البرادعي رئيسا ... لماذا ؟ وكيف ؟؟
هذه مقال منشور في جريده صوت الامه
ليس سهلا الحديث في هذا الموضوع ، فالصراحة فيه قد تلقي بيد الكاتب للتهلكة ، و التورية فيه سماجة لا يحتملها القارئ ، و الكذب فيه مفضوح !
سأختار أن أتحدث بصراحة ، ليس حبا في المهالك ، ولكن لأن الهلاك قادم لا محالة إذا ظلت أوضاعنا كما هي .
أتحدث عن منصب رئيس جمهورية مصر العربية ، كما لا يخفى على القارئ !
بدون مقدمات ...
الدكتور محمد البرادعي أنسب شخص لهذه المرحلة بلا شك ، وبلا منافس يذكر ، مع كامل احترامنا لجميع الأسماء المطروحة ، فإذا أردنا أن نجيب على سؤال لماذا البرادعي ؟
نقول وبالله التوفيق إن ذلك لأسباب عشرة :
السبب الأول : أنه رجل دولة من الطراز الأول ، وسجله يدل على ذلك ، فهو رجل يعمل بالسياسة منذ أربعة عقود ، وترأس منصبا دوليا عالميا حساسا وأداره بكفاءة منقطعة النظير .
وهذا من أهم الفروق بينه وبين أسماء أخرى رُشحت لهذا المنصب ، فالآخرون علماء يصلحون للابتكار داخل المعامل ، أما إدارة الدولة فهذا أمر آخر .
السبب الثاني : أنه وجه معروف على المستوى الدولي ، وهذا الأمر يطمئن كثيرا من القوى الدولية و الإقليمية .
السبب الثالث : أنه وجه معروف محليا، وأعلم أن البعض يصنف الدكتور البرادعي كنجم نخب ، ولكني أختلف معهم في ذلك ، فالرجل أصبح علما من أعلام مصر بعد حصوله على جائزة "نوبل" ، و تجاوزت شهرته دوائر الصفوة إلى كثير من دوائر العوام ، وهذا ييسر الحشد له أكثر من غيره من نجوم السياسة اللامعين في النخب فقط .
السبب الرابع : أنه يقف في الوسط من جميع التيارات ، ومن جميع القضايا ، فلا هو (خميني) يهابه الغرب ، ولا هو (خواجة) يتحفظ عليه الفلاح و رجل الشارع البسيط .
السبب الخامس : ابتعاده عن مصر فترة طويلة ، وبالتالي لم يتنجَّسْ بخطايا هذا العهد ، فلم يُسْتَوْزَرْ ، ولم يُسْتَشَرْ في أي خطأ أو خطيئة للنظام ، وفي نفس الوقت لم ينضم لأي قوة معارضة من أي نوع ، فهو مستقل عن الحكومة ، وعن المعارضة ، و وصوله لمنصب الرئيس لن يعتبر انتصارا لأحد ضد أحد ، أو لتيار ضد تيار ، بل سيكون انتصارا للجميع ، أي سيكون انتصارا لمصر !
السبب السادس : أنه رئيس مدني .
السبب السابع : أنه كبير في السن نسبيا ، وبالتالي لن يستطيع سوى أن يكون قائد مرحلة انتقالية ، تخرج بها مصر من هذا النفق المعتم ، وقد حصّل من المجد قبل توليه الرئاسة ما يغنيه عن طموح دوام المجد بدوام الرئاسة !
ونحن في مرحلة نحتاج فيها رئيسا انتقاليا يهيء البلاد لمرحلة البناء والنهضة ، بمعنى أننا نريد رئيسا يحول مصر لدولة تريد النهوض ، أما الرئيس الذي يحقق النهضة فهذا رئيس آخر ... لم يأت أوانه بعد !
السبب الثامن : أنه ليس عدوا لأي قوة من القوى العظمى في العالم ، فهو لم يعلن مواقف من أي نوع في العديد من القضايا الشائكة ، فلا هو من منكري (الهولوكوست) مثلا ، ولا هو من مؤيدي النازية ، ولا هو ملحد ، ولا هو أصولي متشدد ، وموقف إسرائيل و أمريكا منه لن يكون بالعنف الذي يمنع ترشحه ، لأنه في النهاية ليس صقرا من صقور التشدد ضدهم ، وفي نفس الوقت ليس لعبة في أيدي القوى العظمى كما هو حالنا الآن ، ومصر تحتاج شخصا بهذه المواصفات لمرحلة انتقال من التبعية المطلقة إلى الاستقلال المحدود ، الذي يؤدي بعد ذلك إلى الاستقلال الكامل .
