من اخطر الخطر الذى يحوم حول الانسان و لعله يدعه العاقل فى اوئل قوائم الحظر هو عداوة الشيطان له فقد ينسى الانسان ما حدث مع ادم عليه السلام حينما اكل من الشجره التى زويت عنه اختبار له و لزوجته و اذله الشيطان عنها بما قاسمهما عليه من النصيحه فاكل ادم من الشجره نصحا و كانت لابليس مكيدتا و ذلا فاخرجهم الله بسبب ما اقترفا من جنه و نعيم و انزلهم الارض لتكون لهم مأدبه الى يوم الدين و من يومها و الشيطان عدو للانسان مسلط عليه يجرى فيه مجرى الدم فى العروق لذالك يجب على العاقل ان ينتبه لهذا العدو المبين و ان يقمعه بالجوع و عدم الشبع فان الجوع اشد قهر لهذا العدو اللعين فما غدا ادم فى ذلته الا بشبع بطنه فكانت اعظم المهلكات لادم شهوت البطن فاصبح الجوع من اقوى الاسلحه التى تضيق على الشيطان مسالكه فاذا قلل الانسان من الطعام ماتت فيه الشهوات ففى الحديث الذى رواه الطبرى قال رسول الله ( اهل الشبع فى الدنيا هم اهل الجوع غدا فى الاخره ) لانهم بسبب الشبع اثقلت اجسامهم و اذلهم الشيطان فتكاسلوا عن اداء الفرائض و الصحابه رضى الله عنهم كانوا للشيطان بالمرصاد و كانوا يعلمون يقينا انه عدوهم لذالك كانوا يستعدون له و يسلحون انفسهم بما يعينهم على رد كيده فكانوا رضى الله عنهم اذا رجعوا من جهاد الكفار فى الحرب يقولون ( رجعنا من الجهاد الاصغر الى الجهاد الاكبر ) لان جهاد الكفار يكون فى وقت دون وقت و الشيطان عداوته دائمه و جهاد مع عدو تراه اسهل من جهاد مع عدو لا تراه و جهاد الكافر قد تقتله و لكن الشيطان لا يقتل لذالك كان الجهاد مع الشيطان اشد و اكبر من جهاد الكفار و مصايد الشيطان للانسان كثيره كما ان مداخله اليه متعدده لكثره غفله الانسان و تفريطه فى اداء ما توجب عليه من شتى فرائض وواجبات شرعت لتكون عبادات لله تعالى فقد بدا الشيطان ليحيى بن زكريا عليه السلام و كان الشيطان عليه معاليق فقال له يحيى ما هذه فقال الشيطان هذه الشهوات التى اصطاد بها ابن ادم فقال يحيى و هل تجد لى فيها شيئا قال الشيطان لا الا انك شبعت ذات ليله فثقلناك عن الصلاه فقال يحيى لا جرم فانى لا اشبع بعدها ابدا فقال ابليس لا جرم فانى لا انصح احدا بعدك ابدا .
فلابد للعبد الذى اخلص عبوديته لخالقه ان يستعين بالله تعالى على عدوه الخفى الذى ينتهز الفرص فلا يدعها بدون الانقضداد على ينابيع الايمان فى نفسه فيقتلها و لعل سلطان الجوع هو اقوى سلاح ينهزم امامه ذالك العدو اللعين لذالك تظهر الحكمه العليا جليا التى من اجلها فرض الله تعالى الصيام على عباده لان الله تعالى عليم بحالهم خبير بما يعينهم ( الا يعلم من خلق و هو اللطيف الخبير ) فكان لزاما علينا اجهاض ذالك العدو بتفريغ البطن من المخزون الزائد فيها من الطعام و التورع بعدم اتباع شهوات النفس الاماره و اتباع منهاج النبى فى صيامه فلا نقتصر على صيام الفرض دون السنن و ان نؤدى الصلوات فى وقتها لنصبح كراما و لربنا ابرارا عسى ان يغفر لنا ما فرطنا فيه بسبب غفلتنا عن عدونا و يرفعنا بمعونته فى الدنيا دار الذل و الافتقار الى العمل بما يدخلنا بلطفه فى الاخره دار العز و القرار انه تعالى هو الكريم العزيز الغفار .
