الحمد لله الذى بسط بساط فضله على عباده و حفهم بالكرامات و انعم عليهم بالخيرات و سخر لهم ما فى الارض و السماوات ... و بعد
اروى الان قصه لكل حاسد عسى ان تكون زجرا لكل جاحد
فقد روى ان رجلا ترك ولدين بعد مماته و ترك لهما مالا لا بأس به فاقتسماه و تصرف كل منهما فى حقه
فاشتغل الابن الاصغر فى التجاره و اخلص لله فى عمله و كان كثير التصدق لا يبخل على عباد الله بنعمه
فنمت تجارته و ازدادت امواله و اصبح ذا ثروه طائله و لم يكن له اعداء لذالك كانت امواله محصنه لا يؤثر فيها حسد
اما الابن الاكبر فقد سلك طريق الغوايه حتى اهلك ثروته فى الخمر و الميسر و الزنا فنفدت امواله عن اخرها
و اصبح فقيرا لا يجد ما يقتات به و مع ذالك كان اخوه كثير العطف عليه يئويه و يقدم له من المأكل و الملبس ما يكفيه
و لم يكتفى هذا بعطف اخيه عليه بل اخذ الحسد من قلبه مأخذه وفكر فى طريقه يضيع بها ثروة اخيه
حتى يصير مماثلا له فى الفقر و بذالك يطمئن قلبه فلا يعايره الناس بفقره و لا يشيدون بسمعه اخيه
صار يجهد نفسه فى الوصول الى غرضه الدنىء و اخيرا اهتدى بوحى من ابليس اللعين
الى رجل حسود اشتهر بحسده و قليل من القوم من نجا من خبثه و لكن الحاسد كان ضعيف البصر
لا يكاد يرى الا عن قرب ذهب الاخ الاكبر الى هذا الرجل و طلب منه حسد اموال اخيه
مقابل اجر يدفعه له عند هلاك ثروته و اخذه الى الطريق التى كانت تمر منها تجارة اخيه
فنبه الاخ الرجل الحسود اليها قائلا
استعد فقد قربت تجارة اخى و صارت على بعد ميل واحد منا
فقال الحاسد يالقوة بصرك اتراها على هذا البعد ليت لى بصر قوى مثل بصرك
فشعر صاحبنا بألم فى رأسه و أظلمت عيناه و عمى فى الحال
و مرت تجارة أخيه سالمه لا يمسها سوء
لذالك علمنا القران كيفية الاستعاذه من الحسد فقال ( ومن شر حاسد اذا حسد )
لان الحسد ابغض الذنوب الى الله فهو اول خطيئه حصلت حينما حسد ابليس ادم على رتبته حينما امر الله
الملائكه بالسجود له و اول جريمه قتل حدثت فى تاريخ البشريه حينما قتل قابيل حسدا اخوه هابيل
و لعظم جريمة الحسد اشار اليها رسول فقال عن عبد الله بن عباس
( ان لنعم الله اعداء قيل و من هم قال يحسدون الناس على ما اتاهم الله من فضله )
او كما عليه السلام
لا تحاسدوا و لا تباغضوا و لا تقاطعوا و لا تدابروا و كونوا عباد الله اخوانا
و الله يقول الحق و هو يهدى السبيل
و ما الله بغافل عما تعملون