الحب الأعمى
=((=((=((=((=((=((=((=((=((=((=((
ضج المكان بالهتاف بين أفراد إحدى المجموعات والأخرى .. وتعالت أصوات البعض
في نقاش حاد حاول فيه كلا منهما في حماسه تبرير موقفه للآخر في حين أشاح
البعض بوجهه في عدم رضا ......
وفجأة علا صوت عميق يقول في حسم :
- هدوءً أيها السادة ..
لحظتها فقط صمتت الأصوات ونظر الجميع باحترام لصاحب الصوت الذي أخذ
ينقل بصره بين أفراد المجموعتين .. قبل أن يقول في صوت هادئ :
- لعلكم تتساءلون عن سبب حضوري بينكم في هذا الوقت بالذات ؟
تبادل الجميع نظره جانبيه متسائلة ، فأكمل وكأنه لا يتوقع إجابة من أحد :
- الواقع أننا هنا اليوم لنقرر ما يجب علينا عمله حيال هذا الشخص .
خرج صوت من المجموعة الأولي يقول في عناد :
- نحن لا نستطيع أن نبتعد عنه .
وأضاف آخر مؤيدا :
- نعم .. ولن تكون هناك حياه بدونه .
ارتسمت دهشة مستنكره علي وجوه أفراد المجموعة الثانية وخرج من بينهم من يقول :
- ما الذي تقولونه؟ .. أي حماقة تلك التي تجعلكم تقدمون من أنفسكم قرباناً لشخص لا تعرفونه حق المعرفة .. والأدهى أن علاقتنا به جميعا لا تندرج تحت أي بند من بنود العقل أو المنطق ..
رد عليه واحد من المجموعة الأولي ساخراً :
- العقل والمنطق ؟؟ منذ متى ونحن نتبع قواعد العقل والمنطق في الحكم علي مثل هذه العلاقات أو حتى كان لنا حرية انتقائها ؟
سرت في المكان همهمة استحسان من المجموعة الأولي فتابع قائلا في حماس :
- إننا قد فوجئنا مثلكم بظهور هذا الشخص فجأة في المملكة واهتمام الحاكم به ..
وبدأ الأمر يتطور لمشاعر طال اشتياقنا لها .. لذا فنحن متلهفين لبدء هذه العلاقة .
صمت لحظه ثم أكمل :
- وأظنكم الآن تفهمتم .. سبب إصرارنا علي هذا الشخص .
أشاح واحداً من المجموعة الثانية بيده وهو يقول في غضب :
- هراء .. إن فشلكم في إخفاء مشاعركم تجاه أي زائر للمملكة سيودى بها .
أما هو فقد هز رأسه مشفقاً قبل أن يقول :
- وتباطؤكم انتم في اتخاذ القرار سيودي بالحاكم .. فاختاروا يا أصحاب العقل والمنطق .
ثم أضاف محذراً :
- ولابد علٌي أن أخبركم بتحملكم تبعات أي قرار من شأنه قطع علاقتنا بهذا الشخص
أو حتى التفكير في إساءة معاملته .. فهذه المملكة لم ولن تتحمل أي معاناة جديدة
بسببكم .
قالها ودار ببصره ناحية صاحب الصوت العميق وتابع :
- ما رأيك يا سيدي ؟؟
هز صاحب الصوت العميق رأسه في اقتناع وعينيه تحمل نظره شاردة كأنه يستعيد
ذكري أليمه من الماضي السحيق قبل أن يقول :
- نعم .. سيكون لأي قرار لو ثبت فشله أثار مدمره لن يمكن للمملكة احتمالها ثانيهُ .
أضاف أكبر المجموعة الأولي سناً في مرارة :
- وأي آثار يا سيدي !! .. ستسود المملكة حاله من اللامبالاة وعدم الاكتراث بالحياة
وستدب الفوضى في حياه الحاكم .
وتنهد تنهيده حارة وهو ينظر للمجموعة الثانية قبل أن يتابع :
- حتى انتم يا من تتشدقون بمنطقيه الأحداث سوف يصيبكم التوتر والحيرة وستزيدكم قرارات الحاكم الخاطئة ارتباكاً وستعجزون عن اتخاذ قرار واحد وستجدون أنفسكم وكأنكم تتخبطون في غياهب جب مظلم .. وندخل جميعا في رحله علاج طويلة قد تنتهي في كثير من الأحيان بالفشل .
رد عليه أكبر أفردا المجموعة الثانية سناً في عناد :
- هذا أفضل من الانسياق وراء شيء قد يكون وهماَ ولا نفيق منه إلا بعد فوات الأوان .
فأجابه قائلاً :
- وقد يكون شيء جميلاً انتظره الحاكم طويلاً .. وفيه سعادته وراحة باله .
رد عليه ساخراً :
- آه .. جميلاً .. كما حدث في السابق .. أليس كذلك ؟.
ترقرقت الدموع في عيني الأول وهو يجيب :
- أنت تعلم أننا لم نكن السبب في فقدان ذلك الـ ......
قاطعه الثاني بعصبيه :
- ولا نحن .... بل انتم الذين ........
قاطعهم صاحب الصوت العميق صائحا :
- كفي ...
ثم أردف في حزن :
- إنه أنا ..
صاح الجميع في صوت واحد :
- أنت ...!!!!!!!
رد عليهم والحزن يقطر من كلماته :
- نعم أنا .. كان علي أن اتخذ أنا مثل هذا القرار لأنقذ الحاكم من تلك العلاقة
فقد كان الطرف الآخر قاسيا .. ظالما ..مستهتراً بمشاعر الحاكم وأوامره .
فكان لابد من حل حاسم برغم ما جره ذلك علي المملكة والحاكم من ويلات .
وهنا ساد صمت عجيب .. طويل .. ثقيل ..
قطعه صاحب الصوت العميق ثانيهً عندما قال :
- الحقيقة أن اتخاذ قرار في هذا الشأن مره أخري ليس بالشيء اليسير .. وأظننا لن نعرف
إلا بالتجربة .. لذا قررنا الآتي .
رفع عينيه إلي المجموعة الأولي وهو يكمل :
- تقع علي خلايا القلب وحدها مهمة التقرب إلي هذا الشخص والارتباط به .
ثم دار ببصره مخاطبا المجموعة الثانية :
- دون أي تدخل من أي نوع من جانب خلايا العقل في الموضوع .
ثم أكمل في شبه اعتذار :
- وأظنها ترضيه مناسبة .
انتابت خلايا القلب حاله من السعادة والنشوة الحالمة وهو يحتضنون بعضهم تعبيرا عن فرحتهم بالقرار .
بينما تشنجت خلايا العقل ودارت بينهم تساؤلات عديدة في محاوله لاستنتاج ما ستسفر عنه الأحداث في الأيام القادمة .
وقبل أن ينصرف صاحب الصوت العميق استوقفته خلايا العقل وسألته :
- يا سيادة الضمير المحترم ....بما نجيب الحاكم لو سأل عقله (( ما هذه الحالة التي أمر بها )) .. ؟
فرد الضمير مبتسما :
- قولوا حباً أعمي .=((=((تمت بحمد الله.
Hooba=((=((=((=((
