ذبح القطة .. لا مؤاخذة
ابتسم صاحبي وهو يناولني الصحيفة واضعا إصبعه على خبر معين، وقرأت الخبر وتجهّمت، ثم سألته: ما عنصر الإمتاع الذي يحملك على الابتسام في خبر كهذا؟
معظمكم قرأ حكاية ذلك العريس الذي وقف هاشا باشا وسط المعازيم، منتشيا بالزغاريد، ثم اختلى بعروسه، وما إن اجتازت باب غرفة النوم التي دخلتها لأول مرة، حتى “صرف لها ثلاثة أقلام”، أي صفعها على وجهها ثلاث مرات.. وانتهى الأمر بنقل العروس الى غرفة العناية المركزة في المستشفى.. ولأن العريس كان “شهما” فقد اتصل بأهل عروسه وأبلغهم بأنها في المستشفى، فجاءوا ووجدوها في غيبوبة.. وجاءت الشرطة: إيه؟ في إيه؟ مين اللي عمل في مراتك كده؟ قال الزوج: أنا.. طب ليه؟ عملت إيه عشان تدشدش عظامها؟ في حاجة خلتك تشك في شرفها؟ عملت عملة مهببة في ليلة الدخلة؟ هنا نثر الرجل الدرر: لا مفيش .. الحكاية وما فيها أن أمي نصحتني بذبح القطة للعروس، وقالت لي لازم أديها العين الحمراء من أول ساعة نقعد فيها لوحدنا، ولازماً وحتماً أديها قلم (كف) أول ما تعتّب معاي أوضة النوم.. عملت بنصيحة الوالدة وضربتها تلات أقلام (كفوف/صفعات)،.. وبدل ما تسكت عليهم هاجت وشتمتني وضربتني كمان!! تصور يا حضرة الصول.. أضربها تقوم تضربني.. نسوان آخر زمن!! وسأله حضرة الصول: طب تلات كفوف تعمل كسر في الحوض وكام ضلع والجمجمة؟ رد العريس الحمش: أنت مش واخد بالك؟ يعني هسكت لها لما تضربني؟ حاشا لله.. أصلا ذبح القطة ما يجيش بالكف والقلم ..قمت شلت حديدة ونزلت فيها ضرب وفين يوجعك.. والنتيجة زي ما شايف قدامك.
يقال ان نصف الرجال العرب يضربون زوجاتهم، ومعظمهم يفعل ذلك لإثبات أن الواحد منهم رجل البيت وكلمته هي القول الفصل.. هذا جالس أمام التلفزيون ونادى زوجته مرتين ولم ترد عليه لأنها كانت تكنس البيت بالماكينة الكهربائية فيتوجه نحوها ويضربها بيده او بمقبض المكنسة.. كيف لا تلبي نداءه وكيف لا تكون أذنها ذات قدرات خارقة قادرة على التقاط صوته المميز وصوت هدير المكنسة الكهربائية ولقلقة التلفزيون؟.. وهناك من يرمي طبق الأكل في وجه زوجته لأنه – أي الأكل – بارد “مثلها”.. وهناك الرجال الذين يستخدمون ألسنتهم كشباشب لينهالوا بها على زوجاتهم شتما مقذعا حتى في حضور العيال.. فالرجل العربي فيه شيء من الغطرسة اليهودية.. اليهود يحسبون أنفسهم شعب الله المختار.. هم فوق بقية البشر وما خلق الله بقية الناس إلا ليكونوا تحت سنابك اليهود، هذه “عقدة النقص”.. والرجل العربي يحسب أنه كائن مميز، وكلما عانى من القهر الاجتماعي والوظيفي والسياسي جعل من المرأة الحائط القصير، وفش فيها غِلَّه.. هل هناك من امتهان للمرأة أكثر من ان يسبق ذكرها تعبير من شاكلة “لا مؤاخـذة/ الله يعز السامعين”، نفس التعبير الذي يسبق ذكر الحمار او الحذاء؟ ومثيلات أم ذلك العريس الأبله كثيرات: ينصحن أولادهن بإذلال الزوجة حتى تصبح أَمَة وخادمة تقول له شبيك لبيك: خليها خاتم في إصبعك.. لا بلاش.. خليها جزمة/نعل/ جوتي/ كندرة في رجلك ولو ضاقت عليك أو ضايقتك ترميها وتجيب غيرها.. هذه الفئة من الأمهات عاشت في ظل القهر ولم تر بأسا في ذلك، ومن ثم ترى أن الصحيح هو أن تكون الزوجة علكة/لباناً في فم الزوج يرميه أرضا أو في بالوعة إذا فقدت طعمها او سئم منها.. هو حر، طالما هو رجل! وشخص يفكر هكذا او يقبل بهذا النوع من التفكير لا يمكن ان يكون حرا لأنه في واقع الأمر عبد لأفكار مأخوذة من مزبلة الفكر البشري في “أبهى” عصور انحطاطه.
