بسم الله و بالله و من الله و لله و لا اله الا الله .... و بعد
فانه لا يوجد على العباد اكرم من الله و لا يوجد اجود منه تعالى عليهم
فهو من تولاهم بالربوبيه و هو من رعاهم برق العبوديه و هو من صورهم بذل الالوهيه
لذالك اصبغ عليهم نعمه ظاهره و باطنه فهو اكرم من يخلق عباده و يامرهم بطاعته ثم يجعلهم يحتاجون الى غيره لذالك تكفل تعالى برعايتهم و رزقهم و تيسير سبل العيش لهم فى ظل طاعته
فامطرهم بالرزق من السماء و اغضقهم بالجود من الارض ثم اتمهم و اكملهم بنعمه ركبها فى خلقتهم فاحسن بها صورهم
و هذه النعم المركبه فى خلقتهم تنقسم الى قسمين نعمه عامه و نعمه خاصه و ذالك بموجب العدل حتى يتنافس المتنافسون
من عباده المؤمنون و تنافسهم يكون ببذل الجهد فى الطاعات ليفوز بالدرجات الموصلات الى الارتقاء بنعمتهم
التى انعم الله تعالى بها عليهم من النعمه العامه التى هم فيها الى النعمه الخاصه التى يتنافسون للوصول اليها
و النعمة العامه هى كل ما انعم الله تعالى بها على جميع خلقه و تكون مشتركه فى جميع الخلق دون تمييز
مثل نعمه السمع و نعمة البصر و نعمه الكلام و نعمه العقل و نعمه الاراده و نعمه القوه و نعمة الصحه و غيرها على نحو ذالك
و ما النعمه الخاصه فهى ما انعم الله تعالى بها على بعض عباده لخصوصيتهم عنده و لعلو قدرهم و رفيع منزلتهم و كثرة عبوديتهم و اجتهادهم فى الطاعه و اخلاص ذالك كله بغرض القربة من الله و التحبب اليه و حسن الادب معه مع المراقبه و اليقين
مثل نعمة البصيره و نعمة الحس و نعمه الالهامات لبعض الغيب و نعمه الاستشعار و نعمه المكاشفه و نعمه المعيه
و هذه النعم كما قلت انفا هى نعم خاصه لا يصل واصل اليها الا بعض المجاهده و المصابره و المرابضه و الاجتهاد و الاخلاص و المراقبه لله تعالى فى السر و اعلانيه
و هذه النعم قد اشار اليها الله تعالى فى القران بانها خاصه للمتقين المخلصين حيث صرح بها ليتنافس فيها المتنافسون حيث قال
( و اتقوا فتنه لا تصيبنا الذين اتقوا منكم خاصه )
( صراط الذين انعمت عليهم )
( ان الله يدافع عن الذين امنوا )
( كتب الله لاغلبن انا و رسلى )
( الله ولى الذين امنوا )
( و ليمكن لهم دينهم الذى ارتضى لهم )
( يعبدوننى لا يشركون بى شيئا )
( و امنهم من خوف )
و هذه النعمه الخاصه التى اشار الله اليها فى الايات السابقه و غيرها كانت اهم الاهداف التى سعى اليها الصالحون الاولون من صحابه و سلف هذه الامه
فانظر الى السيده رابعه العدويه رضى الله عنها كيف كانت تعامل الله تعالى و كيف كانت تتقرب منه حتى وصلت الى العشق
كانت تتقلب فى درجات تلك النعمه الخاصه حتى فازت برضى الله تعالى و نعيمه فى الدنيا و الاخره
كانت حينما يغلب عليها الخوف من الله تقول
زادى قليل ما اراه مبلغى ** اللى زاد ابكى ام لطول مسافتى
اتحرقنى بالنار يا غاية المنى ** فاين رجائى فيك ثم اين محبتى
و كانت حينما يغلب عليها العشق تقول
ليتك تحلو و الحياة مريره ** و ليتك ترضى و الانام غضاب
و ليت الذين بينى و بينك عامر ** و بينى و بين العالمين خراب
ان صح منك الود فالكل هين ** و كل الذى فوق التراب تراب
و انظر الى ابى بكر الصديق حينما قال له النبى يا ابى بكر ان الله راض عنك فهل انت راض عن الله
فبكى و قال و الله لا اأمن مكر الله و لو احدى قدمى فى الجنه
و انظر الى الامام على ابن ابى طالب يقول سلونى قبل ان تفقدونى فانى عليم بطرق السماء اكثر من علمى بطرق الارض
و انظر الى مسروق حينما قال له الطبيب لا دواء لك الا ان ابتر قدمك فقال اتركنى حتى اصلى ثم اقطعها و انا ساجد
و الحسن البصرى يروح فى اغماء بسبب قول احد الناس له اتقى الله
و مالك بن دينار يقول اللهم ارنى رفيق فى الجنه فيريه الله رفيقه فى الجنه امراه
فيبحث عنها و حينما يصل اليها يجدها ترعى غنما لها فى الصحراء فتصيبه الدهشه
فتقول له ما يدهشك يا ابن دينار فيقول له و كيف عرفتى اسمى فقالت له ان الذى جاء بك الى هنا هو من قالى لى اسمك
ثم يدهش مره ثانيه و يقول لها كيف تتركين الغنم يرعى مع الذئاب فلا الذئب ياكل الغنم وة لا الغنم تخاف الذئب فتقول له يا ابن دينار
انى اصلحت ما بينى و بين الله فاصلح الله بين الغنم و الذئب يا ابن دينار ارجع من حيث جئت فليس لقاءنا هنا و لكن لقاءنا عند الله فى الجنه
الله اكبر هؤلاء هم النماذج الحقيقيه للمدرسه المحمديه هؤلاء هم واجهة الاسلام الصادقه و نبراس الامه الخالده
ليتنا نعيش تلك النعمه واقعيا فى حياتنا الان ليتنا نفعل مثلهم و تنافس فى الوصول الى عرصات الرحمن
فاللهم بلغنا درجاتهم و اوصلنا اليك بك و دلنا على من يدلنا عليك و اجعلنا من المخلصين و من عبادك الراشدين
