حديث المساء 14 (( الغربة ))
بسم الله الرحمن الرحيم
حديث المساء 14 (( الغربة ))
هذا الحديث بناءا علي طلب من الأخت
الغالية بحر الحنان وأرجوا أن أكون عند حسن
الظن أولا وأوفق فيه ثانيا لأنه من خلاصة
تجارب حياتية عايشتها داخل وخارج الوطن
وحسب رؤيتي الخاصة فبرجاء التفاعل
من الأخوة الأعضاء وكل يقول رأيه
إتجاه هذا الموضوع وخصوصا من
عايشوا أو تعايشوا مع الغربة عن قرب
وكثب لعلنا نجد فيما ذكر الفائدة
منكم أولا وخالص تحياتي للجميع .
أولا
ماهي الغربة ؟؟؟؟؟؟
الغربة بإختصار هي أن تجد كل ماهو حولك
جديدا عليك وغريبا وغير مألوفا لديك
وتجد صعوبة في أن تتأقلم معه
في فترة ليست بقليلة
ثانيا
ماهي أنواع الغربة ؟؟؟؟؟؟
1- غربة داخل النفس
2- غربة داخل الأسرة
3- غربة داخل الوطن
4- غربة خارج الوطن
كيف تكون الغربة داخل النفس
أنت في غربة عند حدوث انقسام ما
في إحساس ما داخل نفسك
وحينئذ لا تستطيع أن تحدد ماذا تريد
منك وما يتوجب عليك فعله.
ويصل بيك الحال وتسأل نفسك
مثل ما قالت الأغنية
(( مين أنا عايز أعرف مين أنا ))
أنت في غربة عندما تجد نفسك
غير قادر علي تحديد أولويات
إتجاه ماهو أهم وتبدأ به
وما هو أدني أهمية وتؤجله .
أنت في غربة عندما لا تستطيع تحديد مشاعرك
إتجاه مع من تحب هل أنت تحبه
ولماذا أحببته وكيف يتم تحديد ذاك الشعور .
الغربة داخل النفس شاقة ومريرة
وتأخذ الإنسان لمفترقات عديدة
أما مع من تحب هذه كمان أصعب
عندما تصل بك الغربة الي حد يصعب
التفاهم مع الأخر وتتصرف من منطلق التغير
بدون وعي وتنتج بعض التصرفات
الغير مألوفة منك أو منه ويكون عدم التفاهم
المحطة الأولي للتفكير في الانفصال
ويبدأ كل طرف في إعداد العدة
لإظهار عيوب الطرف الآخر ومناطق التقصير
وهنا يحل الكره مكان الحب
والتفرق بدلا من الود وهي غربة
موجودة وملموسة بينا ويرجع السبب
الي عدم القناعة بمن تحب
وتتصيد له ويتصيد لك كل هفوة
ليكون معه أو معك الحق فيما يريد فعله .
كيف تكون الغربة داخل الأسرة
أنت في غربة عندما تجد نفسك في موضع
التهميش من أقرب الناس إليك
وليكن والدك أو والدتك أو أخوك
أو أختك أو ابنك أو زوجك أو زوجتك .
أنت في غربة عندما تجد نفسك
لا يؤخذ برأيك أو لا يطلب منك المشاركة
أو التفاعل في أمر ما وخاصة
إذا كان هذا الأمر هو خاص بك.
أنت في غربة عندما تري أن رأيك
في موضوع ما هو الصائب من وجهة نظرك
ولكن لا يعتاد به دون ذكر الأسباب
وتسأل نفسك لماذا أنا
من يحدث معه مثل هذا
لماذا هذا التعامل معي دون غيري
في الأسرة هل هو تقصير مني
أم ماذا هل أنا غير قادر
علي التأقلم مع أسرتي
هل هي مصلحتي يعرفونها أكثر مني
وحينئذ تشعر بمرارة الغربة
داخل الأسرة وطبعا له انعكاساتها الخطيرة
ع النفس منها اللجوء للوحدة
وعدم الجلوس معهم والإحساس المسيطر
هو إنهم لا يرغبوني
وهنا كل طرف له دوره المتوجب عليه
ليقوم به ان كان والدا عليه عدم التفرقة
بين الأبناء لكي لا يزرع بينهم
بذور الكره دون أن يدري
وان كان يحب فردا أكثر من آخر
يكون ذلك بداخله ولا تظهره الأفعال
أو الأقوال وان يحاول جاهدا
إرضاء كل الأطراف بنين أو بنات
وأسلوب التربية الإسلامية
والسنة النبوية فيها الكثير عن ذلك
كيف تكون غربة داخل الوطن
أنت في غربة بالوطن حينما لا تجد
المقومات الضرورية و التي تجعلك
تعيش حياة أقل وصف لها أن تكون حياة كريمة ؟!!!!!
