بقــايا الأمـس البعيــد (بقلم / هدير زهدي)
بقايـــا الأمــس البعيــــد
قصة قصيرة
ــــــــــــ
رآها .. فارتبك ..
وبينما خطت قدميها خطوات إليه وجلست أمامه في ثوانٍٍ قليلة ، كان قد استرجع الأمس البعيد معها .. تلك الأيام والليالي التي طوتها قسوة الفراق ، ومضى عليها من الزمن ما يكفي لنسيانها .. وتمزق الوهم المسمى الحب الأبدي .. وتهاوى بين جنبات الجروح ، تاركا قلوبا حائرة بين الحقيقة والزيف ...
وظلت تعبث بأناملها ، بينما هو يعبث بأوراقه البيضاء في اضطراب .. منتظرا كل منهما أن يبدأ الآخر في الكلام ... وبعد لحظات .. تمالك الطبيب نفسه ، وبدأ يتجاذب أطراف الحديث ...
هو : ... أيمكنني المساعدة ؟؟
هي : .. هاه ؟؟
هو : مِمَ تشكي ؟؟
هي : ... ألـــم .
هو : بأسنانـك ؟
هي : .. وضروسي ..
هو : .. أيمكنك وصف الألم ؟
هي : ... لن .. أجد حروف تعبر عنه .. إنه .. احساس .. حتى إن كان مؤلما ... شديد الألم ..
هو : .. حاولي .. ساعديني كي أساعدك .
هي : .. حقــا ؟؟
هو : .. واجبي راحة المرضى .. ولن أتأخر في أي شئ يمكنني فعله .. لأخفف عنكِ ألمك .
هي : (تبتسم) .. إنه .. شديد القسوة .. تزداد قسوته عند سكون الليل .. فلا تغفل عيني ... أذكرها قبل الألم كالآلئ اللامعة ، ولكنها الآن كالنجوم المضيئة البعيدة بعد أن حال بيني وبينها الألم .
هو : (يتنهد) .. أسنـانك ؟؟
هي : ... نعـم ..
هو : .. أيمكنك الجلوس هنا لألق نظرة ؟
هي : حسنــا ..
...
هو : افتحي فمك
...
هو : لا أرى أي شئ يستدعي ذلك الألم .. !
هي : .. ربما ترى ذلك .. ولكنك لن تشعر ما أشعر ..
هو : ... أو .. ربما تتوهمين ذلك الألم ..
هي : ليس وهما ... ولكنك لا تنظر جيدا .. ولا تشعر جيدا ... أو ربما أنك ترغب في ذلك ..
هو : (يتنهد) .. ربما هناك سبب آخر ..
هي : ما تفسيرك اذن ؟؟
هو : .. هل أكلت شيئا جافا أو غليظا ؟؟
هي : (تبتسم) .. أكلت أروع الأصناف بحياتي .. ولكن .. لم أكن أعلم أنها تحمل ألما يصيب كل من أكل منها ..
هو : ... ربما اخترتِ صنفا خاطئا .. لم يكن ملائما لكِ ..
هي : (تبتسم) ... نعم .. أحسنت التفسير ... إنها كالأزهار العطرة .. المليئة بالأشواك ..
هو : (يدير لها ظهره)
هي : (تقف) ... كنت أعلم أنه ليس لكل داء عندك دواء .. ويبدو .. أن عِلََتي هنا .. لا دوائي ..
هو : ... آسـف .. لست طبيبا ماهرا ..
هي : ... لا عليك .. فعِلََتي أصعب من أن يكون لها دواء ...
هو : .. ربما تجدين طبيبا جيدا عما قريب .. يخفف آلامك .. ويعيد إليك اللآلئ ..
.. ولــم يجــد ردا
فاستـــدار
ولكنها كــانت قد رحــلت ...
_____________________
قلمي /
هدير زهدي
بتاريخ /
16/9/2010