى الله عنه دخلت على السقطى رضى الله عنه فرايته يبكى فسالته فقال جاءتنى بنتى البارحه و قالت يا ابى هذه ليله حاره افاعلق لك الكوزحتى يبرد فقلت نعم فرايت فى المنام حوراء لم ارى احسن منها فقلت انت لمن فقالت لمن كان فى ليله حاره و لمن يشرب المبرد فلما استيقظت اخذت الكوز و ضربته على الارض ايها الاخوة الدنيا زائله فانيه لا يبغيها طالب الا هلك و انا اعجب كل العجب من الذين يكنزون المال و يختزنونه فى البنوك و البيوت و لا يدرون انهم لا يتمتعون به و انهم محاسبون عليه و اعجب كل العجب من الفقير يغضب لفقره و قد بنى له قصر فى الجنه فيزول منه لعدم رضاه بما اختاره الله تعالى له و كان عيسى عليه السلام يلبس الشعر و يتوسد الحجر و ياكل الشعير و كان عليه السلام يقول سراجى القمر و طعامى نبات الارض و دابتى رجلاى فهل يوجد على وجه الارض غنى مثلى و لقد اشتد على عيسى عليه السلام يوما الرعد و البرق و المطر فجعل يطلب شيئا يلجا اليه فراى خيمه فاتها فوجد فيها امراه فتركها فاذا بغار فى جبل فاتاه فوجد فيه اسد فوضع يده على راسه و قال يا الهى جعلت لكل شىء ماوى و لم تجعل لى ماوى فاوحى الله اليه ماواك فى مستقر رحمتى و لازوجنك مائه حوراء يوم القيامه و لامرن مناديا ينادى اين الزهاد فى الدنيا زوروا عرس عيسى الزاهد عيسى بن مريم ايها الاخوة لا تحايل على الله فى رزق و لا كيد عليه تعالى فى ملك لانه لا سبيل لان ينال احد ذالك الا برضاه و هو الكريم و منه الجود لا يرد سائل و لا يخيب رجاء المضطرين فادعوه يستجب لكم
ايها الاخوة الاعزاء ما كنت من هوات الكلام و لكن
جفت الاقلام و انطوت الصحف