الحمد لله المنفرد باسمه الأسما المختص بالعز الاحما الذى ليس دونه منتها و لا وراءه مرما الظاهر لا تخيل و لا وهما الباطن تقدسا لا عدما ووسع كل شىء رحمة و علما الذى بعث فى الناس رسول سادهم عربا و عجما فهو ارجحهم عقلا و ازكاهم حلما و اوفرهم فهما و اقواهم يقينا اشدهم بهم رحما و اطهرهم روحا و جسما و حاشاه غيبا و وصما ففتح تعالى به اعينا عميا و قلوبا غلفا و اذانا صما ذالك النبى البشرى الربانى النورانى الباهى كان قرانا يمشى على الارض فخما مفخما يتلألأ وجهه تلألؤ القمر ليلة البدر كان اذا مشى يمشى وهنا خافض الطرف نظره الى الارض اطول من نظره الى السماء تأدبا و كان متواصل الاحزان يتسربل بالايمان و دائم الفكره ليست له راحه و لا يتكلم فى غير حاجه طويل السكوت و اذا تكلم يتكلم بجوامع الكلم ليس بالجافى و لا المهين لا يغضب لنفسه و اذا فرح غض طرفه و جل ضحكه و كسا وجهه الابتسام و يفتر عن مثل حب الغمام ذالك النبى الهمام كان يحب اهل الفضل و الدين عطوف على اليتامى و المساكين و يكرم الكريم و يتفقد اصحابه و يسئل الناس عما فى الناس و اذا اجتمع اهل المشوره كان مؤلف غير مختلف اثنى عليه ربه بمحامد كثيره ووصفه تعالى بأوصاف حميده فزكى فؤاده فقال ( ما كذب الفؤاد ما راى ) و زكى لسانه فقال ( و ما ينطق عن الهوى ) و زكى بصره فقال ( ما زاغ البصر و ما طغى ) و زكى كل جملته فقال ( و انك لعلى خلق عظيم ) لقد ولد النبى على غير عاده البشر حيث انه صلى الله عليه و سلم ولد رافعا رأسه شاخصا بصره و خرج معه نور اضاء كل الكون قالت ام النبى لما ولد اضاء لى ما بين المشرق و المغرب حتى نظرة الى قصور الروم و فى يوم مولده ارتج ايوان كسرى و سقط شرفاته و غيضة بحيرة طبريه و خمدت نار الفرس و خرت اصنام قريش و اهتزت الجبال الرواسى و امتلأت السماء حراسه بالشهب و قطع رصد الشياطين و منعت الجن استراق السمع و نزل الغيم يظله و الاشجار اينعت و اثمرت و دلت اغصانها كانها تسلم عليه و انشق له القمر و لم تستطع الشمس ان تؤذيه بشدة حرارتها و كان يمشى و لا ظل له و الذباب كان لا يقع على ثيابه و كان يرى من خلفه كما يرى من امام تنام عينه و قلبه لا ينام كان يتكلم بعلوم الغيب و يرمز بالاشاره اذا تكلم بلسان الحقيقه فى يوم مولده يجب ان نحتفل بذكراه بان نحيى سنته فى اعمالنا و نجدد محبته فى قولبنا لان مولده من اعظم الهدايا التى امتن بها علينا رب البرايا
صف ليلة المولد وصفا حسنا ** هى ليلة القدر يا واصفا عندنا
قد اشرقت فابتهجت بها الدنيا ** و اعتدلت فلم يكن فيها ظلاما
وليله مولد المصطفى وسعتنا ** بها اجتمعت افراحنا و سعدنا
اعتزر لحضراتكم لانى ساقف هنا و اصارحكم بانى لا استطيع ان اتحمل ذالك النور الذى يغمر قلبى و انا اكتب ذالك الموضوع كاد عقلى ان يطيش و لسانى يتثاقل و لا استطيع ان اكتب ولو مجرد كلمه فحب النبى تملكنى اعتزر على التوقف و استودعكم الله
