بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله كما امر و الصلاة و السلام على خير البشر و على اصحابه و اله و من انتهج نهجه و أتمر بما أمر .......... و بعد
فان هناك من المعجزات التى اذا حدثت عند اقوام ليس لهم دين قويم و لا طريق ينتهجونه مستقيم تراهم يقفون على منابر العالم يضجون و بالسنتهم يعلنون و فيما بينهم يسرون فهم يتبخترون و يقولون بان بوذا معبودهم يستجيب للدعاء و يكشف البلاء عن طريق الاحتراق و تطاير الادخنه فهم يوقدون النيران فى عيدهم و يكتبون امنياتهم فى اوراق ثم يلقون بها فى اضطرام النار فحينها يتصاعد دخان كثيف من الاوراق المحترقه فيشتموها بوذا على اعتقادهم فيعلم يحقق اسما امنياتهم ثم الهندوسيه يتركون الابقار ترتع فى اسواقهم و تاكل من اثمار تجارهم فحينها يرون البركه تنهال عليهم من روث ابقارهم فيتبأ بذالك خيرا فجارهم و انت ترى النصارى فى اعيادهم مع عدم معقولية اعمالهم اذا يرون ان الصور الفوتغرافيه او الروسوميه او النحتيه تسيل عيونها دم و مع انهم صور و نحوت فحينها يعتبرونها معجزة عندهم يتبركون و يفرحون و فى لهيهم يذنون و بالخمور يسكرون يفقدون عقولهم و لا يدرون انهم هم الضالون و ان على اعقابهم صقر لا تبقى و لا تزر لواحت للبشر ثم اليهود يهرفون بما لا يعرفون يذهبون الى حائط مبنى من الطوب يبكون او يتباكون و لا يدرون انه حائط من حجر مرصوص لا يضرهم و يسمع لدعوهم فهم ايضا مغضوب عليهم لكن المسلمون يرون كل يوم بل كل ساعه بل كل دقيقه معجزات واضحات فى ايات بينات يرون معجزاتهم فى قرانهم و انا لا اريد التطويل فى البيان فلكل مؤمن قلب يعرف ما ابغى بالالهام و له ايضا بصر يعرف ما الوح اليه بالعيان و الله و الله انا لا اشرح و لا افسر فلكل انسان عين و قلب و لسان يكفياه عن طول الشرح و البيان ففى سورة القصص ايه 38 ترى معجزة تجعل العامى يقول من الحكم عجبا و تنقله من ضيق المعرفه الى سعت العلوم فهو لعقله لهوا و مرحا ( و قال فرعون يا ايها الملأ ما علمت لكم من اله غيرى فأوقد لى يا هامان على الطين فاجعل لى صرحا ) فوالله و الله هيا المعجزه التى غفل عنها الغافلون و استراح عند ادراكها العالمون و هى الدره الثمينه التى دأب فى البحث و التنقيب عنها فحول الاولياء العارفون فقد استراح فى تفسيرها علماء تفسير الدهر مع غفلتهم عن محتواها و ما يرمز اليه مرماها فقد اجمع قولهم على ان هامان هو وزير فرعون و هو سبب ضلاله و غواه مع ان المعجزه غير ذالك فقد رفع الله الحجاب و ذال الوهم باقل الاسباب لان التوراه و الانجيل اذا تفحصت فيهما لم تجد ذكر هامان لا بالتلويح و لا بالتصريح بل هو القران فى عظمته يظهر معجزته فيخرس اللسان و يقطع الظن بالدليل و البرهان على اخطاء مفسرين غابر الزمان فقد كشفت صحيفه فرعونيه قديمه مكتوبه باللغه الهيلوغريفيه ان هامان لم يكن يعمل وزير فرعون و لم يكن له اى صله بالوزاره الفرعونيه و انما كان عمله المشتهر صناعة الطوب نعم كان هامان يعمل رئيس عمال الطوب يعنى مهندس مبانى او مقاول بناء ( كان هامان رئيس