إعلان ترشيح مبارك للرئاسة نهاية التوريث وبدء(المقايضة)
يبدو واضحا من التصريحات الأخيرة للدكتور على الدين هلال أمين الإعلام بالحزب الوطنى الديمقراطى بأن الرئيس حسنى مبارك هو مرشح الحزب فى الانتخابات الرئاسية القادمة، أن الباب قد أغلق أخيرا ونهائيا أمام كل ما كان يتردد فى مصر خلال الأعوام الأخيرة من تحليلات وإشاعات وتخوفات بترشيح نجله السيد جمال مبارك للرئاسة، أو ما اصطلح على تسميته «التوريث».
وحسب بعض التوقعات الصحفية التى نشرتها جريدة «الشروق» قبل يومين، فإن تأكيد ترشيح الرئيس مبارك لانتخابات الرئاسة القادمة سوف يتم بصورة مباشرة أو غير مباشرة فى المؤتمر السنوى القادم للحزب الوطنى المقرر عقده يوم التاسع من نوفمبر القادم، لكى يكون ذلك هو المظلة الحزبية والسياسية التى سيخوض الحزب الحاكم تحتها انتخابات مجلس الشعب التى ستحل بعد أقل من ثلاثة أسابيع من عقد هذا المؤتمر.
بهذا القرار الذى تأخر إعلانه طويلا يكون مستقبل الرئاسة المصرية قد حسم لصالح نفس الآلية التى جرى بها حسمه خلال عهدى الرئاسة السابقين فى ظل الرئيسين عبدالناصر والسادات، حيث يبقى الرئيس فى منصبه، كما قالها الرئيس مبارك نفسه أمام البرلمان، حتى آخر نفس يتردد فى صدره، فلا مجال لاعتزاله المنصب وطرح مرشح آخر بديل له حتى لو كان نجله السيد جمال مبارك.
وبهذا القرار أيضا يصبح واضحا أن المحاولات الدءوبة التى بذلها فريق من المحيطين بنجل الرئيس خلال الأعوام الماضية سواء فى قيادة الحزب الحاكم أو نخبة رجال الأعمال من أجل الترويج لترشيحه، قد وصلت إلى حائط مسدود وها هى اليوم تلفظ آخر أنفاسها.
والحقيقة أن قضية توريث الرئاسة فى مصر ظلت بالنسبة للكاتب منذ بداية طرحها عام 2006 مجرد تخوفات من بعض المعارضين وتخمينات من بعض المحللين ومحاولات يائسة من بعض المحيطين بنجل الرئيس، ولم تتحول فى أية لحظة إلى احتمال حقيقى وجدى يمكن أن يجد طريقه للتطبيق فى النظام السياسى المصرى.
فكما أكدنا من قبل فى أكثر من مقام فإن «منصب رئيس الجمهورية فى مصر ليس منصبا هامشيا يمكن الاستحواذ عليه ببساطة وبدون امتلاك عناصر عديدة للقوة تمكن من يسعى إليه من امتلاكه وبخاصة فى ظل أمرين لا يجب نسيانهما الأول، أن توريث هذا المنصب الأسمى فى البلاد يعنى «انقلابا» مضادا لما قامت به ثورة ٢٣ يوليو ١٩٥٢ التى تقوم عليها شرعية نظام الحكم حتى اليوم، مما يستلزم من أصحاب مشروع التوريث صياغة شرعية جديدة مختلفة لنظام سياسى جديد ومختلف، وهو الأمر الذى تؤكد كل المؤشرات أنه مستحيل واقعيا فى ظل تراجع أداء وشعبية النظام الحالى الذى سيخرج من أحشائه مشروع التوريث وتزايد المعارضة السياسية والاجتماعية له ولسياساته، والأمر الثانى شديد الارتباط بالأول، فإذا كان مشروع التوريث سيكون بمثابة «الانقلاب» المفتقد الشرعية بل والمنقلب على الشرعية الجمهورية القائمة، فلابد لكى ينجح من توافر عناصر عديدة للقوة فى يد من يسعون إلى تنفيذه لكى يتجاوز العوائق الكثيرة أمامه والرفض الشعبى والنخبوى الواسع له».