المندوب السامى الجديد للعراق...واضخم سفارة فى العالم
الحكومة العراقية الحرة المستقلة
قدم جون نيغروبونتي السفير الامريكي الجديد اوراق اعتماده الي الرئيس العراقي غازي عجيل الياور بعد اقل من يوم من مغادرة بول بريمر الحاكم المدني الامريكي، وتسليم السلطة شكليا للعراقيين.
السفارة الامريكية في العراق ستكون الاكبر في العالم، ومن المتوقع ان يصل عدد العاملين فيها الي حوالي ثلاثة الاف موظف من مختلف الاختصاصات والوظائف، وهذا يعني ان مهمة هذه السفارة لن تكون محصورة في الجوانب الدبلوماسية اسوة بغيرها من السفارات الاجنبية، وانما امور اخري كثيرة بعيدة كل البعد عن هذه الجوانب.
بمعني آخر ستكون هذه السفارة هي الحكومة العراقية الحقيقية التي تدير شؤون البلاد، او الحكومة الموازية بتعبير آخر. اما الحاكم الفعلي فسيكون السفير نيغروبونتي صاحب الخبرة العريقة في ادارة المناطق المضطربة بحكم خدمته الطويلة في امريكا الجنوبية، ووظيفته السابقة في الاجهزة الامنية الامريكية السرية ودوره الكبير في فضيحة الكونترا.
وربما يفيد التذكير بان حكومتي الدومنيكان والهندوراس سحبتا قواتهما من العراق فور الاعلان عن اسم السفير الامريكي الجديد في بغداد، وذلك احتجاجا علي دوره في اذكاء الاضطرابات في امريكا الجنوبية ورعاية الكونترا وهي الميليشيا المسلحة التي كانت تقاتل الحكومة الشرعية في نيكاراغوا.
ما نريد قوله ان الوضع في العراق ما زال علي حاله ولم يطرأ عليه اي تغيير، فنقل السيادة كان شكليا، علاوة علي كونه غير مقنع، والولايات المتحدة ما زالت الحاكم الفعلي في العراق، سواء بسبب وجود 150 الفا من جنودها، او من خلال سفيرها القوي وسفارتها الضخمة.
فمن اللافت ان الاعلان عن نقل السيادة تم في استانبول اثناء انعقاد اجتماع حلف الناتو، ومن خلال تسريب مقصود من قبل وزير الخارجية العراقي هوشار زيباري في حضور توني بلير رئيس وزراء بريطانيا، اي انه لم يعلن من بغداد، ولم تتم استشارة اي من الوزراء العراقيين، او حتي ابلاغ الشعب العراقي بمثل هذا الحدث التاريخي.
وربما لم يكن من قبيل الصدفة ان يحتل السفير الامريكي الجديد القصر الجمهوري الذي كان يحتله الرئيس العراقي صدام حسين، وان يكون هذا القصر المطل علي نهر دجلة هو مقر السفارة الامريكية الجديدة، بينما يقيم الرئيس العراقي الجديد في احد ملاحقه الثانوية، والشيء نفسه يقال عن مقر رئيس الوزراء.
ومن المفارقة ان الولايات المتحدة الامريكية والمتحدثين باسمها في اعلامها واجهزة الاعلام اليعربية، واوساط معارضة المنفي، كانوا يركزون دائما علي قصور الرئيس صدام حسين، وينتقدون بناءها وضخامتها وها هم اول من يحرصون علي احتلالها والاقامة فيها.
يصعب علينا ان نصدق كل التصريحات التي تصف تسليم السيادة بانه بداية فجر جديد للعراق. فالفجر الجديد لا يولد خلف جدران صلبة، وفي سرية مطلقة، وفي منطقة محاطة بالاسلاك الشائكة والمدرعات ومئات الحراس المدججين بالسلاح، علاوة علي خمس نقاط تفتيش علي المداخل المؤدية الي مكان التسليم والاستلام.
فجر العراق الحقيقي يبدأ مع انسحاب جميع القوات الاجنبية، واستلام حكومة عراقية منتخبة لزمام الامور وسط احتفالات شعبية حقيقية يسودها الفرح بكل اشكاله والوانه. وحينها ستكون السفارة الامريكية مثل غيرها من السفارات وربما اكبر قليلا، وسيكون السفير الامريكي دبلوماسيا عاديا مثل كل نظرائه الاخرين، اي لن يكون مندوبا ساميا للعراق.
ولتحيا الحرية الأمريكية وهنيئا للشعب العراقي بحاكمه السامي الجديد!!!!!!!!