عمال الطوب و صناع المقالع و احد حاشية فرعون واعوانه المقربين حيث انهم فى زمن فرعون كان هناك مصنع كبير للطوب الذى كان يبنى به المصريون القلاع و البيوت و الحصون الحربيه و العسكريه و السكنيه و هذا المصنع كان عماله مختلفون متفاوتون فى نسبة عمله و اجورهم و على العام كل هذه الابنيه الاثريه الفرعونيه القديمه كانت من احدا صناعته و كانت من خواص و مهمة المصنع و كانت الصناعه للطوب داخله تدريجيه يعنى جمع التراب ثم يسكب عليه الماء فيتحول التراب الى الطين ثم يضعون هذا الطين فى مربعات خشبيه صغيره و بعد وقت قصير يرفعون هذه المربعات الخشبيه فيتحول الطين الى شكل قالب من الطوب الطينى و كان هامان يراقب عمل العمال و بعد انتهاء العمل يعطى كل عامل اجره المالى ثم يدخل المصنع و يحصى و يعد قوالب الطوب الطينيه فيكتب عددها ثم يبيع قوالب الطين الطوبيه للعوام هذا هو تمام عمل هامان فلما جاء موسى عليه السلام و سئله فرعون اين ربك قال موسى ربى فى السماء فظن فرعون انه سوف يرى رب موسى ان صعد الى السماء فارسل الى هامان رئيس و مهندس عمال الطوب و طلب منه ان يصمم له صرحا اى بناء يشبه البرج فى زمننا و صمم فرعون المبنى و رسمه لان هامان لم يكن له خبره مسبقه ببناء الصروح بالآجر و هذه معجزه ثانيه لان المؤرخين انكروا وجود البناء بالآجر فى الزمن الفرعونى لمصر القديمه فقال فرعون يا هامان اصنع لى من الطين برج عالى شاهق و اطل فيه ما استطعت ساخرا من موسى لطلبه الاطلاع على الرب ببناء الصرح فاذا انتهيت من البناء بالطين اوقد عليه النار و اجعل النار تشتعل فيه و تاكله حتى تنطفأ تلك النار فيحمر الطين و يتحول الى مبنا طوبى احمر شديد متماسك و هذه الهيئه من الاحتراق للطين تسمى القرميد و هى قويه متماسكه و تسمى ايضا بالامينه او الحامور و هى مفعله الى الان و ما كان تخطيط فرعون من تصميم هذا الصرح انه قال فى مخيلته فاذا صعدت عليه الى الرب امنت من هدمه و ذالك كان عمل هامان فى عصر فرعون بتمامه و كماله ) و لكن المفسرين قديما و حديثا اخطؤ فظنوا ان هامان كان يعمل وزير فرعون و هذا كذب و افتراء و لكن الله تعالى يظهر الحقيقه فى القران المقدس يخبر العالم باجمعه القصه التى رويتها لكم منذ قليل لكن فى كلمات قمة فى البلاغه و اعجاز بايجاز فى العباره انظر القران انظر قال تعالى ( و قال فرعون يا ايها الملأ ما علمت لكم من اله غيرى فاوقد لى يا هامان على الطين فاجعل لى صرحا ) و بعد هذا الامر الفرعونى الى هامان لم يذكر الله فى القران اسم هامان فى القران الا مقرتنا بعمله الذى هو صنعته قال تعالى ( و قال فرعون يا هامان ابنى لى صرحا لعلى اطلع الاسباب ) و ذكرت هذه الايه لتتاكيد على صناعة و عمل هامان كرئيس عمال الطوب قال تعالى ( و لقد ارسلنا موسى باياتنا و سلطان مبين الى فرعون و هامان و قارون فقالوا ساحر كذاب ) و انما ذكر هامان فى هذه الاية مقترنا بفرعون و قارون لان قارون كان من الوجهاء فى قومه صحب قوه ماليه و نفوذ كذالك هامان كان فى قومه ايام فرعون كمان كان لقارون فى زمنه من