الذى يحب هو الذى له قصص وله تاريخ طويل من الامل والياس والخوف والرجاء
والحاسدين والشامتين والاباء والامهات احلام عن السعاده واوهام عن الزواج...
وقصص مع الانهار والجبال ونجوم السماء، والرمل والفنجان وصلاق الفجر واجراس
الكنائس....!
قديما سالو لماذا ارتفعت الجبال؟ ولماذا انخفضت الوديان؟ واحترفت النجوم؟...
كل هذه اسئله تجد لها اجوبه عند المحبين من الاف السنين
فهل تعرف مثلا لماذا كانت هناك ورود حمراء وورود بيضاء؟ هل تعرف انت ؟ انا لا
اعرف ولكن القدماء عرفوا القصه،عرفوا السبب وهى دائما..قصه غرام!
********************************
يقال ان الملكه سميراميس كانت تحكم مدينه بابل وكانت قصص غرامها تروى على
الناس فى كل مكان وفى كل ساعات الشمس عند شوقها وعند غروبها وعندما تلبس فى
الليل قناعا اسود على وجهها,, ويقال ان المدينه امتلات بقصص غرام صغيره.غرام
الشعب..فحين يهمس الملوك يصرخ الشعب، وحين يحب الملوك... يعشق الشعب!
ويقال انه مان هنالك فتى وفتاة احب كل منهما الاخر حبا جنونيا. وكان لهما بيتان
متجاوران.. ولكن الحوائط هى التى تخلق الحقد والخوف.. ان هذه الحوائط هى احجار
من الكراهيه والخوف... وكان الفتى والفتاة يقفان كل ليله وراء هذه الحوائط
المتلاصقه
وينظران الى السماء ويصليان الى الله ان يجمع قلبيهما كما جمع قلب الملكه سميراميس
على حبيبها الاول والثانى والثالث بعد المائه....
ويبدو ان الله استجاب لهما ففى ذات يوم راحت اصابعهما تتلمس الاحجار الغليظه ان
تلين ولكن كم كانت سعادتهما عندما وجدا فتحة صغيره بين هذه الاحجار فراحا يهمسان
ويرويان ساعات ارقهما وقسوة ابويهما وكانت هذه الفتحه الضيقه اوسع من السواوات
والارض واوسع من صدر كل اب وكل ام...
وتحولت هذه الفتحه الى شفتين يقبلهما الفتى والفتاة. وتقارب الفتى والفتاة وسمعته الفتاة
وهو يقول هامسا مرتجفا : لماذا لا نلتقة؟ فتقول: اين وكيف؟
فيقول : فى المقابر غدا عند الغروب ومالت الفتاة على الفتحه تقبل شفتين من حجر،
ومال الفتى على الفتحه يقبل شفتين من رمل....
وعندماغربت الشمس انطلق الفتى الى القبور وتوارى خلف اشجار الورد الابيض..
وراح يعد النجوم اللامعه فيجدها جميعا تزيد عن عشرة وهذا رقم شؤم...
فراح يعد اشجار الورد الابيض فوجدها تزيد عن التسع وهذا رقم شؤم...
فترك المقابر وراح ينظر الى اطراف الغابه فوجد اسدا يشرب من الماء ثم خرج من
الماء واتجه الى قماش اخضر اخذ يعبث بها..
فلما راه الفتى وعرف ان هذا القماش الاخضر هو منديل حبيبته ادرك ان الاسد قد
اكلها فى اول يوم للقائهما.. وانطلق يصارع الاسد ويحطم راسه بسيفه حتى قتله...
وعاد الفتى محطم محطم الجسم والروح ، عاد الى المقابر حيث كان ينتظر حبيبته،
واغمد السيف فى قلبه فتدفق الدم منه، ومالت عليه اشجار الورد الابيض تمتص رحيق
الوفاء من قلبه.
وسقط على الارض جثه هامده الحب جامدة الدم!!
وبعد لحظات نزلت حبيبته من فوق احدى الاشجار البعيده التى تسلقتها فرارا من الاسد
وسقط منها منديلها وهى تجرى...
ورات ان الاسد مازال يتلوى فى الوحل
وارتفع صدرها واطلقت صرخات السعاده ومضت تبحث عن حبيبها وفارسها العظيم.
فوجدت الورود تساقطت على جسده، ورات سيفا داميا يتسلق عليه الدم ويمضى عاليا
ثم يهبط قطرات تتحول الى اوراق حمراء...
وراحت تناديه ولكنه لم يجب فقد شربت الورود دمه
ولم يتحرك فقد اسكن السيف قلبه...
وراحت تقبل شفتين لم تلمسهما قط وانما كانت تراهما من فتحة الحائط وتحلم بهما
وامتدت يدها الى السيف وتطايرت اوراق الورد تقصم كل ورقه بوردتها
وكل ورده بشجرتها
واخذ الدم ينذف من الورود دمعا..
وتوارت الورود وراء الاغصان عندما غمدت الفتاة السيف فى صدرها فتدفق الدم منها
وسقط على وجه حبيبها فتحركت اصابعه وانفتحت عيناه وانفرجت شفتاه ونطق بكلمه
واحده قبلينى...
ولكنها لم تفعل.. وانما اخرجت السيف من صدرها مرة اخرى واغمدته فى قلبها،
واوراق الورد تتعالى، والاشجار تئن، والليل يلفهما فى ردائه الكئيب الاسود..
والنجوم تتساقط عليهما...,
وهوت الفتاة جثه هامده استقرت شفتاها فوق شفتيه وصدرها على صدره، وغطتهما
اوراق الورد الابيض
ونبتت شجرتان من ورد احمر، من قلب الفتى والفتاة.اما السيف فقد تحول الى اشواك تحرص الورد وترعاه...
ومنذ ذلك اليوم والورود الحمراء تحمل ذكرى حبيبين فرقتهما الحواجز العاليه من
التقاليد والحاسدين والشامتين والابوين، وجمعهما عالم بلا فتحات ضيقه ولا فتحات
واسعه، فهو عالم بلا حوائط.. لانه..عالم الموت...
وتقول هذه القصه البابليه القديمه ان الورود الحمراء ستختفى الواحده وراء الاخرى
كلما اختفت دماء المحبين ويوم يصبح الحب بلا عذاب وبلا دماء
تصبح كل الورود بيضاء...
فاذا سرت فى حديقه ورايت ورود حمراء فاعلم ان هنالك رءوساوضعت جنبا الى
جنب فكانت حوائط حجريه تفرق بين قلوب المحبين، وان هذه القلوب تنزف دما ، وان
هذا الدم يتحول الى ورود حمراء شائكه..
ويوم تصبح الورود كلها بيضاء.. يصبح الحب عاطفه بلا عذاب ولا سيوف ولا حواجز
ونحن لا نتمنى لهذا اليوم ان يجىئ لحظه واحده فى حياة انسان ولا ساعه واحده فى
حياة هذا العالم..
لا نتمنى ذلك اليوم التى تفترش فيه الارض والسماوات باوراق الورد الابيض.
.
ولو اننا خيرنا المحبين جميعا بين حب بعذاب وحب بلا عذاب
لتجمعت دماؤهم انهارا وتدفقت على وديان الورد الابيض تسجل عباره واحده
بل الحب والالم!!!
ودى
