إنها داء وليست دواء
كان الأطباء يزعمون ومنذ زمن الرسول - صلى الله عليه وسلم - وبعده حتى عهد قريب، أن الخمر دواء، وأنه معين على الصحة، وأن شربه باعتدال يذهب الأمراض، فالرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: {إنها داء وليست دواء} [رواه مسلم].
والأطباء في زمنه يصرون على فوائد الخمر الصحية وحتى عهد قريب، حتى جاء الطب الحديث ليبين هذا الزيف، وأن ما قاله الصادق المصدوق - صلى الله عليه وسلم - هو الحق الذي لا مرية فيه، وإن قال شيخ أطباء المسلمين (أبو بكر الرازي)، وأعظم أطبائهم (ابن سينا) ومثلهم كثير الذين ظنوا أن في الخمر منافع للجسد وأنها تهضم الطعام وتصفي الكبد.
أما عن قوله - تعالى -: {يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كثير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما} (البقرة: 219).
إن المنافع التي فيها ما يجدونه من اللذة عند شربها وحصول النشوة، وهي منافع قليلة بالقياس إلى المضار بذهاب الدين والعقل والخصومات والعداوات والصحة والمال.
وذهبوا إلى أن المنافع أغلبها مالية واقتصادية إلا أن الواقع ينقض كل ذلك، فحتى المنافع الاقتصادية والمكاسب التي يحصلون عليها هي في الواقع خسائر ضخمة للأمة بمجموعها.
ففي الولايات المتحدة الأمريكية قدرت الخسائر الناتجة عن تعاطي الخمور بثلاثين ألف مليون دولار عام 1971، ارتفعت عام 1979م إلى 43 ألف مليون دولار، وبحلول عام 1986م كان الرقم قد قفز إلى 120 ألف مليون دولار. وفي المملكة المتحدة كانت الخسائر الناتجة عن الخمور تقدر بـ 11. 343 مليون جنيه استرليني عام 1984 وهناك أرقام أعلى في فرنسا وألمانيا،وهذه الخسائر محسوبة على أساس حوادث السيارات والجرائم الناتجة عن الخمور والتغيب عن العمل، والخسائر في المجال الصحي ونقص الإنتاج بسبب تعاطي الخمور، والحرائق الناتجة عن تعاطيها.
ورغم أن هذه الدول تكسب من الخمور بوضع الضرائب عليها، وأن تجارة الخمور دخلها بآلاف الملايين، إلا أن المحصلة النهائية من الناحية الاقتصادية كبيرة على الأمة بمجموعها.
الخمر والناحية الاجتماعية:
يذكر تقرير منظمة الصحة العالمية عن جرائم العنف في ثلاثين قطرا، أن 86% من جرائم القتل، و50% من جرائم الاغتصاب تمت تحت تأثير الخمور.
وتذكر دائرة المعارف البريطانية (الطبعة 15) أن معظم حالات الاعتداء على الأطفال والزوجات بالضرب المبرح، ومعظم حالات نكاح المحارم وقعت تحت تأثير الخمور.
وتؤكد جميع التقارير أن الطلاق يتضاعف ما بين أربع إلى خمس مرات عندما يكون أحد الزوجين مخمورا.
ويقول تقرير منظمة الصحة العالمية رقم (650) لعام 1980: إن تعاطي الخمور هو السبب الرئيسي لتغيب العمال والموظفين، وازدياد أمراضهم، وانخفاض الإنتاج ومشاكل العمل، وفقدان الكثير من الكفاءات بسبب انغماسها في الشراب.
الخمر والناحية الصحية:
تقول دائرة معارف جامعة كاليفورنيا للصحة (طبعة 1999م): يعتبر الخمر حاليا القاتل الثاني - بعد التدخين - في الولايات المتحدة. فشرب المسكرات في أمريكا سبب موت أكثر من 100000شخص سنويا.
وتقول مجلة (لانست) البريطانية الشهيرة: إن مائتي ألف شخص يموتون سنوياً في بريطانيا بسبب المسكرات.
ويقول كتاب هاريسون الطبي: إن شرب كمية معتدلة من الكحول يؤدي إلى انخفاض في الكولسترول الخفيف الكثافة وزيادة الكولسترول العالي الكثافة، وهذا أمر جيد، ولكنه مغمور بجانب من الأضرار العديدة التي يؤدي إليها تعاطي الكحول، فهو سم ناقع لعضلة القلب، ويسبب اضطرابا شديدا في نظم القلب وارتفاع الضغط، ولهذا فإن المحصلة النهائية لشرب الخمور هي ضرر محض للقلب.
ويقول الدكتور حسان شمسي باشا عن تأثير الخمر على القلب: إن الخمر يسبب ضعف في عضلة القلب وتصلب الشرايين القلبية، ويسبب نقص في الفيتامينات، ويسبب الكحول التهابات في الجهاز التنفسي، ويسبب السل الرئوي وزيادة نسبة حدوث سرطان الحنجرة.
ويسبب الكحول نقص في جهاز المناعة ونقص الخلايا اللمفاوية المناعية، ويسبب نقص حامض الفوليك، ويسبب تليف الكبد وسرطان الكبد.
هذا غيض من فيض من الأمراض التي يسببها تعاطي الخمور، فهذا هو نبينا ورسولنا العظيم يوضح لنا أن علينا أن نبتعد عن هذا المادة الخطرة على جسم الإنسان وعقله ونفسه وماله.
وصدق الصادق - صلى الله عليه وسلم -: {إنها داء وليست دواء}.
ــــــــــــــــــــ
المراجع:
1- صحيح مسلم.
2- الإعجاز العلمي في أحاديث التداوي بالخمر للدكتور محمد علي البار.
3- مجلة الإعجاز العلمي العدد السابع.
4- من كتاب وصايا طبيب للدكتور حسان شمسي باشا.
5- مجلة صحة القلب العدد الثامن.
6- الإعجاز العلمي في السنة النبوية للدكتور صالح بن أحمد رضا.
كل عمل تكره الموت من أجله
فاتركه و لايضرك متى مت
