أَقْوَالٌ يَجِبُ الْحَذَرُ مِنْهَا
أَقْوَالٌ يَجِبُ الْحَذَرُ مِنْهَا
قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عليه وسلَّم "أكْثَرُ خَطَايَا ابْنِ ءادَمَ مِنْ لِسَانِهِ" مَعْنَاهُ أَنَّ أَكْثَرَ الذُّنوبِ تَكُونُ مِنَ اللِّسَانِ وَمِنْ هَذِهِ الذُّنُوبِ الْكُفْرُ وَالْكَبَائِرُ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم "إِنَّكَ مَا تَزَالُ سَالِمًا مَا سَكَتَّ فَإِذَا تَكَلَّمْتَ كُتِبَ عَلَيْكَ أَوْ لَكَ" رَوَاهُ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الدُّنْيا في كِتَابِ الصَّمْتِ، وَكَثِيرٌ مِنْ كَلامِ الْعَوَامِّ يُؤَدِّي إِلى الْهَلاكِ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ لِجَهْلِهِمْ فَيَجِبُ الْحَذَرُ مِنْ قَوْلِ بَعْضِ الْنَّاسِ: "الْحَكي مَا عَلَيْهِ جُمْرُك" يُورِدُونَ هَذَا لِتَبْرِيرِ كَثْرَةِ كَلامِهِمْ فِيَما لا تُحْمَدُ عُقْبَاهُ وَللاعْتِرَاضِ عَلى مِنْ يَنْصَحُهُمْ إِذَا تَكَلَّمُوا بِمَا يُخَالِفُ الشَّرْعَ وَهَذِهِ الْكَلِمَةُ خِلافُ الآيَةِ الْكَرِيْمَةِ "مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ" مَعْنَاهُ كُلُّ مَا يَنْطِقُ بِهِ الإنْسَانُ يُسَجَّلُ مِنْ قِبَلِ الْمَلَكَيْنِ، وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ "وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ في النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ" مَعْنَاهُ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ لِسَانُهُمْ يُهْلِكُهُمْ فَيُؤَدِّي بِهِمْ إِلى دُخُولِ جَهَنَّمَ، وَرَوى التَّرْمِذِيُّ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلَّم قال "إِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ لا يَرى بِهَا بَأسًا يَنْزِلُ بِهَا في النَّارِ سَبْعينَ خَرِيفًا" مَعْنَاهُ أَنَّ الإنْسَانَ قَدْ يَتَكَلَّمُ بِكَلِمَةٍ لا يَرَاهَا ضَارَّةً وَتَكُونُ كُفْرِيَّةً يَنْزِلُ بِسَبَبِهَا إِلى قَعْرِ جَهَنَّمَ مَسَافَةَ سَبْعِينَ عَامًا في النُّزُولِ وَهَذَا لا يَصِلُ إِلَيْهِ إِلا الْكَافِرُ.
وَيَجِبُ الْحَذَرُ مِنْ قَوْلِ بَعْضِ النَّاسِ "يَنْسَاكَ الْمَوْتُ" فَإِنَّ هَذِهِ الْكَلِمَةَ تُعَارِضُ قَوْلَ اللهِ تعالى "كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ" وَقَدْ قَالَ النَّسَفِيُّ في عَقيدَتِهِ "وَرَدُّ النُّصُوصِ كُفْرٌ" وَهَذِهِ الْكَلِمَةُ رَدُّ لِهَذَا النَّصِّ، وَلْيَعْمَلِ النَّاسُ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللهِ بِالدُّعَاءِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ بِالْخَيْرِ بَدَلَ أَنْ يَقُولُوا هَذِهِ الْكَلِمَةَ الْفَاسِدَةَ، فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم دَعا لأَنَسِ بْنِ مالِكٍ فَقَالَ "اللهُمَّ أَطِلْ حَيَاتَهُ وَأَكْثِرْ مَالَهُ وَوَلَدَهُ".
