بسم الله الرحمن الرحيم
ان الله تعالى خلق الخلق و احصاهم عدد و قدر الارزاق ولم ينسى احد و بسط الارض على ماء جمد و رفع السماء بغير عمد
و جعل لمقومات الحياه سبيلا واحد قل الله فاعبد و كن من الشاكرين و جعل للدنيا قانون واحد فقال واعبد ربك حتى يأتيك اليقين
و حذرنا و نصحنا فقال لى و لك ( يا ايها الذين امنوا لا تلهكم اموالكم و اولادكم عن ذكر الله و من يفعل ذالك فاولئك هم الخاسرون )
لاننا خلقنا من اجل مهمه واحده و هى ان نعبد الله و لا نشرك به شيئا و هو الاصل و ان نقوم بعمارة الكون و هو فرعه
فاشتغلنا بالفرع ونسينا الاصل لذالك جعل الله الاموال لنا فتنه وابتلى الله فيها عباده بتقلب الاحوال
فجعلهم فيها بين العسر و اليسر و بين الثروه و الافلاس و بين الضيق و الفرج و بين الغنى و الفقر
كل ذالك ليميز الخبيث من الطيب و ليبليهم ايهم احسن اعملا و من فيهم اشد موتكلا
ثم رسم الشرع طرق انفاق الاموال و مصاريفها و طرق استثمارها فيما يعود بالخير و النجاح على صاحبها
ففرض الزكاه تأخذ من الغنى و ترد الى الفقير و سن الصدقه و جعلها تحصينا للاموال و مرضاتا للرب
بل وحد الشرع لاصحاب الاموال حدودا لطرق التربح و طرق انفاقها فكان وسطيا
فلا يطغوا بالانسان الى حد التكلف و الاسراف و لا يهوى به الى درجة التقتر و البخل
فقال تعالى ( و الذين اذا انفقوا لم يسرفوا و لم يقتروا و كان بين ذالك قواما )
ثم بين الله تعالى ان الاموال قد تكون نعمه للانسان فتولى هو امداده بها تكريما له على طاعته
فقال ( يرسل السماء عليكم مدرارا و يمددكم باموال و بنين )
او قد تكون نقمه على صاحبها فتكون من الله وبال على العاصى
فقال ( انما اموالكم و اولادكم فتنه )
و هكذا يأخذ المال حكما دائرا بين الذم و المدح فقد يستعمله الله تكريما للطائعين و زجرا للعاصين
و لذالك اذا كنت اخى فى رغد من العيش و فى سعة من الرزق فاشكر الله ثم استعمل ذالك كله ابتغاء مرضاته
لان رسول الله قال ( لا حسد الا فى اثنين رجل اعطاه الله مالا فهو مسلط عليه ينفقه فى مرضات الله و رجل اعطاه الله علما
فهو يعلم و يعلم به الناس )
و اذا كنت اخى فقيرا فافرح و ارضا بما قسمه الله لك فان القناعه كنز لا يفنى
و ما اجمل قول الشافعى
رايت القناعه راس الغنى ** فصرت باذيالها ممتسك
فلا ذا يرانى عــــــلى بابه ** و لا ذا يرانى به منهمك
ثم الله تعالى اخبرنا بان المال قد يكون سبب للبغى و الهلاك و وضح العله التى من اجلها
جعل الفقير فقير و الغنى غنى فقال تعالى
( ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا فى الارض و لكن ينزل بقدر ما يشاء )
الله الله انظروا الى حكمة الله تعالى فى عدم استواء الناس فى اموالهم الله يريد ان يقول للغنى انت فى امتحان
و مختبر فى الابدان فان جاءك فقير و لم تعطيه ساقول لك الى جهنم و ان قولت ما السبب قولت لك هل جزاء الاحسان الا الاحسان
و يقول للفقير انت حيران فارح الجنان فان صبرت فلك جنان يخدمك فيها الولدان
و على ذالك لم يفرق الله تعالى فى درجه قربه و بعده من العبد بين الغنى و الفقير
فقال فى حديث قدسى ( الاغنياء وكلائى و الفقراء عيالى فان بخل وكلائى على عيالى ادخلتهم النار و لا ابالى )
بل وضح الشرع ان المال فى القبر يسير ثعبان اقرع يلتف على عنق العاصى و يضربه الضربه يهوى بها فى النار سبعين خريفا
فقال عليه السلام ( اخلاء ابن ادم ثلاثه واحد يتبعه الى قبض روحه و الثانى الى قبره و الثالث الى محشره فالذى يتبعه الى قبض روحه هو ماله و الذى يتبعه الى قبره هو اهله والذى يتبعه الى محشره هو عمله )
فاتقول الله الذى تسائلون به و الارحام
و صلى الله على محمد و اله