صورة واحدة هزت العالم وكشفت زيف أمريكا!!!
صورة تظهر رجالا ببدلات حمراء فاقع لونها وبوسائل أسر عصرية ومتحضرة : نظارات تُعمي، أقنعة تعطل الأفواه والأنوف وتصم الأذان. صورة أُخذت من قبل عسكري أمريكي ونُشرت رسميا من طرف وزارة الدفاع الأمريكي. هذه الصورة قلبت كيان العالم و انقلب العالم بها على رأس أمريكا وأظهرت رامسفيلد الأمين العام للدفاع الأمريكي في موضع حرج أمام كاميرات العالم الذي أُجبر على التصريح بأنها صورة خادعة لأنها أخذت مباشرة بعد وصول الأسرى إلى كوبا. ولم يدر حينها أنه أوقع نفسه وبلده في فخ عرّضهما إلى الإنتقاد الشديد من طرف العالم أجمع.فقوله هذا يعني أن المعتقلين قضوْا أكثر من 27 ساعة زمن الرحلة من أفغانستان إلى كوبا وهم على الحالة التي ظهروا بها في الصورة، مكبلين ومحرومين من السمع والكلام وحتى الشم أي مجردين من كل الحواس.
إن تعاليق الجرائدالمقربة والمؤيدة لأمريكا، حسب تقرير نشر بجريدة لومندالفرنسية ليوم 26/01/2002، مثل دايلي تلغراف و لندن تايمز عن هذه الصورة وعن ردود أفعال المسؤولين والجمهور خاصة في بريطانيا، أول حليفة لأمريكا في هذه الحملة، تتراوح بين عدم التفهم وسخط عظيم، ومن الإنكار إلى التقزز.
كما نشرت دايلي ميرور
(Daily Mirror) تقريرا تقول فيه أن "بوش قريب جدا من تحقيق المستحيل: فقدان تعاطف العالم المتحضر مع الولايات المتحدة الأمريكية".ويقول المفوض الأوروبي كريس باتن معلقا عن هذه الصورة:"لا يجب الخلط بين العدالة و الثأر".
وحتى بعض الجرائد الأمريكية و على رأسها نيو يورك تايمز، أثارت بعض الشكوك في موقف البنتاغون من معتقلي حرب أفغانستان، الذين ترفض أمريكا أن تعتبرهم أسرى حرب لأنها لو أقرت بذلك، وجب عليها توقيف استنطاقهم و حتى إطلاق صراحهم بعد نهاية العدوان، وتصر على أنهم مقاومين سريين.
لكن مسؤولو واشنطن على يقين أن حججهم في هذه المسألة واهية بدليل تصريح الأمين العام للدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد أن المساجين يُعاملون وفق اتفاقيات جنيف حول أسرى الحروب ،لكن بصفة معقولة تاركا بهذا تحديد مفهوم العقلانية لأمريكا. وهنا يقع المشكل، فكيف لأمريكا أن تحدد من يجب أن يسجن في قفص مساحته 4 أمتار مربعة، ومن يرسل إلى أمريكا ليحاكم في محكمة عادية شأن جون والكر المجاهد في صفوف القاعدة و الأمريكي الأصل.
منذ أحداث 11 سبتمبر والولايات المتحدة تتصرف وكأن لها حقا طبيعيا في اختلاق القوانين وتجاوز القواعد الدولية المتعارف عليها، هذا لأنها كانت ضحية هجوم إرهابي، وأكثر من هذا لأن الأمريكيين أناس "طيبون" حتى ولو –كماصرح بوش- العالم بأسره لا يقدر "مدى طيبتهم". هذا الحق أو لنقول كما يطيب لهم تسميته هذا الحق الطيب، تقبله حلفاء واشنطن إلى حد اليوم دون معارضة. لكن القلق والإنزعاج، اللذان خلفتهما هذه الصورة التي نشرتها وزارة الدفاع الأمريكية ضنا منها أنها لن تثير الإهتمام والمعارضة لفرط ثقتها بنفسها، يعنيان أن رضى الأقوياء عن أمريكا بدأ يضمحل و يتلاشى ؛ وخاصة الأوروبيون الذين لم يعودوا مستعدين لإتباع منطق أمريكا.
ولكن هناك أشياء أخرى أكثر عمقا وأكثر أهمية وربما تكون غير ظاهرة للعيان وليست في متناول جميع الأفهام، أثارتها هذه الصورة. فخلال طوال مدة الحملة التي شنتها أمريكا ضد أفغانستان شاهدنا صورا حقيقية أكثر تأثيرا، كتلك التي تظهر أولئك المقاومين بخرق ممزقة، يُعاملون كالحيوانات بعدما نجوا من قنابل الطغاة. وصورا أخرى ترسم جندي القوات الخاصة الأمريكية في أحدث حلة،مزود بوسائل حربية مدمرة وكأنه جندي خارق للعادة آت من كوكب آخر، وأخرى تظهر جندي الحلفاء الضعفاء من "تحالف الشمال" عاري القدمين أو بخُفّ خفيف فقط وسط الثلوج، أو في مداخل الكهوف التي أُمر بتنظيفها.
وصور أخرى مُنِع الإعلام من نشرها
(حسب نفس المصدر) عن أعضاء من قوات المارينز بأقنعة وقفازات جراحية يحملون جرحى مكبلي اليدين والرجلين نحو طائرات حربية. دون أن ننسى صور الطائرات الحربية التيتتباهى بها أمريكا وهي ترمي بصواريخها وقذائفها على المدنيين الأبرياء العزل، وكأن الأمر يتعلق بفوزها بلعبة إلكترونية حربية من لعب الأطفال، فهم لا يظهروا لنا إلا الأضواء في السماء وكأنها ألعاب نارية و يغضون الطرف عن قصد عن معاناة أهل هذه الأرض التي أمطرت سماؤها وابلا صيبا من القذائف. وكل العالم يصفق لأمريكا. وكانت الخاتمة المؤقتة لهذه المشاهد تلك الصورة التي قلبت الأمور رأسا على عقب وبدأ العالم يتساءل هل وسائلنا تبرر غاياتنا ؟؟. (منقول)