سأكتفي بذلك القدر
غربة خارج الوطن
هناك دوافع كثيرة للبعد عن الوطن منها
دوافع علمية للبحوث والدراسات
دوافع اقتصادية لتوفير حياة أفضل
أو البحث عن فرصة عمل لم تكن متوفرة
دوافع قضائية من ملاحق جنائية و قضائية
و اختلاسات وخلافه ( هروب من الوطن )
دوافع سياحية وطبعا لفئة قليلة
أكيد أنا لست منهم
ماسبق الدوافع
و الحديث الأهم
يبدأ من هنا في بلاد الغربة والعلاقات
بين أفراد الوطن الواحد في بلد الغربة الواحد
وزمان قالوا عبارة مشهورة جدا هي ( الغربة كربة )
ماهي الكرب التي تواجهنا هنا كا مغتربين
نظام وعادات وتقاليد لم تكن معتاد عليها !!!!!!!!!!!
لغات ولهجات مختلفة تجد صعوبة في
فهما حتي منها اللسان العربي !!!!!!!!
أنت مغتربا إذ الحق عليك دائما وليس لك الا نادرا !!!!!
أنت مغتربا إذ كل ما يتوجب عليك قوله
هو كلمة حاضر بدون اعتراض أو امتعاض
أنت مغتربا إذ إفعل كذا ولا تفعل كذا !!!!!!!!!!!
والعادات هنا نكتسبها مع الوقت
حتي تكون بيننا شيء ملزما منها
لا تذهب الي صديق لك الا بميعاد مسبق
وخصوصا إن كان له عائلة وانت عازب
الواجب لا يكون بوقته وممكن لا تقدر
أن تقوم به اتجاه قريب لك أو زميل
الطابع المادي والحساب لكل مليم بينك وبين من تعاشر
الأعياد والمناسبات الموسمية تكون بالتليفون
ولا تشعر بأي يوم يكون مختلفا عن سابقه
أو غدا سيكون مختلفا عن اليوم
الطابع العام في كل شيء الملل
ونفس الروتين ذهاب للعمل والعودة
من العمل لا جديد أبدا لا تنزه لا روحات ولا جيات
لا متنفس كل شيء مغلق لأجل غير مسمي العلاقات الاجتماعية في حدود
البيت التي تسكنه يوحي لك دائما بعدم الآمان
من كثر ما عليه من أسوار ومنافذ حديدية إذا
واجهتك لا سمح الله مؤزمة لا تجد من يقف بجانبك
وان جائك أحد دائما في الوقت المتأخر أو بعد فوات الآوان صحيح إنه في سعة في الرزق
ورغد العيش لكن علي حساب أشياء كثيرة
ودائما العيش في مثل هذه الظروف يأتي بنتائج نفسية ومتغيرات تنعكس علي الإنسان المغترب منها العصبية والانطواء التفكير فقط في الماديات عدم الشعور
بمن حوله من المجتمع والناس الا بعد فترة كبيرة
اكتساب تلك العادات والتمسك بها حتي
بعد عودته وإنهاء العمل ولها انعكاسات
أكثر علي الأطفال الصغار تجدهم بالفعل بعد انتقالهم للمدارس والعيش في الوطن
أو الشباب في الجامعات نقلوا معهم نفس
العادات والتقاليد وحين دخولهم لمجتمع الجامعة
يجدوا صعوبة في التعامل مع زملائهم
بنفس الفرقة أو القسم وسبب ذلك آلام نفسية
جدا كبيرة في كيفية التعامل مع الوضع الجديد
والمجتمع الجديد وهنا من كان مغتربا خارج وطنه
رجع الي وطنه ويشعر بغربة أيضا
والغريب حين عودتك تجد كل من حولك
طامع فيك بأي وسيلة مادية أو علي سبيل الهدية
مثلا ولا عليك الا إن ترضي كافة الأفراد
ولن تستطيع ارضاء الجميع والعجيب
هم لا يعرفون كيف جاء كل مليم لكن المهم
هم كيف ستكون الهدية أو العطية
هل فكر احد منهم كيف كان الوضع
والمجتمع والظروف القاسية التي نعيشها هنا
طبعا لايهم كل ذلك وأخيرا ليس لنا سوي
أن نحمد الله علي كل حال ويجب
أن نتعود علي الرضا بكل وضع نعيش فيه
غير حاقدين علي أحد أو حاسدين لأحد
حتي يجعل الله من فرجه قريب
لكل معسر وكل محتاج وكل صاحب عوز أمين .
وأخير أشكر الأخت الغالية بحر الحنان
التي جائت بالفكرة لكي نتنفس سويا عن الغربة وآلامها ومالها وما عليها بشيء من الإيجاز لا التفصيل
و الي هذا الحديث وحتي يجمعنا حديث أخر
في مساء أخر لقلوبكم جميعا السعادة
وفي حفظ الله و رعايته .
محيى الزقزوق
22-07-2009م