لم اجد عنوانا افضل لمقالي من عبارة 'النائمون في العسل' الذي تصدر عنوان مقال الاسبوع الماضي للاستاذ ممتاز القط حين تناول نماذج متعددة لاداء المحافظين وانعكاساتها علي التدهور الحالي في نظام الحكم المحلي الذي تحول من اداة لتخفيف اعباء الحكومة المركزية إلي مصدر ازعاج لها من خلال سلوك بعض المحافظين الذين يديرون محافظاتهم برؤية شخصية تثير احتقان الشارع المصري علي حساب الحكومة والحزب دون أي مبرر بالرغم ان نظام الحكم المحلي يستهدف في اولوياته تحقيق الاستقرار السياسي للدولة من خلال رعاية مصالح سكان المحافظات .
من افعال 'النائمون في العسل' تلك الواقعة التي تابعت احداثها من خلال تقارير رسمية خلال الشهر الماضي عن واقعة اقتحام بلدوزرات تابعة لاحدي المحافظات ارض مجموعة شباب من اعضاء جمعية استصلاح زراعية اطلقوا عليها 'الكفاح المثمر' تعبيرا عن طموحاتهم المستقبلية في يوم يحصدون ثمار مازرعوا من نخيل واعناب في ارض صحراوية جرداء ولكن احلام السنوات الطويلة ومدخراتها تبخرت في دقائق معدودة باشارة من معالي المحافظ الذي تلقي مردودها من رجاله 'تمام يا فندم.. تمت اباده الزرع وتجريف الارض ولم يعد هناك شباب ولا كفاح ولا احلام!!!' بعد انتصارهم في 'موقعة التخريب الكبري' ولكن يبدو ان بلدوزرات المحافظة التي دمرت الزرع لم تفلح في قتل طموحات واحلام شباب توجهوا بشكواهم إلي د. أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء الذي انصفهم بقرار عاجل لوقف اجراءات الازالة من جانب المحافظة واحالة الامر للتحكيم في المركز الوطني لتخطيط استخدامات اراضي الدولة للتحقيق في الواقعة وتقرير مدي احقية وشرعية ملكية اعضاء الجمعية للارض المتنازع عليها.
تنفيذا لقرار رئيس الوزراء اجتمعت الاسبوع الماضي لجنة تضم الاطراف المتنازعة بمقر المركز الوطني للاراضي التابع لمجلس الوزراء لدراسة الاوراق والمستندات وانتهت اللجنة إلي تحديد يوم الثلاثاء من الاسبوع القادم للقيام بزيارة ميدانية لموقع ارض جمعية الكفاح المثمر لمعاينة الزراعات وتقدير حجم الاستثمارات وهو ما كان يستوجب احترام جميع الاطراف للقرار والالتزام به ولكن يبدو ان لمعالي المحافظ رؤية اخري مخالفة لرئيس الوزراء!!! حيث ارسل صباح الاربعاء الماضي حملة تدمير مفاجئة اخري علي ارض الجمعية الزراعية بهدف ازالة بقايا الزرع وكل اثر لاي مزروعات لهؤلاء الشباب الذين اقترفوا جرما عظيما بزراعة ارض موات!!! وتجمدت الدماء في عروق اصحاب الارض الذين لا يملكون سوي الاستعانة بالله قائلين حسبنا الله وهو نعم الوكيل وهم يطردون من ثمرة كفاحهم بقوة غاشمة تركت وراءها تساؤلاتهم الحائرة كيف يخالف معالي المحافظ تعليمات رئيس الوزراء ويمارس افعالا ؟ غير شرعية لتغيير الواقع قبل زيارة لجنة مجلس الوزراء الاسبوع القادم ؟؟ ما هي الصلاحيات التي يستند لها المحافظ في افعاله؟؟ ما هي حقيقة ما يشاع عن الدوافع الخفية لطرد المزارعين اصحاب الارض واحلالهم بمستثمر سعودي يدير اعماله رئيس وزراء سابق؟؟؟ .
لا يعنيني الاشارة لاسم المحافظ او المحافظة او الخوض في تفاصيل الواقعة ومبرراتها ودوافعها الخفية لثقتي الكاملة في قدرة اجهزتنا الرقابية التي تتحرك عادة دون اخطار من احد لتبرهن للجميع ان الاهواء الشخصية لا يمكن ان تدير المصالح العليا للوطن ولكنني اكرر دعوة سابقة إلي ضرورة تحليل اسباب ظاهرة استخدام البلدوزر في ادارة الحوار ببيوتنا وشوارعنا ودوائر اعمالنا؟؟ لماذا اصبح البلدوزر هو وسيلة الحوار بين الاب والابن وبين الزوج وزوجته والرئيس وموظفيه؟؟ ما هي اسباب ظاهرة العنف؟
اصابع الاتهام تشير إلي بطء التقاضي وغياب حق الاختيار في حياتنا مما جعل الناس امام بديل واحد يديرون به حياتهم اليومية وهو الرفض بممارسة العنف!!
واقتناص حقوقهم بقوة البدن وقبضة اليد في مشاهد لم تعد قاصرة علي فئة اجتماعية معينة كما كان هو الحال في زماننا الجميل بل امتدت إلي كل فئات المجتمع العليا والدنيا في حوادث نطالعها يوميا.. استاذ جامعي يضرب زميله لخلاف في الرأي بمجلس القسم!!! ضابط شرطة يضرب جيرانه بسلاحه الميري!!! استخدام الحذاء في مناقشات مجلس الشعب!! سائق يقتل زميله لخلاف علي اولوية التحميل!! اختطاف اب لمدرس لعدم سماحه لابنته بالغش!! اب يقيد طفلته المريضة حتي الموت!! حوادث عجيبة تترجم انهيارا اجتماعيا واخلاقيا لم نعهده في تاريخنا وينزلق بنا إلي حالة فوضي في الشارع المصري تعيدنا مع سبق الاصرار والترصد إلي عصور الجاهلية والتخلف وتحول حياتنا اليومية إلي مشاهد عكننة وقرف .
واخيرا.. هل اقترب موعد ايقاظ النائمون في العسل؟؟
من اخبار اليوم المصريه
