بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
جلس الحاكم في شرفة عزبته ... أقصد بلده ... مكتئباً مهموماً حزيناً .... فالشعب تغير ولم يعد كما عهده من عشرات السنين طيباً ..مهاوداً مسالماً ... فلقد كثرت الإحتجاجات والإعتصامات والإضرابات ... والمظاهرات ... وأصبح هذا الأمريمثل له صداع مزمن ... علي الرغم أن هذه الأمور تحدث بعيدا عن قصره المنيف مسيرةأيام ... إلا أنه تعلم بالخبرة .. أن هذه الأمور لابد ألا تقترب من كرسي الحكممسيرة سنين وليس ... !! أيام
مرة واحدة تقمص دور نيوتن ..وقال وجدتها وجدتها .... ونادي علي كبير الديوان وقال له إجمع لي الوزاراء وكبارالمسئولين حالاً ... ما هي إلا دقائق وكان الجميع يجلس بين قدميه ... أقصد بين يديه
( سامحوني علي الأخطاء منفعل من هدية وعيدية الحاكم ) ... وقد صوبالجميع نظراته إليه .. فمن ينظر له الحاكم ويجده لا ينظر إليه يكون قد إرتكب جريمةكبري قد تكون عاقبتها الإقالة من الوزارة ...وأستهل الحاكم وقال :
بسم الكرسي الخالد المخلد ..... نبدأ الإجتماع الطاريء ...
أنا جمعتكم اليوم لأن جاءت لي فكرة ..أنا عايز أعمل مفاجأة للشعبتكون كأنها عيدية لقرب دخول العيد... .... أنا عندي فكرة جباره لم تحدث في التاريخ ... بس عايز أشوف أفكاركم الأول واللي فيكم فكرته تكون أقرب لفكرتي .. أنا سأعينهنائب لي مدي الحياة ... ظهر الإضطراب علي جميع الوزاراء فمنصب نائب رئيس الجمهوريةهو حلم لكل منهم ... وأصبح قريبا كل ما عليهم ان يصلو لهذه العيدية ....
كان وزير الداخلية أول من رفع يده ... نظر له الحاكم وقال له قول ... قال: نفرج عن 25 ألف من المعتقلين ... أو نوقف التعذيب في اقسام الشرطة والمعتقلاتأول يوم العيد ...
وزير التموين والتغذية رفع يده فقال له الحاكم قول وبعدكده إللي وراه وإللي وراه إحنا مش في فصل ...
ما حدش يرفع إيده إلاإللي عايز يدخل الحمام بس ..!!
قال وزير التموينوالتغذية: نوزع علي كل أسرة نصف كيلو لحمة ... وزير الإعلام ... قال : نريح الشعبونقوله إيه هى الواوا إللي غنت لها هيفا ....!!
وزير التعليم قال: نخليأجازة العيد شهرين ...
وزير الإقتصاد قال : العيدية هي أن الأسعار لن تزيدلمدة أسبوع كامل ... وما إن هم وزير الخارجية بالكلام حتي ظهر الإنزعاج علي وجهالحاكم وقال :انتم طلعتم حبة وزراء تعبانين ...
ولا واحد فيكم ينفع يكوننائب لي ... العيدية والمفاجأة إللي أنا عايز أعملها للشعب وجمعتكم لها النهاردةعلشان نفكر فيها مع بعض .. وإللي حتريحنا وتخلينا نحكم بهدوء وطول العمر .....
لم يطول صبر الوزراء .عندما سمعوا كلمة طول العمر ... وقالوا في نفسواحد ... ماهي يا العيدية غلب حاكمنا ....
قال: نعتقل الشعب كله مرةواحدة وبكده نتخلص من الصداع ده واللي عايزين يشربوا واللي عايزين ياكلوا والليعايزين يشتغلوا والقرف ده وبعدها ..نبيع البلد بهدوء ونجيب ناس تانية وشعب (هيفيديوتي) .. يتحمل ما نفعله فيه من غير ما يهنج ويتعبنا .. .. وركزوا معايا نحط خطةلهذه العملية الجهنمية إللي حتريحنا ...
