هل نعادي إسرائيل لأنها سامّية؟
هل سبب العداوة والحرب المستعرة بيننا ـ نحن العرب والمسلمين ـ وبين إسرائيل: أنها دولة سامية؟
والجواب: أن هذا أبعد ما يكون عن تفكير المسلمين، ولا يتصور أن يرد هذا بخواطرهم؛ لسببين أساسيين:
الأول: أننا ـ نحن العرب ـ ساميون، ونحن مع بني إسرائيل في هذه القضية أبناء عمومة، فإذا كانوا هم أبناء إسرائيل ـ وهو يعقوب ـ ابن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام، فنحن أبناء إسماعيل ابن إبراهيم عليهما السلام.
ولا تستطيع إسرائيل أن تزايد علينا في ذلك، ولا أن تتهمنا بأننا أعداء (السامية) التي تتاجر بها في الغرب، ونشهرها سيفًا في وجه كل من يعارض سياستها، أو ينـتقد سلوكياتها العدوانية واللاأخلاقية ، بل اعتبر القرآن المسلمين كافة أبناء إبراهيم ﴿هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم﴾ الحج:78
والثاني: أن المسلمين عالميون إنسانيون بحكم تكوينهم العقدي والفكري، وليسوا ضد أي عرق من العروق أو نسب من الأنساب، وقد علمهم دينهم أن البشرية كلها أسرة واحدة، تجمعهم العبودية لله، والبنوة لآدم، كما قال تعالى: ﴿يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم، إن الله عليم خبير﴾ الحجرات:13
وقال رسولهم الكريم: "أيها الناس، إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، كلكم لآدم، وآدم من تراب" رواه أحمد.
على أن اليهود اليوم لم يعودوا كلهم ساميين، كما يزعمون، فقد دخل فيهم عناصر شتى من سائر أمم الأرض، كما هو معروف عن يهود (مملكة الخزر) وغيرهم. وهذا طبيعي، فاليهودية ديانة، وليست جنسية
هل نعادي اسرائيل لأنها يهودية؟
وإذا كانت (السامية) ليست واردة في أسباب حربنا وعداوتنا لإسرائيل، فكذلك (اليهودية) باعتبارها ديانة ليست هي السبب.
إن اليهودية في نظر المسلمين (ديانة كتابية) من الديانات السماوية، جاء بها رسول الله موسى الذي اصطفاه الله برسالاته وبكلامه، وأنزل عليه التوراة فيها هدى ونور، وهو من أولى العزم من الرسل، وفي القرآن نقرأ قوله تعالى: ﴿قال: يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي، فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين. وكتبنا له في الألواح من كل شيء موعظة وتفصيلاً لكل شيء، فخذها بقوة وأمر قومك يأخذوا بأحسنها﴾ الأعراف:144 ـ 145.
والقرآن اختار لليهود والنصارى (لقبًا) يوحي بالقرب والإيناس منهم، وهو (أهل الكتاب) ويناديهم بذلك (يأهل الكتاب) ويعنى به: التوراة والإنجيل، إشعارًا بأنهم ـ في الأصل ـ أهل دين سماوي، وإن حرفوا فيه وبدلوا في التوراه من كفرهم