بالرغم من هذه اللامبالاه لكن الله قادر على فعل ما لا يخطر على العقول و انعم على المؤمنين بالتوفيق و التأييد و حرم الظلم و اوعد من ظلم بالانتقام الشديد ووهب للعادل الجزيل من العطايا و اكرمه بالمزيد لقد اصبح الناس فى هذا الزمن العقيد ما بين صديق خائن و حبيب شائن و شاهد زور وقاتل نفس و شارب خمر و سارق وزانى و عاق لوالديه و ظالم لجاره حتى ضاعت الاخلاق و انعدمت روح الشريعه الاسلاميه بما فيها من المبادىء و القيم وكذالك قل العمل باوامر الدين الحنيف و نواهيه فنتج عن ظالم قبوح الظلم فوق صدور الخلق و جثويه على رقاب كل الناس فاصبح الظالمون من شديد تيارات الظلم المختلفه المنجرفه من جميع الاتجاهات لا يرى الا مساكنهم فقد خلت انفسهم من الاعراف و القيم و الاخلاق فاصبحت كالرميم فعمت الفوضى فلا الظالم يرجع عن ظلمه و لا المظلوم يعفو عن حقه او يقوم بمجرد كظم غيظه ذالك اصبح الظلم من اكبر الكبائر و ارزل الرزائل و الظلم ظلمات يوم القيامه ليكون للظالمين يوم حسرة و ندامه فطريق الظلم شائك مقشعر الجوانب مستنفر الاظافر حسيف الانبثاق لا يعرف القريب من الغريب و لا الصاحب من العدو و لذالك فالظلم على انواع و اشكال ظلم النفس و ظلم الغير و كلاهما حرام قطيعا لا مراء فيهما فظلم النفس ان يكلفها الانسان ما تطيق من العمل و قد نهانا الله عن ظلم النفس فى اكثر من نص قرانى شريف و قد يكون ظلم النفس كذالك بكثرة طاعتها و اعطائها ما تشتهيه لان النفس اماره بالسوء و هى وكيله شر للشيطان و الاغواء و رمى الانسان فى المهالك و العصيان و اما ظلم الغير فهو ان يغتصب من غيرة ما لا يحق له التصرف فيه رغم انف صاحبه و بعدم رضاه فهذا حرام ايضا و قد بين الله تعالى انه يعفو بقدرته عن حقه و يتجاوز عنه و لكنه لا يرضى عن الظالم لغيره حتى يعفو عنه و يرد المظلمه اليه فالظلم قد يكون سببا هلاك للقرى و المدائن و الشعوب قال تعالى ( وتلك القرى اهلكناهم لما ظلموا ) فاجتناب الظلم و الابتعاد عنه يكون بمثابه طوق النجاة لكل الناس اجمعين
اذا اتخذ الظلم ابن ادم مذهبا *** ولج عتوا فى قبيح اكتسابه
فكل الى صرف الليالى فانها*** ستبدى له ما لم يكن فى حسابه
فكم قد راينا ظالما متجبرا*** يرى النجم تيها تحت ظل ركابه
طغى و بغى حتى اذا غره النوى*** اناحت جميع النائبات ببابه
فعلى الظالم ان يتقى دعوة المظلوم فان دعوته ليس بينها و بين الله حجاب و هى مستجابه لانها دعوة حاره صادرة من قلب متاثر فلا يردها الله ابدا و لكنه يقبلها لانه لم يخلق الناس عبثا و لن يضيع حقوقهم سدا فان رسول الله لما بعث معاذ ابن جبل الى اليمن اوصاه وصيه جامعه مانعه محكمه فقال له فيها ( اتق دعوة المظلوم فليس بينها و بين الله حجاب ) فاترك الظلم تسلم من عذاب الله و اطلب العفو ممن ظلمته قبل ان يطالبك هو بحقوقه امام العادل جل فى علاه يوم القيامه و اعلم ان الله حرم الظلم على نفسه فقال ( و لا يظلم ربك احدا ) و سمى نفسه المقدسه ( العدل) ثم حرم الظلم على جميع الناس فقال فى الحديث القدسى ( يا عبادى انى حرمت الظلم على نفسى و جعلته بينكم محرما فلا تظالموا ) فظلم الناس بالتعدى على اموالهم و اعراضهم و استباحت دمائهم و سبهم و قذفهم و الاعتداء عليهم بالضرب و الاستطاله بدون وجه حق كل هذا ظلم محرم ( و سيعلم الذين ظلموا اى منقلب ينقلبون ) و اعلم ان هناك منادى يونادى من خلف الصراط ان يا معشر الجبابره الطغاه يا معشر المترفين الاشقياء ان الله يحلف بعزته و جلاله ان لا يجاوز هذا الجسر اليوم ظالما و عن عبدالله بن سلام قال لما خلق الله الخلق و استووا على اقدامهم رفعوا رؤسهم الى السماء و قالوا يا رب مع من انت قال مع المظلوم حتى يؤدى اليه حقه و عن عبدالله بن انيس قال سمعت رسول الله يقول يحشر العباد يوم القيامه حفاه عراه غرلا بهما فيناديهم مناد بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب انا الملك الديان لا ينبغى لاحد من اهل الجنه ان يدخل الجنه او احد من اهل النار ان يدخل النار و عنده مظلمه ان اقصه حتى اللطمه فما فوقها و لا يظلم ربك احدا و من اعظم المظالم المماطله فى اداء حقوق الناس مع القدرة على الوفاء و من الظلم ان يسلب المراه حقها بعد طلاقها من صداقها و نفقتها و كسوتها و من الظلم ان يستجر اجيرا او انسانا فى عمل و لا يعطيه اجرته فالحظر الحظر من الظلمه او مجرد مخالطتهم و معونتهم او حتى الدخول عليهم و مجالستهم قال تعالى ( و لا تركنوا الى الذين ظلموا فتمسكم النار ) و قال تعالى ( احشروا الذين ظلموا وازواجهم ) اى اشباههم و امثالهم و اتباعهم و من هم على شاكلتهم و عن بن مسعود قال قال رسول الله ( سيكون امراء يغشاهم غواش او حواش من الناس يظلمون و يكذبون فمن دخل عليهم و صدقهم و اعانهم على ظلمهم فليس منى و لست منه ) و من توابع اعانه الظالم نيله من ظلمه فمن اعان ظالم سلط عليه فالحظر الحظر فكم لم يمهل الموت نفسا ظالمه ان تتوب الا واخرجها من دارها لم يدارها و كم انزل اجسادا بجارها و لم يجارها و كم اجرى العيون كالعيون بعد قرارها و كم اضاع توبت بعد تثبيتها فلابد للظالم ان يرجع عن ظلمه و ان يعود الى ربه و لينظر الى الهوالك الطغاه من قبله اين ملوك المغارب و المشارق اين من عمر النواحى و غرس الحدائق و نال الامانى و ركب العوانق لقد صاح به من داره غراب البين ناعق و طرقه فى لهوه اقطع طارق و كم زجرت عليه رعود و صواعق و حل به المشيب بعض المفارق و هجره الحبيب و الصاحب الصادق و نقل من جوار المخلوقين الى جوار الخالق لقد ناوله الله الموت فلم يحاشه و ابدله بخشن التراب بعد لين فراشه و مزقه الدود فى قبره كتمزيق قماشه فاصبح فى ضنك من معاشه و فارقه الصديق فلم يماشه .................
توبت الى الله فلست للكلام هاوى استغفر الله فالقلب ناوى