حكاية اختراع القنبلة النووية
حكاية اختراع القنبلة النووية
http://www.hazemsakeek.com/Scientifc...ges/image2.jpg
كان
للقاء الذي جمع الفيزيائيان الأوروبيان
فيرمي Fermi وزيلارد Szilard
في يناير من العام 1939 في نيويورك قد أدى إلى شراكة علمية
من أقوى الشراكات
في تاريخ العلم ساعد على حل مسألة الطاقة الذرية
وإنجاز أول تفاعل نووي متسلسل
nuclear chain reaction
في عام 1942 وتفعيل مشروع مانهاتن لتصنيع القنابل الذرية في 1945.
توجه فيرمي وهو في عامه الثامن والثلاثون من روما إلى نيويورك
حيث توقف في استوكهولم
لتسلم جائزة نوبل في الفيزياء لعام 1938
لأبحاثه العلمية
في مجال قذف عنصر اليورانيوم بالنيوترونات
مما ساعد على اكتشاف عناصر أثقل من اليورانيوم وقد استقر في أمريكا وعمل في جامعة كولومبيا.
أما العلم زيلارد فقد غادر مسقط رأسه في بودابست إلى برلين في عام 1919 حيث درس وعمل مع البرت اينشتاين
وكان لهما العديد من البحوث وبراءات الاختراع.
ولكن بعد استيلاء هتلر على السلطة في 1933 غادر زيلارد من برلين إلى لندن ليعمل في جامعة أكسفورد وقد عمل في العديد من الأبحاث في مجال التفاعل النووي المتسلسل
لإنتاج طاقة الكترونية لاستخدامها في محطات الطاقة الكهربية
وفي الأسلحة النووية.
ولكن المشكلة كانت في إيجاد العنصر الذي يستطيع توليد التفاعل المتسلسل.
بعد فشل دام أربع سنوات انتقل إلى جامعة روسيستر وجامعة ايلينوي في الولايات المتحدة واستقر في النهاية في جامعة كولومبيا.
بعد أيام قليلة من اللقاء الأول بين فرمي وزيلارد
الذي حصل مصادفة في فندق كينك كروان
جاء إلى نيويورك الفيزيائي الدنمركي
(بور) Bohr
حاملاً معه خبراً مهما من أوروبا وهو أن الفيزيائي
( مايتنر ) Meitner
أكد أن كيميائيين من برلين هما (هان) Hahn و (ستراسمان)
Strassmann
جعلا اليورانيوم يخضع ( للانشطار)
Fission
عن طريق قذفه بالنترونات neutron.
وبذلك قسما الذرة atom.(في عام 1966 حاز هؤلاء الثلاثة جائزة انريكو فرمي نظير هذا العمل).
وكان تقرير (بور) عونا لفرمي من اجل فهم أكمل لتجاربه على اليورانيوم التي قام بها عام 1934. إضافة إلى إمكانية تكوين عناصر أثقل.
اكتشاف الإنشطار أكد مخاوف زيلارد إن القنبلة الذرية يمكن أن تصبح واقعاً حاسماً
طرأت فكرة التفاعل المتسلسل على ذهن زيلارد بينما كان يقف في زاوية أحد شوارع لندن عام 1933
واعتقد العلماء حينذاك إن الذرة مشابهة للمنظومة الشمسية
من حيث أن لها إلكترونات سالبة الشحنة تدور في مدار حول
نواة من البروتونات الموجبة الشحنة و النيوترونات المعتدلة الشحنة
وبما انه ليس للنترون شحنة فقد يهرع إلى ذرة من الذرات خلسة ويخترق النواة من دون أن يطرد. لقد تخيل زيلارد انه لو قذف نيترون ما النواة وشطر الذرة
فإن الانشطار الحاصل قد يحرر طاقة الربط binding energy
التي تحافظ على تماسك الذرة تلك، قد تتحرك بدورها، مما قد يسمح لها بضرب الذرات الأخرى وشطرها. فإذا تحرر أكثر من نيترون واحد من كل انشطار ذرة
يمكن أن تتسع العملية اتساعا كبيرا، مع ملايين الذرات منشطرة في جزء من الثانية ومحررة كميات هائلة من الطاقة. (وقد علم زيلارد فيما بعد أن أخبار بور مكنت فرمي أيضا من تصور تفاعل متسلسل، مع أن حدوثه اعتبر بعيد الاحتمال).