رفع وزير الداخلية يدهفقال له الحاكم: عايز تدخل الحمام ..قال لا بس لي سؤال يا حاكمنا إحنا إزاي حنعتقلالملايين دي مرة واحدة وننقلهم علي المعتقلات... رد الحاكم وقال: عيب قوي السؤال دهييجي منك وإنت وزير الداخلية ..إللي بيعتقل ألف يعتقل مليون ..وبعدين أنا عامل حسابكل حاجة ..بص يا سيدي ... إحنا حنعتقل حي حي ... ونخلي مسارات المرور كلها إتجاهواحد ناحية المعتقلات وكده حتكون فيه سرعة ...وحنستغل جميع سيارات وأجهزة الدولةوالقطارات وسيارات البلديات والنقل والتريسكلات وحتي الاسكوترات نشغلها ... كلهيودي علي المعتقلات ... وزير الاسكان قال: يا حاكمنا ..طيب فين المعتقلات التي تكفيهذه الملايين ... رد عليه الحاكم وقال: سهلة ... جميع المصالح الحكومية والشركاتوالمصانع والمؤسسات تتحول لمعتقلات جماعية ... وأعتقد دول يغطوا العدد ويزيدوا ... وزير الزراعة قال: يا حاكمنا وحنجيب لهم أكل منين .. قال الحاكم : شعبنا غلبانويرضي بقليله وهو حر ... فما بالكم لما يكون تحت إدينا ولا يتنفس الا بإذن ... رغيفعيش وحبة ميه يكفوه .. واللي يموت أهو العدد يخف ... وزير العدل قال: فيه مشكلة ياحاكمنا ... لو الشعب كله اعتقل ... مين حيزورهم في الزيارات في المعتقل ..كده حيبقيمنظرنا دوليا وحش وإننا مانعين عنهم الزيارة ... الحاكم قال: عندنا العساكر هم عليالقلب ما يتلم ... نلبس 50 الف منهم ملكي ونخليهم يزورا الشعب وياخدوا معاهم كمانزيارة.. ابسط يا عم ... ونصورهم ونبين اننا دولة تراعي حقوق المعتقلين ...
وقف الحاكم وقال: حنبدأ الإسبوع القادم وحدد اليوم والساعة .. قالوزير الاعلام: هل سيكون الأمر سري يا حاكمنا .. قال :لا ... بل العكس .. انت تعملنداء للشعب لدخول المعتقلات في الموعد الذي حددناه وده ممكن يخفف الضغط في عمليةالنقل ...
جاءت ساعة الصفر وتحركت القوات لإعتقال الشعب والمدهشأن هناك ملايين من الشعب ذهبت بإرادتها لمكان الاعتقال بل كانت هناك طوابير أمامبعض المعتقلات ..فالشعب أدمن الطوابير حتي في لحظة دخوله المعتقل ...
بعد شهر ... عقد الحاكم إجتماع طاريء ... وقال: الشعب ده تنح تناحة ... ما صدق نعتقله.. بقي آكل شارب نايم والبلد وقفت وما فيش إنتاج وفلوس .. والناسإللي اشترت ناس متعبة ..... ومطلعين عينينا ....
وكل يوم عايزين ملايينعشان نأكل التنابلة دول ... والغريب أن عددهم زاد مرة ونصف في الشهر ده .. إزاي مشعارف .. رد وزير الصحة : ناس فاضية بقي يا حاكمنا وبيسلوا بعض .... رد وزير العملوقال: ما نرجعهم الشغل يا حاكمنا .... قال :تاني .... لا أنا عندي حل هو الحلالنهائي والأكيد ... الحل أننا نتخلص من الشعب الفقري ده ... رد وزير الخارجية :نموته كله .... قاطعه وزير الصحة: وحندفنهم إزاي ده الجثث حتجيب أوبئة ممكن تموتناكلنا ... نظر لهم الحاكم وقال لهم ... سهلة ... الشعب ده رغم إنى زهقت منه ..إلاإنه شعب مهاود ومسالم ... حنخليه ... هو إللي يحفر قبره بنفسه ويقعد فيه لغاية ماييجي عليه الدور ونموته ... وزير الثقافة قال: ..أنا خايف إن الشعب يقول لا ... ضحكالحاكم ضحكة عالية الصوت وقال له: اقرأ التاريخ يا مثقف . انت نسيت أن العرب أثناءحربهم مع المغول ...كان العسكري المغولي يقابل العربي في السوق وقد نسي سيفه ..فيقول للعربي قف كما كنت حتي أذهب لبيتي لأحضر السيف لأقتلك ..فيعود يجده منتظرافيقتله ...!!
لا تقلق ... ده شعبي وانا عارفه .. أفرده وأثنيه أغسلهو أكويه ... ما تفرقش معاه ...
فعلا صدرت الأوامر للشعبالمعتقل ... إن الحاكم يطلب منكم ان يحفر كل منكم قبر ويجلس فيه حتي يمر من يعدمه ..وذلك لصعوبة نقلكم للصحراء..
المدهش لحد الذهول أنالشعب لم يكذب خبر وأخذ يحفر في القبور وحواراته الجانبية لم تخلو من نكت وطرائف ... وهذا يتساءل: إحنا لسه شباب مش يسيبونا كمان كم سنة .. وأخريقول: والله كانتعيشة مش بطالة .بس نعمل ايه الأوامر كده .. وإحنا عبد المأمور ... وآخرين قالوا: ماإحنا بنموت بالمسرطن وغرقانين ومحروقين ومتهانين ومتنيلين مش حتفرق كتير ...
تمت العمليه بنجاح ... والفاتحة علي الشعب .....
المشكله إن الشعب عيّد وإنبسط ...
