قضيها.. و"الناس مش لبعضيها"!
تصحى الصبح.. تغسل وشك.. تركب الميكروباص.. تصل إلى الجامعة.. تقابل حاتم وأحمد ونور وريهام..
"صباح الفل ياشباب.. هاه هنقضيها إزاي النهاردة؟"!
"عادي ياعم زي كل يوم.. أي حاجة في أي حاجة... قضيها..."
تدخل "النت كافيه".. لا تلمح كرسيا واحدا فاضي.. تسأل "ميدو" صاحب المكان:
"إيه ياعم هو النهارده أجازة رسمية والناس كلها جاية تشيت ولا إيه؟!"
"ولا أجازة ولا حاجة بس انت عارف الكل عاوز يخلص لعبة Silk road .."
ثم يشير لشخص منهمك في اللعبة ويقول "عندك سيد صاحب محل الحلاقة اللي جنبينا.. بقاله 3 أيام لاصق في الكرسي وكل ده وهو لسه في Level 40 بس!"
تلمح شخصاً يقوم من مكانه فتهرول نحو المقعد الخالي، وأنت تقول لـ"ميدو": "طيب يالا هبدأ أنا من دلوقت.. أنا إمبارح واقف عند Level 39 .. يالا خلينا نقضيها..."
وأنت جالس تشاهد إحدى قنوات الأغاني وتتابع باستمتاع التمارين الرياضية التي تقوم بها ميلسا وإليسا أوأي مغنية آخرها "يسا"!.. يفتح والدك باب الحجرة ويقول لك في ضيق شديد:
"إيه ياعم أحمد.. أنت هتقضي النهار والليل كله قدام التليفزيون ولا إيه؟"
تقول له وأنت لاتزال تتابع التمارين الرياضية إياها:
"طب أعمل إيه يا والدي بس"
"يابني اعمل أي حاجة مفيدة لحياتك... بدل ما أنت قاعد زي أبوالهول كده مابتتحركش من مكانك.. إن شالله حتى تجري في الشوارع أهي رياضة"
"أجري!.. ده أنت غريب قوي يا والدي ده أنا لما بأروح الحمام مرتين بأنهج!.. يا والدي أديني بأقضيها.. ماتيجي تقضيها معايا.. قضيها قضيها..
http://www.boswtol.com/modules/image...28/awel_05.jpgافتكرت كام مرة قلت فيها تلك الجملة الشبابية الخالدة
"قضيها مالناس لبعضيها" -لأ مش لازم بعدها يكون فيه هع هع هع هع!-
خد بالك أن الجملة دي بقت واحدة من أكثر الجمل المتداولة في حياتنا اليومية الشبابية؟
خدت بالك أكتر أنك لما بتقولها فإنك مش بتبقى عارف تعمل أي حاجة مفيدة أو مهمة وأنه مش بيكون قدامك أي خطة ممكن تحاول تنفذها فبتقولها كده وخلاص يمكن علشان تداري عجزك- بلاش عجز دي كلمة جامدة خليها.. فشلك- برضه جامدة!-.. بس هي وصف صحيح فعلا..
لأنك لما بتقول "قضيها ده الناس لبعضيها" فعلا مش بيكون في دماغك أي خطة للاستفادة من الوقت المتاح قدامك.. مش بنتكلم على خطة خمسية يتم تنفيذها على امتداد خمس سنوات..
وإنما ده أنت بتقول "قضيها والناس لبعضيها" لأنك مش بتكون عارف هتعمل النهارده.. بلاش النهارده.. مش عارف تعمل إيه في الساعة اللي جاية.. بلاش الساعة.. ده بتبقى مش عارف هتعمل إيه في الدقيقة اللي جاية.. فـ"بتقضيها" على أساس "إن الناس لبعضيها"!.
طب تسمح لنا نصدمك في هذا الدستور الشبابي الأصيل
دستور"قضيها والناس لبعضيها"
تسمح.. متشكرين يا ذوق..
طيب خلينا نقول لك بقى إنك فعلا ممكن تقضيها بس ابقى قابلنا بقى- على كوبري قصر النيل الساعة 6!- لو اكتشفت إن "الناس لبعضيها"!
هل بته ليه؟
ودي محتاجة سؤال برضه..
بص حواليك هتلاقي إن العصر اللي إحنا عايشين فيه ده مافيهوش حد بيساعد حد مايستحقش.. يعني م الآخر حياة أصبحت شبكة من المصالح والخدمات.. اللي بيعمل حاجة يلاقيها تاني يوم واللي قاعد كده زي ماهو "بيقضيها" هيفضل طول عمره قاعد يقضيها.. لابيطلع قدام ولا حتى بيرجع لورا.. محلك سر..
والناس"اللي المفروض تكون لبعضيها" بتجري من جنبه وكل واحد بيتطور وبيرتقي وهو قاعد زي الباشا يتفرج على "يسا" وبيلعب "Silk road وجايز يوصل فيها لـLevel 80 بس في الحياة هيفضل مربوط على Level 0!
دي مش دعوة للاكتئاب والانغلاق.. مطلقا بتاتا البتة.. العب Games ياعم واعمل اللي عاوز تعمله.. بس حط في دماغك خطة وهدف.. حتى وأنت بتلعب.. قضيها.. بس ماتقضيهاش كلها في "اللاشيء" كده.. قضيها..
عارفين إن التعليم في مصر بعافية وأنك لو كنت خريجا، فوارد جدا أنك متلاقيش شغل إلا بعد 32 سنة من دلوقت.. بس ده مش سبب لأنك "تقضيها" كده في الهواء الطلق..
ياعم خليك زي الدكاترة اللي بيطلعوا في التليفزيون
"بيعملوا اللي عليهم والباقي على ربنا!"..
قضيها وأنت عارف أن محدش هيساعدك إلا أنت.. ومحدش هيخليك تقف على رجليك إلا إذا كنت تستحق ده فعلا... ماحدش بيساعد حد بيقضيها طول حياته..
يعني بعد ماتقضيها Games وسهر وفسح.. اعمل لنفسك جدول لازم تمشي عليه.. مش جدول الضرب هو.. بس مثلا إحنا داخلين على إجازة نص السنة .. حطلنفسك خطة.. اليوم الفلاني هاروح معرض الكتاب.. واليوم العلاني.. هأقضيها فسحة في النيل..والتالت هأقرأ الكتب.. والرابع...و..و.. كده يعني..
