بعد العاصفة ( همسة غابرة ) ليوسف السباعى
نسمات من الريح هبت تحمل فى جوفها صوت شاد يترنم , وحنين قيثار يشدو , فينفذ الى القلوب تغريدة , ويمس النفوس سحرة
اية يا شادية الليل ... لقد جعلت كل ما فى الكون ارواحا تتناجى .. وعشاقا يتطارحون الغرام .. حتى كأن شدوك لحن من ترانيم الطبيعة .. كحفيف الاوراق وخرير المياة .. او هو صوت هبط من السماء ليطهر النفوس من ادران الارض , ويلفها فى اضواء السماء .. اية يا فاتنة سان بريبر .. لقد جعلت كل ما حولك مرابع للجمال ومراتع للفتنة .. وسرى صوتك فى الجزيرة الهادئة .. فاهتزت لة الاوراق .. وتمايلت الاغصان .. وانتشى الطير فى مضاجعة ..
جوزفين .. فاتنة المارتنيك ( احدى جزر الهند الغربية ) .. ونموذج الجمال المكتمل من كل نواحية.. الذى يصرع القلوب من غير رفق ولا لين .. والذى يعزز ذلك الذكاء الخارق والاحساس المرعف والنبوغ فى كل نواحى الفن من ادب ورسم وموسيقى .. واخيرا هذا الصوت العجيب الذى يخلب اللب ويسلب النهى .. هذا الصوت العذب الذى لاتكاد صاحبتة تغنى او تقرأ او تتحدث حتى تنصت الاذان وتهفو القلوب ثم لايكاد السامع يسمع ما تنطق بة كلمة واحدة من فرط افتتانة بالصوت وعذوبتة
هذة الروح العبقرية الموهوبة قد اتحدت مع ذلك الهيكل الفاتن الجميل فكونا نفسا واحدة هى حسناء سان بريبر .. جوزفين الساحرة
فى ذات صباح صفت سماؤة وسطعت شمسة خرجت الفتاه تتنزة كعادتها بين الاحراش وتحت ظلال النخيل .. فصادفت فى طريقها بضع قتيات من الزنوج قد جلسن الى عرافة عجوز محدودبة الظهر شمطاء عجفاء قد سلبتها السنون كل مظاهر الحياة فما هى الا جلد على عظم .. وقد اخذت تخبرهن بنبؤات عن مستقبلهن وهن مأخوذات مشدوهات
اقتربت الفتاه من العجوز لتتسلى بحديثها الخرافى .. ومدت يدها مرحة ضاحكة لتقرأ لها كفها ولتخبرها بما خفى من أمرها وما كان منة وما سيكون .. ولم تكد العجوز تلقى اولى نظرة على الكف الغضة التى امسكت بها فى راحتها .. حتى تراجعت الى الوراء مأخوذة وندت عنها صيحة دهشة .. بينما ابتسمت الفتاة الجميلة فى خبث وسألت العجوز فى دهشة مصطنعة :
ترى ماذا روعك من كفى ؟
واجابت العجوز فى صوت خافت كأنها تحث نفسها :
يا للفتاه العجيبة .. انى ابصر امامك كثيرا من شقاء وكثيرا من هناء .. ارى طريقك قد فرش بالاشواك المشرعة وبالزهور اليانعة .. ارى فية لوعات وبسمات .. واسمع فية انات وضحكات
افصحى يا اماة عما ترين ......
لن تصدقينى يا بنية :: فأنى اراة ابعد من تصدقة اذن .. وضحكت الفتاة واجابت
انى لن اصدقة فعلا .. حتى لو لم يكن عجبا كما ترية .. ولكن ماذا يهمك ان اصدقك او لا اصدقك .. قولية وامرك الى الله
صمتت العجوز برهة ثم تركت كف الفتاه فسقطت الى جانبها وقالت هامسة:
اسف على الاطاله يتبع ان شاء الله