الوجاهه و الرياسه و القبول فان اسلم احدهم كان سببا لاسلام خلق كثيرون كذالك من الاسباب فى الاقتران لهامان مع فرعون و قارون فى الايه لانه قال كما قالوا جميعا ان موسى ساحر كذاب و انما شدد الله على هامان بذكره مقترنا مع فرعون لجامع العذاب بينهم بجامع تكذيبهم لموسى لانهم كانوا اشد من كذبوه و حاربوه و احتالوا للنيل منه قال تعالى ( و نمكن لهم فى الارض و نرى فرعون و هامان و جنودهما منهم ما كانوا يحذرون ) و سبب ذكر هامان فى هذه الايه مع فرعون هو جامع الاغترار من هامان و فرعون بما لديهم من قوة و جنود قال تعالى ( و قارون و فرعون و هامان و لقد جاءهم موسى بالبينات فاستكبروا فى الارض و ما كانوا سابقين ) و سبب ذكر هامان فى هذه الايه جامع الاستكبار فى كلن مع جامع التشديد من الله عليهم باختصاصهم عن غيرهم بالعذاب الشديد و بالاخير السبب فى ذكر هامان مقترنا بفرعون لان الله دائما حينما يخاطب احدا يخص بالخطاب وجهاء قومه و اهل الحل و العقد فيهم و مع عمل هامان رئيس عمال الطوب يكون من الوجهاء و الاكابر لان عمله يدر عليه ارباح و اموال كثيره تجعل له التمكين و الراى السديد فى القوم و لذالك ذكر قارون مع هامان فى الايه السابقه لان قارون و هامان اغراهم المال و الجاه و المنصب فضلو و استكبروا و ركنوا و مالوا الى السلطان و الملك و انما كفروا بربه و كذبوا موسى ارضاء للفرعون و تقريبا منه و ازديادهم للمال و الجاه و المنصب و كان ما كان من هامان فى صناعته للصرح مع صرفه اموال وقت كل ذالك كان منه ارضاء لفرعون و تقربا منه و هكذا اخوتى كشفنا الحجاب و اظهرنا ما تحت النقاب لنظهر بالدليل و البرهان ما كان عليه عمل و صناعة و حال هامان كل ذالك تحصيل منا للاجر من الله و التقرب اليه و كرامة للقران حتى يتيقظ الوثنان و ينزجر عباد الاوثان و يكون لله على المسلمون عظيم الامتنان
كلام قديم لا يمل سماعه * تنزه عن قول و فعل و نيه
به اشتفى من كل داء و نوره * دليل لقلبى فى حياتى و فى منيه
فياربى متعنى بس حروفه * و نور به قلبى و اجلو الشكيه
فهذه هى الكرامه العظمى و هذه هى المعجزه الكبرى التى غفل عنها كثير من الناس و بالاخير اننا نحن المسلمون لا نحتاج الى معجزه لنتاكد من عظيم الدين و نعتز بما لدينا من صحيح سنة الصادق الامين فكتابنا دستورنا و قراننا فخرنا و هو اسما و اكمل و اتم المعجزات التى لا يزال ينهل من نهلها العالمون و يشرب من بحورها المؤمنون و يترجم عن محتواها جمهور المفسرون و يغوص فى بحارها بحثا عن اصدافها الاولياء العارفون و يتلذذ بما لديه من نفيس جوهر خذائنها الراسخون و ما نحن الا نواه ملقاه فى ارض فلاه تهوى بها الريح ليس لدينا اذعان صريح و لا تسليم مريح وما يسعونا الا ان نصلى و ما للدين منا الا العمل القبيح نرجو من الله احسانا بجاه مولانا صاحب الوجه المليح و ما نمتلك الا ان نقول أمن به كل من عند ربنا و ما يذكر الا اولى الالباب ربنا لا تزغ قلوبنا بعد اذ هديتنا و هب لنا من لدنك رحمه انك انت الوهاب ربنا و احسن وقوفنا بين يديك فى ساحة الحساب