السبب التاسع : حصوله على نوبل ، وهذا أمر سيحد من حماقات النظام في التعامل معه ، وسوف يُيَسِّرُ الكثير من مهمة القوى الوطنية في إرباك الإعلام الحكومي الذي تورط بالفعل في الإشادة بالرجل بعد حصوله على الجائزة .
السبب العاشر : صفاته الشخصية . فهذا الرجل يُجمع كلُّ من عمل معه على أنه ذكي لدرجة العبقرية ، مجتهد لدرجة التفاني ، متواضع ، حباه الله صبرا دؤوبا على تحقيق الأهداف ، وصلابة المقاتلين من أجل ما يؤمن به .
هذه مميزات الدكتور البرادعي في رؤيتي المتواضعة ، ولكن ...
هناك من يرى أن فيه عيبين رئيسين ، هما :
1 – أنه (أمريكاني) ...!
وهذا كلام غير صحيح جملة وتفصيلا ، فالرجل ليس أمريكيا بمعنى الهوى والرؤية ، ولكنه أمريكي من ناحية الأساليب الإدارية ، وهذه ميزة وليست عيبا .
2 – أن في تاريخه خطيئة كبرى ، ألا وهي مسؤوليته عن احتلال العراق ، ذلك أنه كان على رأس وكالة الطاقة الذرية حين احتلت أمريكا العراق .
و هذا – مع احترامي – كلام غير صحيح أيضا ، فالرجل أُمرَ أن يفتش عن الأسلحة ، ولم يكن هو صاحب القرار ، وهو – كمسؤول دولي – لا يملك ألا أن يمتثل ، وفي نهاية الأمر لم يستجب لكل الضغوط لكي (يفبرك) تقريرا يدين العراق ، فأصدر تقريرا نزيها ماكرا ، لدرجة أن أمريكا لم تتمكن من غزو العراق بقرار دولي ، بل خرجت عن الشرعية الدولية ، وغزته بقرار فردي !
أما الإجابة على سؤال : كيف يأتي البرادعي ؟
فينبغي أولا أن نتفق على أن جميع الذين تنطبق عليهم شروط الترشح لا يصلحون ، وأن شروط الترشح نفسها مسخ دستوري صنعه أناس لهم غرض لا يخفى على أحد ، لذلك لست مستعدا لمناقشة أن يترشح الدكتور البرادعي من خلال طريق شرعي بأن يدخل أحد الأحزاب ، لأن ذلك لن يحدث ، فجميع الأحزاب (تحت السيطرة الكاملة المكتملة التامة المتممة!) .
لذلك ... من الممكن أن يأتي ترشيحه عبر جمعية عمومية شعبية تتكون من مئات الرموز المصرية ، تطلق مطلب ترشيحه باسم الشعب ، وفي هذه الحالة تتوحد المعارضة المصرية خلفه ، و تحرك الشارع لخلق أزمة تجبر النظام على السماح للبرادعي بالترشح رغم كل القيود الشكلية .
أسمع الأصوات التي تعلو في وجهي قائلة : أنت مجنون !
و أنا بدوري أجيب : بل شاعر !
مهمتي أن أرى الحلم ، لذلك أقول إن هذا لأمر ليس بمستحيل !
ولو توحدت المعارضة خلفه بكل طوائفها ، من خلال تعيين عدة نواب له ، من نوعية الوزير منصور حسن ، والمهندس يحيى حسين عبدالهادي ، والدكتور حسن نافعة ... سيكون ذلك مدعاة لمزيد من الثقة .
هذا الرجل العظيم – يا قوم – من الممكن المراهنة عليه ، ومن الممكن أن نحشد الناس خلفه ، لنخلق أزمة سياسية يكون من نتائجها تغيير الدستور ليتمكن من الترشح ، أو لتتدخل بعض القوى (الصامتة) في المجتمع ...!
والبيان الماكر الذي أصدره الدكتور البرادعي منذ أسبوعين يدل على استعداده لتولي هذه المسؤولية ، و إني لأدعو الدكتور حسن نافعة المنسق العام للجنة التحضيرية لحملة لا للتوريث للنظر في هذا الاقتراح منذ الآن ، لكي لا نفكر كثيرا حين يأتي دور إبراز بديل للنظام الحالي .
فانا اري ان البرادعي هو افضل الموجودين
الي وقتنا هذا من الذين ينوون الترشح