بينما كان زيلارد يسجل براءة اختراعه عام 1934، كان فرمي في روما آخذاً في تبوء مكان الصدارة كخبير عالمي حول قذف الذرات بالنترونات.
ووجد إن إمرار النيوترونات من خلال شمع البارافين
يمكن من تبطيئها
مما يزيد من فرصة امتصاصها من قبل النواة المستهدفة للقذف. كان عمله في اليورانيوم محيراً. فأحيانا تمتص النواة نيوترونات ينتج عناصر مختلفة أثقل
أو نظائر isotopes لليورانيوم
إذ يتحكم في الهوية الذرية عدد البروتونات. ولكن في أحيان أخرى يكون القذف النيوتروني يؤدي إلى تخليق عناصر جديدة. وبإتباع تجارب فرمي المنشورة في المجلات العلمية، اقترح الكيميائي الألماني (نوداك) Noddak تحليلاً كيميائياً للأنواع الجديدة لرؤية ما إذا كانت هذه الأنواع شظايا من ذرات منشطرة. ولكن فرمي، ركز انتباهه على القذف والامتصاص، ولم يتابع مضامين تلك العناصر الجديدة. ولذلك تمكن من تمييز الانشطار الذري قبل مايتز بسنوات.
في جامعة كولومبيا وفي ربيع عام 1939 أجرى كل من فرمي وزيلارد تجارب تهدف إلى فهم اقل للإنشطار. وقد قدم زيلارد للفيزيائي الكندي (زين)Zinn مصدراً نيوترونياً من الراديوم _ البيريليوم radium – beryllium المشع
كان زيلارد قد صل عليه من إنكلترا. وبهذا المصدر المشع بين زين وزيلارد أن أكثر من نترونين قد انطلقا في أثناء الانشطار. وقام فرمي ومساعده (اندرسون) بتجربة مشابهة مستخدمين مصدر بيريليوم_ رادون أقوى، فتوصلا إلى نتائج غير قطعية، وقدر زيلارد إن المصدر كان أكثر قوة مما يلزم، فمكن بعض النترونات من المرور عبر النواة مما صعب عليهما معرفة ما إذا كانا يحصيان النيترونات الناجمة عن الانشطار، أم النيترونات الأصلية، وقد توصل فرمي إلى نتائج أكثر وضوحا باستخدام المصدر النيتروني الإنكليزي
الذي حصل عليه زيلارد.
عندئذ سعى الرجلان إلى العمل معاً – مع صدام صاخب ناجم عن أساليبها الشخصية في العمل لقد كان زيلارد يتفادى العمل اليدوي مفضلا الاستلهام الفكري
في حين فرمي كان يتوقع إسهام جميع فريق عمله في إجراء التجارب. ومع أن كل واحد من الرجلين كان يحترم قدرات الآخر، واعترافا منهما بحاجة كل منهما إلى الآخر، فقد لجأ كل منهما إلى رئيس قسم الفيزياء في جامعة كولومبيا
(بيكرام)
الذي قبل أن ينسق عملهما الفردي
فكبحت دبلوماسية بيكرام المكوكية دقة فرمي
وعلم زيلارد بالغيب.
ومع اندرسون نجح الزميلان المتشاجران في إثبات انه باستخدام النيوترونات البطيئة
( يمكن الإبقاء على تفاعل نووي متسلسل).
بناء تفاعل متسلسل
مع أن التصادمات بين فرمي وزيلارد كانت عادية جداً، فإن التصادمات بين النيوترونات والنواة كانت في بداية الأمر نادرة جداً واختراق النيوترونات لما سمي بالمهدئات moderators مثل بارافين فرمي، ساعد على تبطيئها، جاعلاً صدامها مع نواة الذرة أكثر احتمالا. وبحلول عما 1939 عرف الفيزيائيون أيضا أن ( الماء الثقيل ) heavy water كان مهدئا كافيا. فلماء العادي أو ( الماء الخفيف ) يتألف من ذرتي هيدروجين وذرة أكسجين، حسب الصيغة المألوفة H2O أما في الماء الثقيل فيتحد اثنان من ايزوتوب الهيدروجين الثقيل، وهو ما يسمى الديوتريوم deuterium، مع الأكسجين. ومازال الماء الثقيل يستخدم مهدئا فعالا لوقود اليورانيوم الطبيعي في المفاعلات الذرية الحالية، أما الماء العادي فيستخدم لتخصيب وقود اليورانيوم. لكن الماء الثقيل كان باهظ الثمن ونادراً.
