لنتذكر غزة ..... يوميا .....
غزة تلك البقعة الصغيرة التي لا تمثل على الخريطة إلا نقطة صغيرة جداً لا تكاد تذكر , غزة بظلامها الدامس، وعتمتها الداكنة ونفاد وقودها وغازها لتعيش ظلاماً فوق ظلام، وطوابير الموتى الذين ينتظرون دورهم ليدفنوا في أرض غزه أيضاً في طقوس دينية بسيطة، من كفن رث بالٍ أو بملابس الجهاد ، ويوضعوا في حفرة صغيرة من طوب ضعيف غير متماسك، وسقف من قطع إسمنتية عديدة تحضر من هنا وهناك بشق الأنفس، حتى نفدت وما بقى لهم الآن إلا الجدران الرملية والأسقف الخشبية .
غزة الشهداء الذين يسقطون تباعاً بدون زمان أو مكان , فطائرات العدو الصهيوني تلاحقهم في رباطهم وبيوتهم وتنقلاتهم في أزقتهم وشوارعهم وحاراتهم , حتى لم يبق في غزة شارع إلا ويشهد لدماء شهيد أو جريح .
غزة الجرحى والمصابين والمرضى الذين ترتفع أعدادهم بالعشرات والمئات ولا يجدون إلا الإسعافات الأولية، مما يؤدي إلى الإسراع في بتر أعضائهم خوفاً على حياتهم أو تركهم يصارعون الموت على أسرة المرض التي تتألم لأكثر من ألمهم وشكواهم.
غزة الطفولة المنسية، في زمن تزاحمت فيه الرايات والأسماء المنادية بحقوق الأطفال وحريتهم إلا في غزة فقد نسي العالم أطفالها وتركوهم ليجري عليهم الاحتلال تجاربه العسكرية والنووية والأمنية, فالمدارس تقصف، والمنتزهات تضرب، والبيوت تنسف، والمزارع تقتلع، والأسوار تدمر والأعراس تحول إلى أتراح فأين المفر ؟؟ غزة البطالة فاقت المعدلات الحمراء والمنذرة بالكوارث، والبيوت مستورة بدون طعام أو شراب, فازدادت ظاهرة التسول بين النساء والأطفال، بل تعدت لتصل للرجال والشباب, زادت ظاهرة الطلاق والانفصال بين الرجال والنساء, فالرجال لا يجدون ما يسترون بيوتهم، وما عادت تتحمل النساء آهات وأنات الصغار.
غزة المقهورة بقهر ظلم ذوى القربى، الذين انضموا إلى صفوف أعدائها المتمنين بزوالها وإغراقها في البحر،
رغم كل ماسبق فانظروا غزة الشامخة الصابرة، قاهرة الغزاة ومفجرة الانتفاضتين، وهازمة وطاردة الاحتلال، فلا يعمر بها ظالم ولا يثبت فيها فاجر، ولا يسكن بين جنباتها خائن، فغزة بعظم رجالها وجلد شأنها وتحدي أطفالها حركت العالم بأسره، فانتقل الحجر والخنجر إلى دول شرق أوروبا والاتحاد السوفيتي سابقاً، فتحررت تلك البلاد من الظلم الشيوعي عندما اقتدت بانتفاضة غزة الأولى، فسقط الطغاة والجبابرة والحكام والفراعنة . واليوم غزة من جديد تستنهض الأمم العربية والإسلامية والعالمية، فتحرك مشاعرهم وأحاسيسهم وترفع الران عن قلوبهم ليخرجوا بكل فطرة وعفوية في شوارع بلدانهم، فيجيشوا الحشود ويسيروا الميسرات ويعقدوا الاعتصامات، ويسطروا الكلمات في صحفهم وعبر شاشاتهم ، فلقد حركت غزة بعظم فعلها وصدق هدفها ونيل غايتها العالم، فما عاد الآن أحد لا يعرف غزة ؟؟ وما عاد أحد لا يعرف قضية غزة ؟! وما عاد أحد لا يعرف ظلم المجتمع الدولي لغزة ؟؟ وما عاد أحد لا يعرف ما تتحمله غزة نتيجة هذا الحصار الدولي الظالم .
ومن هنا عظم على غزة موقفها وثباتها ؟! وعظم على غزة صبرها وصمودها ؟ كيف لا ولقد خرج العالم يرفع رايتها ويهتف باسمها ويتكلم بلغتها، حتى غدت قبلة الأحرار والمظلومين وسيدة المدن التواقة للحرية والتمكين ، فما على غزة الآن من واجبات أعظم منها وأكبر منها، فإن كانت تدافع غزة عن مليون ونصف المليون شخص، فإن غزة الآن تدافع عن ملايين البشر وآلاف المدن .
فامضي غزة الكبرياء والإباء، فامضي غزة العزة والفخار، فامضي غزة القوة والعنفوان، فامضي غزة إلى الأمام إلى الرفعة ولا تلتفتي إلى الوراء، فالزمان زمان الأحرار وأنت صانعة الرجال الأحرار.
دعونا هنا نسطر كل يوم كلمة او صورة من صورة غزة المحاصرة الصابرة الصامدة
علها تصل إليهم فتزيدهم قوة وصلابة
تخبرهم اننا نتذكرهم دائما
التوقيع: