http://www.ruowaa.com/vb3/images/misc/post_startup.gif
بطاقة دعوة للصمت!
خبأتُها أجنّة في رحمِ صمتي .. كلما نمت غذيتها حبي ..
وجاء المخاضُ في لحظة ألم ..
وولدت حروفي منها الحسناء والرقيقة والثائرة والغضوب والقبيحة ..
ولدت صامتة بعيون مفتوحة.. تحملُ هماً ..
تكتب لغات مبهمة، لأبجدية أخرى لم تُكتشف!
وحارَ الطب لا يدري عن هوية بناتي ..
يجري بحوثاً حول نوع الحبر الذي تحمل ...
وليته يجري تحليلاً لنوع الخفق الذي تكتب ..
وُلدت أخيراً لتبتسم ..
رغم الثورة التي أشعلتها، والشموع التي أطفأتها، والقناديل التي أضاءتها، والجمرة التي أوقدتها ..
لتسكب كلها معاً .. في نهر الحب !
******************
ذلك الصمتُ الذي صاحبني طويلاً، ليسدّ فجوة واسعة بيننا ..
ها أنا الآن أحابيه ليثبت حضوراً مميزاً هنا، سنواتٌ طوال وحبائلُ الكلمات ممتدة كأغصان الياسمين بين قلبينا، وجداول الماء تنبعُ عذبة كلما تصافح كفينا ..
أيُّ ركام ذاك الذي صنع سداً، ومنع جريان الماء؟!
أغصان الياسمين توشكُ أن تذبل في ظلمة ليلنا، وحديث السمر ما عاد يؤنسنا ..
القمر لملم حقائبه ورحل بعيداً، كي يطلّ على شرفة أخرى، فهو مشتاق لأحاديث الروح، وصمتنا لا يروق له ..
السحب تنتشر .. تتكاتف من زفرات تطلق من موقعك أنت ..
وأنا أشعل أنوار الضباب وأمسح زجاج نافذتي كي أرى بوضوح ذلك اللاشيء الذي يحتلنا ..
أتساءلُ عن نوع الهم الذي نعيشه، وعن ذلك الرغيف المر الذي نقتاته، لنبوح صمتاً .. وأتساءلُ عن حزن مقيد في العروق قد يجهز على ما تبقى منا ..
لا أشعرُ بالأسف ما دمنا نعيش حالة سبات فرضناها بأيدينا..
ولن أنتظر طرقات شوق على بابي الصغير ..
ولا خفقات يبوح بها قلبي الذي أظنه كبيراً كفاية ليتسع للعالم كله ..
لكنني قلقة على حال لم أعهده، أخشى أن أغرق في بحر الحزن، وأنا الناجية حديثاً من مدّه العاتي ..
أوراقي تيبست في يدي، كما عروقي تماماً .. وحبري يكتبُ آخر عباراته .. قبل أن يرسل بطاقة دعوة للصمت !