قاس اندرسون امتصاص النترون في الكرافيت النقي فوجد انه يمكن أن يكون مهدئا جيداً بالفعل.
وأوصى زيلارد بأن تظل نتائج هذه التجربة سرية، فاعترض فرمي، العالم المحترف، على خرق التقليد الأكاديمي العريق في النشر العلمي لنتائج التجارب العلمية. وفي هذا الصدد. ومرة أخرى تدخل بيكرام، فوافق فرمي بامتعاض على رقابة ذاتية في هذه الظروف الخاصة. لقد ظن فرمي أن المهدئ الكرافيتي قد يوفر بصيص أمل على الأقل من اجل تفاعل متسلسل مداوم ذاتيا.
قام زيلارد بالبحث على المباشرة فوراً
( بتجارب ضخمة )
لكن فرمي ظل متشككا واقترح زيلارد أن تكون، بالتناوب، طبقات من الكرافيت واليورانيوم في شبيكة lice قد يحدد هندستها تبعثر النيوترونات والأحداث الانشطارية التالية. فرد فرمي على ذلك بتصميم متجانس يختلط فيه اليورانيوم والكرافيت وقد اغضب هذا الاقتراح زيلارد، الذي استنتج أن فرمي فضل هذا التصميم لأن شكله أسهل للقيام بالحسابات حوله. لكن فرمي رد بأن تفكيراً إضافيا أقنعه بفكرة الشبيكة لزيلارد. ولدى قناعته بالفكرة قام فرمي بتطبيق مهارته المتينة لتحديد الخصائص الفيزيائية للشبيكة وتحديد العناصر البشرية اللازمة لصنع مفاعل.
أصدقاء في مناصب عالية
اقر زيلارد انه على الرغم من قدراته وقدرات فرمي العقلية، فمازالا بحاجة إلى هذه الرسالة المشهورة والتي رفعت إلى الرئيس روزفلت حينذاك. تبدأ الرسالة المشهورة هذه. والمؤرخة في 2/8/1939 بالآتي ( إن بعض الأبحاث الراهنة التي يقوم بها فرمي وزيلارد…) وتتابع الرسالة بالتحذير من الأبحاث الألمانية في مجال التسلح الذري، وتحث الولايات المتحدة على القيام بأبحاث خاصة به في هذا المجال.
مرر زيلارد الرسالة إلى المستثمر المصرفي (ساكس) الذي كان مستشار الصفقة الجديدة وبمقدوره الوصول إلى رئيس الولايات المتحدة. لقد بدأت الحرب العالمية الثانية في 1/9/1939، وبعد نحو شهر من ذلك عندما تسلم روزفل اخبرا الرسالة وافق على انه لا بد من عمل شيء، شكل لجنة اليورانيوم الفدرالية التي ضمت زيلارد وبقية العلماء المهاجرين كأعضاء وخلال أسابيع حصلوا على 6000 دولار كمخصصات للأبحاث في جامعة كولومبيا. ومع ذلك فقد اضطر اينشتاين في عام 1940 إلى أن يؤدي مرة أخرى دوراً حاسماً عندما كاد جيش الولايات المتحدة يرفض منح فرمي وزيلارد ، وبوصول المخصصات، اخذ فريق فرمي بالعمل بانتظام لبناء مفاعلات piles (شبيكة زيلارد) من اليورانيوم والكرافيت، لاختبار النسبة والتشكيل الهندسي المطلوبين للحصول على تفاعل نووي متسلسل امثل. وقبل يوم من الهجوم الياباني على بُرل هاربر، وافق الرئيس روزفلت على التزام فدرالي لتوفير الوسائط والإمكانيات كافة من اجل أبحاث القنبلة الذرية، وفي ربيع عام 1942 انتقل فرمي وزيلارد مع بقية فريق كولومبيا إلى جامعة شيكاغو، حيث أسسوا
( مختبر تعدين )
llurgy laboratory
سريا للغاية
من اجل بحث التفاعل النووي المتسلسل.
وفي الشهر 6/1942 أسندت إدارة هذا المختبر إلى مشروع مانهاتن العائد للجيش. وفي خريف عام 1942 شيد مفاعل، بكرات من اليورانيوم مرصوصة في قوالب من الكرافيت. وفي 2/2/1942
في باحة سكواش بإستاد كرة القدم التابع للجامعة
اشرف فرمي على تجربة كانت بداية أول تفاعل نووي متسلسل مداوم ذاتيا
ومسيطر عليه.