** تمهيد **
--------
كان معظم أمثال العرب مضروبة بالبهائم والحيوانات ، فلا يكادون يمدحون أو يذمون الاّ بذلك
لأنهم جعلوا مساكنهم بين السباع والأحناش والحشرات ، فاستعملوا التمثيل بها ، لذلك روي الامام
أحمد باسناد حسن ، والحسن بن عبد الله العسكري عن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله
عنهما - قال : حفظت من رسول الله - صلي الله عليه وسلم - ألف مثل في ألف حديث .. وما
يخص الأسد في ذلك أن العرب قالوا : أكرم من الأسد ، وأشجع من الأسد ، وأجرأ من الأسد ،
كما ضربوا المثل في الخوف أيضا من الأسد .
ومن القصص التي قيلت في ذلك ، ما ذكره أهل التاريخ أن ملكاً من الملوك خرج يوماً ، يدور
في ملكه ، ويتفقد أحوال الرعية ، حتي وصل الي قرية عظيمة فدخلها منفرداً يطوف في أرجائها ،
حتي أخذه العطش ، فوقف علي باب دار من دور القرية وطلب ماء ، فخرجت اليه امرأة جميلة
تحمل كوز ماء ، وناولته اياه ، ولما رآها فتنه جمالها ، وأخذا ينظر اليها ، وقد عرفته المرأة
ولكنها تظاهرت بعدم المعرفة وخاصة أنها لمحت في عينيه نظرة فهمت مغزاها علي الفور .
ما لبثت أن راودها عن نفسها ، فعلمت المرأة أنها لن تقدر علي الامتناع عن طلبه ، فهداها
تفكيرها الي أن تدخل الي الدار ، ثم أخرجت له كتاباً وقالت له :
أرجو أن تنظر في هذا الكتاب وتتصفح أوراقه حتي أهييء نفسي وأصلح من أمري وأعود
اليك في صورة أحسن مما أنا عليها الآن .
فأخذ الملك الكتاب ونظر فيه ، فاذا فيه موضوعات تتحدث عن الزنا والزجر لمن يأتيه ،
وما أعد الله سبحانه وتعالي لفاعله من العذاب الأليم يوم القيامة ، فاقشعر جلده ، ونوي
التوبة ، وصاح بالمرأة ، فلما خرجت اليه أعطاها الكتاب وعاد ذاهباً .
وكان زوج المرأة غائباً عن الدار ، فلما عاد أخبرته الزوجة بقصة الملك وما فعلته لكي
يتوب الي الله ، فتحير الزوج في نفسه ، وخاف أن يكون غرض الملك قد وقع فيها ،
فحزن ولم يتجاسر أن يقترب منها بعد ذلك ، ومكث علي ذلك مدة كبيرة ، فعلمت المرأة
بما في نفس زوجها ، وأخبرت أقاربها بحالها مع زوجها فقرروا الذهاب الي الملك لرفع
الأمر اليه لمعرفة الحقيقة حتي يستريح الزوج .
فلما مثل أقارب الزوجة أمام الملك وبين يديه ، قالوا :
أعز الله مولانا الملك ، وأشاروا الي الزوج وقالوا :
ان هذا الرجل قد استأجر منا أرضاً للزراعة فزرعها مدة ، ثم عطلها ، فلا هو يزرعها
ولا هو يتركها انؤجرها لمن يزرعها ، وقد وصل الضرر للأرض ونخاف فسادها بسبب
التعطيل ، لأن الأرض اذا لم تزرع فسدت .
فقال الملك لزوج المرأة : ما يمنعك من زرع أرضك ؟
فقال : أعز الله مولانا الملك ، انه قد بلغني أن الأسد دخل أرضي وقد خفت منه ولم أقدر
علي القرب منها لعلمي بأنه لا طاقة لي بالأسد .
ففهم الملك القصة ، وما يلمحون اليه ، فقال :
ياهذا ان أرضك أرض طيبة صالحة للزراعة ، فازرعها ، بارك الله لك فيها .. فان
الأسد لن يعود اليها .
ثم أمر ولزوجته بالهدايا .... !!!!
===========================
المصدر : صوت الأزهر .
===========================