لقد صار الاسلام ينمو رويدا رويدا ببطء يماشى الحياه فى سيرها و كان رسول الله صابرا صبر حتى اطفأ لهيب حر الشمس من شده تجلده و كأن التاريخ واقف لا يتزحزح ضيق لا يتسع جامد لا يلين و كان رسول حيا كأنه اخا للشمس يطلع كلاهما كل يوم مره و اعتنق الاسلام صفوة الناس و جدوا فيه خلاصهم و خلاص مصيرهم و رأوا رسول الله يناديهم ايها التاهون الباحثون عن الطريق ايها الحائرون الباحثون عن الملاذ ايها الكادحون المالئون حياتهم بالكد و العنت و العناء هذا هو انا الطريق لخلاصكم هذا هو المنقذ لكم من التيه و الضلاله و عاش رسول الله بين اصحابه صديقا للحياه يحب لها ان تستمر و يحب الانسان لاخيه ما يحبه لنفسه و لقد كان يحترم الحياه فى كل شأن من شئونها
كان رسول الله اذا ابصر نبته طالعه فى تلك الصحراء الجرداء انحنى عليها و قبلها بفم شكور و يقول ربى و ربك الله و كان اذا هطل المطر سارع الى الطريق و عرى عن صدره ثيابه ليتلقى ماء المطر على جسده مباشره و يقول انه نقى فهو قريب عهد بالسماء و كان اذا اشرق هلال الشهر الجديد يرقبه بكل حفاوة و غبطه و يكون له منه دعاء يقول اللهم اهله علينا بالامن و الايمان و السلامه و الاسلام و لم يكن الرسول انسانا مع صحابته وحدهم بل كان انسانا مع الحيوان ايضا دخل ذات يوم بستانا فابصر بعيرا فى جانب من جوانب البستان و لما راه البعير سالت دموعه غزيره من عينيه فسال رسول الله من صاحب هذا البعير قال شاب واقف انا يارسول الله فقال له النبى انه يشكو الى من انك تجيعه و تحمله ما لا يطيقه فاعتزر الشاب و تاب الى الله و كان كثيرا ما يحدث ( دخلت امراه النار فى هره ربطتها فلم تطعمها و لم تدعها تاكل من خشاش الارض ) و كان يقول ( اذا قتلتم فاحسنوا القتله و اذا ذبحتم فاحسنوا الذبحه ) و كان رسول الله انسانا مع صنوف الناس الذين يستحقون حسن المعامله من اخوانهم و يودون ان يمدوا اليهم يد المعاونه فى زمن غفل الناس عن امثالهم هذا الصنف هم الشيوخ العجائز و الارامل و العجزة هؤلاء لم ينساهم الرسول الانسان من مظنه ان ينسوا فى زحمه الحياه فكان النبى يقول ( الساعى على الارمله و المسكين كالمجاهد فى سبيل الله و كالذى يقوم الليل و يصوم النهار ) و كان الرسول يحنوا و يحن على الاطفال و نراه عليه السلام يسمع بكاء طفل رضيع كانت امه تصلى خلفه فى المسجد و قد احضرة طفلها معها فليس لديها خادمه تقيم به فى المنزل فتتركه معها فحينما سمع رسول الله صوت الرضيع و هو يبكى يدرك ان طفلا جائع يطلب صدر امه فينهى عليه السلام صلاته على عجل و يضحى بلذة مناجاته لربه و مناجات اصحابه معه رحمه بهذا الرضيع حتى تنهى امه ايضا صلاتها لانها كانت تصلى خلف رسول الله و كان رسول الله يحلب شاته و يخيط ثيابه و يخصف نعله
ان انسانيه الرسول متراحبه تراحب الافق مشرقه كنور الفجر الساطع مزهره ازدهار ورود الربيع فياضه بالخير كالسحاب الثقال علم البشر و ضرب لهم اروع الامثله فى الانسانيه علم العالم كله كيفيه التعامل بحسن الخلق و الادم و الاحترام مع من حولنا من المخلوقات انسانا و حيوانا و طيرا و جمادا بالانسانيه المخلصه فكان يقول عليه السلام ( لا تقاطعوا و لا تدابروا و لا تباغضوا و لا تحاسدوا و كونوا عباد الله اخوانا )