تحيرني كثيرا قلة الحيلة التى اراها يوميا فى بلدنا, تلك التى جعلتنا لا ندري شيئا عن اي شيء, حاضر عجز بعضنا عن فهمه وسَـئمه ونقم على مظاهره وبواطنه
اصبحنا جميعا بنتلكك على اي حاجة تجعلنا نزداد يأساً, نفعل ذلك دون ان ندري واحيانا نفعله انتقاماً من الظلم الواقع علينا فى عموم حياتنا
قلة الحيلة تلك التي تدفع المجتمع الى القصاص من بعضه البعض بصور شتى فعامة الناس يتهمون النخب والنخب يتهمون عامة الناس والبعض يُسفه منهم ويلعنهم يوميا على غير ريق والبعض يلعنهم قبل الاكل وبعده
تعالوا نتحدث عنا نحن معشر الشعب وعن قصاصنا النابع من قلة حيلتنا
تعالوا نفكر قليلا في هذه المشاهد التي نراها ونعايشها يوميا
*******
عسكري المرور او امين الشرطة اللي واقف فى رمسيس يسب ويلعن السواقين واهاليهم واللي جابوا اهاليهم, ويضرب التباعين او المنادين على المينى باص او الميكروباص بقدمه على ما تيسر من اعضائهم.. أليس هذا العسكري او أمين الشرطة قليل الحيلة ولا يجد متنفسا الاّ فى هؤلاء لينفث عن نفسه ويفرج عن كبته !؟
نعم.. فقد ضُـرب سلفاً من رُتـبـَة تعلوه او من رتب أذاقوه الأمرين وهكذا يسير التسلسل الى وزير الداخلية الذى نعلم انه يصعق يوميا لكنه لا يصعق بالكهرباء بل يصعق بجرس التليفون وايماءات السيد الرئيس وحرمه ونجليه
ثم ماذا عن السائق ومنادي الميكروباص؟ ألن يقوم بنهر الركاب وتكديسهم وامرهم بصيغة جازمة حازمة ان يجلسوا فوق بعض وان يسع كل منهم الاخر حتى وان جلسوا على حجر بعض وحتى وان فُرمت اقدامهم وتقطعت اوصال انفهم برائحة ذكية تغنيهم عن رائحة العرق التى اصبحت مكونا رئيسيا لا يخلو منه ميكروباصا ولا مينى باصا ولا اتوبيسا!؟
ألن تتمثل قـلة حيلته فى سب الامين والعسكرى بل ووزير الداخلية فور تحرك الميكروباص من الموقف رغم انه سيسيل لعابه وسيسقط سرواله ان استوقفته لجنة تبحث عن الرخص !؟ أليست هذه قلة حيلة!؟ ثم سيذهب الى البنزينة ويمارس الفشخرة الكدابة على عمالها ويشير لهم بسبابته على التانك ليفتحوه ويزودوا البنزين !؟
هذا التسلسل فى الاحداث هو ما يحدث بصور مختلفة اشاهدها وارصدها وربما تشاهدها ولا ترصدها لانها اصبحت روتينا ستستوحشه ان غاب عنك
*******
قلة الحيلة ايضا هي التى تجعلنا نصر على متابعة الاخبار والاحداث الهامة والمكررة يوميا منها على سبيل المثال ما يدور فى العراق وفلسطين من قتل عشوائى للابرياء, نتابع كل هذا بتبلد مشاعر وقلة حيلة تدفعنا دائما اما لسب الظلمة ولعنهم واما لمصمصة الشفايف والتأتأة المتبوعتين بتنهيدة تطول وتقصر حسبما يستدعى الامر.. وهذه أيضا قلة حيلة تجعلنا نهرب احيانا من متابعة ما آلمنا قبل ذلك كي لا تصحوا ضمائرنا وتتداعى الاسئلة عن واجبنا تجاه ما نرى
قلة الحيلة أيضا هى التى تجعلنا نجيد الانتقاد ونحسن فعله ولا تجعلنا نجيد التفكر العميق فى اصل الاشياء ودوافعها فنعلم المصيب من غيره ونضع الامور فى نصابها الحقيقى بدلا من التعويل الدائم والكلي على طرف بعينه, فجميعنا ليل نهار ننتقد ونلعن ونسخر من نظام الحكم الجاثم على صدورنا لكن هل فكرنا اننا جزء من أرضيته بقلة حيلتنا!؟ هل علمنا ان هذا النظام يستمد شرعيته حقا من قلة حيلتنا!؟
قلة الحيلة ايضا هى التى جعلت من جميع من يهدد امننا مختلا عقليا الى درجة انى فكرت ان قوتهم ورهبة الشارع منهم تؤهلهم -لعمل انقلاب عسكرى يستعينون فيه بالملاعق وسكاكين الفاكهة ومقورة المحشي- وسيقف العالم احتراما لهؤلاء المختلين الذين يهددون نظاما بوليسيا لا تلين له قناة, انها قلة حيلة النظام الذى يرمى عصاه الامنية فتلقف المختلين وتبنى عليهم اباطيلا تجعل المجتمع ياخذ حذره من كل من مشى يهذى بكلمات غير مفهومة او يحرك اصابعه بجوار اذنه او يجرى ورا عربية رش الناموس
*******
اللهم اني اشكو اليك ضعف قوتنا وقيلة حيلتنا وهواننا على الناس
منقول
