عقول الناس وأفئدتهم تتطلع إلى الجنة، يبحثون عنها في كل مكان، يودعون أفعالهم وتصرفاتهم السيئة، ويتقربون من الله طمعا في الدخول من أبوابها.. هنا جنة الآخرة.
العشاق أيضا لهم جنة خاصة بهم، طريقهم إليها يبدأ بالحب، الحب يزرع لهم البساتين، يعبرون من خلالها إلى بوابة جنتهم المزخرفة بالورود والأزهار.. ويصنع لهم سماء ممتلئة بالنجوم والأقمار، كل عاشق له سماؤه ونجومه وقمره، يتحدث إليه، يشكو له مرارة الفراق.. تمتد يده إلى النجوم، ويحتضن قمره بين ضلوعه، يحتفظان معا بأعظم أسرار الحب، يحزنان ويفرحان ويحلمان حلما واحدا.. وفي النهاية، لكل عاشق في الحب معنى.
أما المعنى.. فالحب ضمير لا يغيب.. من بين آلاف الأشخاص، يدق القلب، وتكون المعجزة، هو وحده الذي يختار، يأمر وينهي ويعذب كل البشر، ويرق من نظرة في عين الحبيب.. "قوة" تتحول إلى "ضعف"، و"ظلم" يتحول إلى "رحمة"، و"موت" إلى "حياة".
وفي الاقتراب من الحبيب، تزداد النيران اشتعالا، وتحترق كل الأشياء حوله، وينهزم كل جبابرة الأرض، وتدفن الأحقاد، ويحيا فقط "الحب" في قلوب كل العاشقين.. وتبدأ رحلة بناء الجنة.. كل عاشقين يحملون بين ضلوعهم قلبين تحولا إلى قلبا واحدا، يتجهان إلى نفس المصير.. ويسطرون في كتيبات الحياة أرق وأجمل كلمات العشق والهوى.. لن نفترق، ولن نخاف، وسنحفر أسمائنا على الأشجار، وسيكتب المؤرخون حروف أسمائنا في كتب التاريخ، وسيتذكرنا العشاق بعدنا، سيحلمون حتما نفس الأحلام، ويضعون أحجار جنتهم فوق أجسادنا التي أكلها التراب، وبقى "الحب" وحيدا ومعه قلوبنا.. لأننا سوف نموت، ولكنه لن يموت بعدنا.. وقد أموت ولا أعرف معنى للحب=((