وَيَجِبُ الْحَذَرُ مِنْ قَوْلِ بَعْضِ النَّاس "اللهُ لا يُقَدِّر" فَإِنَّ هَذِهِ الْكَلِمَةَ مُعَارِضَةٌ لِقَوْلِ اللهِ تعالى "إِنَّا كُلَّ شَىْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَر" وَمُعَارِضَةٌ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم "قُلْ قَدَّرَ اللهُ وَمَا شَاءَ فَعَلْ".
وَيَجِبُ الْحَذَرُ مِنْ قَوْلِ "لا سَمَحَ الله" فَإِنَّهَا كَلِمَةٌ بَشِعَةٌ لأَنَّ سَمَحَ في اللُّغَةِ مَعْنَاهَا جَادَ وَيُقَالُ سَمَحَ لَهُ أَيْ أَعْطَاهُ، وَقَدْ جَاءَ في الْحَديثِ "اللهُمَّ لا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ وَلا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ".
وَيَجِبُ الْحَذَرُ مِنُ قَوْلِ بَعْضِ النَّاسِ "اللهُ مَوْجُودٌ في كُلِّ مَكَانٍ" أَوْ "اللهُ مَوْجُودٌ في كُلِّ الوُجُودِ" لأَنَّ هَذَا مُعَارِضٌ لِقَوْلِ اللهِ تعالى"لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ" وَلِقَوْلِهِ "فَلا تَضْرِبُوا للهِ الأَمْثَال" وَمُعَارِضٌ لِحَدِيثِ الْبُخَارِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم "كَانَ اللهُ وَلَمْ يَكُنْ شَىْءٌ غَيْرُهُ" وَمُعَارِضٌ لِقَوْلِ سَيِّدِنَا عَلِيٍ "كَانَ اللهُ وَلا مَكَان وَهُوَ الآنَ عَلى مَا عَلَيْهِ كَانَ" وَمُعَارِضٌ لِقَوْلِ كُلِّ الْمُسْلِمِينَ "اللهُ مَوْجُودٌ بِلا مَكَان". أَمَّا قَوْلُهُ تعالى "وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَمَا كُنْتُم" فَمَعْنَاهُ بِإِجْمَاعِ الْمُفَسِّرِينَ أَنَّ اللهَ عَالِمٌ بِكُمْ أَيْنَمَا كُنْتُمْ. فَمَنْ كَانَ يَفْهَمُ مِنْ كَلِمَةِ "اللهُ مَوْجُودٌ في كُلِّ مَكَانٍ" إِثْبَاتَ وُجُودِ اللهِ في الْمَكَانِ فَقَدْ كَفَرَ.
وَيَجِبُ الْحَذَرُ مِنْ قَوْلِ بَعْضِ النَّاسِ عَنِ اللهِ "سُبْحَانَهُ في مُلْكِهِ قَاعِدٌ على عَرْشِهِ" فَإِنَّ هَذَا كُفْرٌ صَريحٌ لأَنَّهُ تَكْذِيبٌ لِقَوْلِهِ تعالى "لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ" وَلِقَوْلِهِ تعالى "هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا" وَلِقَوْلِهِ تعالى "وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ"، قَالَ الإمَامُ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ "وَمَنْ وَصَفَ اللهَ بِمَعنًى مِنْ مَعَانِي الْبَشَرِ فَقَدْ كَفَرَ" وَمَعَاني الْبَشَرِ صِفَاتُهُمْ وَالْقُعُودُ مِنْ صِفَاتِ الْبَشَرِ، أَمَّا قَوْلُ اللهِ تعالى "الرَّحْمَنُ على العَرْشِ اسْتَوى" فَلَيْسَ مَعْنَاهُ قَعَدَ أَوْ جَلَسَ أَوِ اسْتَقَرَّ بَلْ مَعْنَاهُ إِخْبَارٌ أَنَّ اللهَ قَاهِرٌ لِلْعَرْشِ وَمُسَيْطِرٌ عَلَيْهِ لِيُفْهَمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ اللهَ مُسَيْطِرٌ عَلى كُلِّ شَىْءٍ.
يتبع....