كيف قتل الحسين رضى الله عنه -2
أحمد الله وأشكره وأثنى عليه واستغفره وأسأله أن يوزعنا شكر نعمه وأن يدفع عنا نقمه وأشهد أنه الله الحق لا اله غيره ولا معبود بحق سواه وأشهد أن محمدا مرسل من ربه وأنه بلغ الرساله وأدى الأمانه ونصح الأمه وكشف الله به الغمه وجاهد فى سبيل ربه حتى أتاه اليقين فصلوات ربى وسلامه عليه وعلى اله واصحابه الطيبين الطاهرين -وبعد نستكمل بفضل الله وعونه الموضوع الذى بدأناه عن مقتل الحسين --وأيضا نصحه عبدالله ابن عباس لما بينهما من قرابة فقال له -انى أخاف عليك من هذا الوجه الهلاك- ان أهل العراق قوم غدر -أقيم بهذا البلد فانك سيد أهل الحجاز فان كان أهل العراق يريدونك كما زعموا فليتقوا عدوهم ثم أقدم عليهم بعد ذلك -فان أبيت الا أن تخرج فسر الى اليمن فان لها حصونا وشعابا-ولأبيك فيها شيعة -فلما رأى العباس منه شدة الرغبة فى الخروج قال له -ان كنت لابد فاعلا فلا تأخذ أحدا من أولادك ولا أهلك -وهذه نصيحة أخيه وابن عمه له قبل خروجه من المدينه -لأنهما رأيا أن ترسل الرسل الى البلاد فتدعوا الناس الى مبايعته فان أجمعوا على مبايعته ذهب اليهم وان أجمعوا على غيره لم يكن ليفقد من صفاته المحموده -ولكنه صمم على السفر وسافر ومن معه الى مكه المكرمه -ولما بلغوا مشارفها تلا قول الله تعالى (ولما توجه تلقاء مدين قال عسى ربى أن يهدينى سواء السبيل )وبعد دخوله مكه أرسل اليه أهل العراق عامة والكوفة خاصة طالبين منه الذهاب اليهم لمبايعته فأرسل اليهم ابن عمه مسلم عقيل ابن ابى طالب ليعجم عودهم وينظر فى صدق دعوتهم -فقابلوه بالترحيب فنادى بشعار الحسين فاجتمع لديه ما يزيد عن أربعة ألاف مقاتل -ولما سمع يزيد بذلك عزل الوالى لاهماله وعين بدلا عنه عبيد ابن زياد وأمره بقتل مسلم ومن يلتف حوله ولم يلبث مسلم حتى رأى الناس ينفضون من حوله بتأثيرالخوف والبطش والتنكيل كما لعبت بينهم الرشوة والوعد بالزلفى وحسن الجزاء -روى الطبرى فى تاريخه وأبو الفرج الأصبهانى فى مقاتل الطالبين -أن امرأة كانت تقول لولدها انصرف الناس يكفونك -والرجل يقول لأخيه وولده غدا يأتيك أهل الشام فما تصنع الخرب وما زال الناس ينفضون عن مسلم اسفين ولسان حالهم يقول (أحب الحسين ولكننى ---لسانى عليه وقلبى معه )وبذلك أصبح مسلم وحيد يمشى فى أزقة الكوفه حتى اذا أتى دار عجوز استضافها فأضافته -فبات ليلته عندها ولكن وشى به فى الصباح فحوصر وقوتل وكان أمامه سبعون من جند الوالى فحاربهم وهو يقول مرتجزا (أقسمت ألا أقتل الا حرا--وان رأيت شيئا نكرا --كل امرئ يوما يلاقى شرا--أخاف أن أكذب أو أغرا--)وبعد ان أثخن بالجراح أسند ظهره الى حائط فأعطوه الأمان ونزعوا سلاحه وأخذوه الى الوالى وقتلوه غدرا وكان مقتله فى التاسع من ذى الحجه -وقبل ذلك بيوم واحد خرج الحسين فى طريقه الى العراق وكلما قابل أحدا فى الطريق أخبره بمقتل رسول من رسله -ولذلك اختلف أصحابه الذين معه فى الرأى فمنهم من نصح بالرجوع -ومنهم من أجمع على السير وليكن ما يكون -عند ذلك خالطه الياس فقال لمن معه -قد خذلنا شيعتنا فمن أراد منكم أن ينصرف فلينصرف ليس عليكم منا ذمام -فانصرف أتباعه ولم يبق منهم الا القليل وأهل بيته -وعند جبل ذى حسم التقى بطلائع جيش عامل يزيد ومع قائده أمر من الوالى بأن لايدع الحسين حتى يأخذه الى الوالى عند ذلك صاح الحسين قائلا -أيها الناس انى لم أتكم حتى أتتنى كتبكم ورسلكم أن أقدم علينا فليس لنا امام لعل الله يجمعنا بك على الحق -وقد جئتكم فان تعطونى ما أطمئن اليه من عهودكم ومواثيقكم اقدم مصركم وان لم تفعلوا وكنتم لقدومى كارهين أنصرف الى المكان الذى أتيت منه فلم يجبه أحد -ثم أمر باقامة الصلاة وبعدها سار فى طريق العذيب والعدو يطارده ويصده عن طريقه ويصر على أخذه معهم -فقال أيها الناس -ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (من رأى سلطانا جائرا مستحلا لحرم الله مخالفا لسنة رسول الله يعمل فى عباده بالأثم والعدوان فلم يغير ما عليه بفعل أو قول كان حقا على الله أن يدخله مدخله )الا ان هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان وتركوا طاعة الرحمن وأظهروا الفساد وعطلوا الحدود واستأثروا بالبغى وأحلوا حرام الله وحرموا حلاله -وأنا أحق من غيرى وقد أتتنى رسلكم وكتبكم سعتكم -وانكم لا تسلموننى ولا تخذلوننى فان بقيتم على بيعتكم تصيبوا رشدا -وأنا الحسين ابن على وابن فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم -نفسى مع أنفسكم وأهلى مع أهلكم فلكم أسوة وان لم تفعلوا ونقضتم عهدى وخلفتم بيعتى فلعمرى ما هى عليكم بنكير والمغرور من اعتز بكم فحظكم أخطأتم ولنصيبكم ضيعتم -ومن نكث فانما ينكث على نفسه وسيغنى الله عنكم والسلام -فسكت القوم وقام رئيسهم الحر ابن يزيد يحذره ويقول له----------------- نستكمل فى الموضوع التالى ان شاء الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
